بعد أن طمأن الله المؤمنين المأمورين بالإنفاق يوضح الله لنا مسألة الشفاعة التي وردت في الآية في قوله ( .. من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة...) فيأتي الرد : من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه.
فإذا كان الشفيع يأتي كمحام عن المتهمين ويبرز أدلة غابت عن القضية ليلتمس البراءة لموكليه فالله تعالى محيط بعلمه يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يستدرك أحد على العزيز العليم ، فلو أن هذا الشفيع ادعى أن موكليه لم يفقهوا الإسلام ولذلك لم يهتدوا ، فهذا ليس بعذر ، لأن الله وعد بالهدى من كان معه إيمان الفطرة ( من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون).
فلو كان موقنا بإيمان الفطرة الذي أودعه الله في الأنفس لحدثته نفس باستطلاع أمر الرسول لمعرفة حقيقة ما يدعو إليه ، ولكنه لم يهتم بالأمر ، فلو أحب العلم لاهتدى إلى الذهاب إلى المدرسة.
بقي خاطر واحد ربما قد يخطر على بال هذا الشفيع (إن وجد هذا الشفيع ) وهو أن يحتج بأن الهدى إذا جاء من عند العزيز الحكيم فإنه يلزمه بيانه وإقناع المعنيين بالهدى حتى تستيقنه أنفسهم ، وهل يستدرك أحد على الله العزيز العليم بمثل هذه الحجة !!! سبحانه لا يسبقونه بالقول ولا يعزب عنه أي شيء فيجيب عن هذا بقوله (ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء) ، إذن سيبين الله لهم آياته فيستيقنوها متى وصل الناس إلى المستوى العلمي الذي يؤهلهم لإدراك معناها ، فمعجزة الإسلام فيها شيء من علم الله أبرزه فيها ، فيها حكمة العزيز الحكيم.
إذن فالقضية لا توجد فيها ثغرات يمكن أن يستدرك من خلالها شفيع،
ولكن تبقى شفاعة أخرى أذن بها الله ألا وهي شفاعة الرسل لأممهم ،
ولا يشفع رسول من الرسل لجميع أفراد أمته وإنما يشفع لمن كان مؤمنا ولكن لم يحصل على المعدل الذي يدخله الجنة ، فإذا كان حسن السيرة والسلوك ويحب الله ورسوله فإن رسوله يأذن له الله أن يشفع له فيدخل الجنة .
يتبع