منها : ما يفعله القارئ في قراءته على تلك الهيئة المذمومة شرعاً والترجيع كترجيع الغناء ، وقد تقدم بيان ذلك .
الثاني : أن فيه قلة أدب وقلة احترام لكتاب الله عز وجل .
الثالث : أنهم يقطِّعون قراءة كتاب الله تعالى ويقبلون على شهوات نفوسهم من سماع اللهو بضرب الطار والشبابة والغناء والتكسير الذي يفعله المغني وغير ذلك .
الرابع : أنهم يظهرون غير ما في بواطنهم وذلك بعينه صفة النفاق وهو أن يظهر المرء من نفسه شيئا وهو يريد غيره اللهم إلا فيما استثني شرعاً ؛ وذلك أنهم يبتدئون القراءة وقصد بعضهم وتعلق خواطرهم بالمغاني .
الخامس : أن بعضهم يقلل من القراءة لقوة الباعث على لهوه بما بعدها وقد تقدم .
السادس : أن بعض السامعين إذا طول القارئ القراءة يتقلقلون منه لكونه طول عليهم ولم يسكت حتى يشتغلوا بما يحبونه من اللهو ، وهذا غير مقتضى ما وصف الله تعالى به أهل الخشية من أهل الإيمان لأنهم يحبون سماع كلام مولاهم لقوله تعالى في مدحهم { وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين } فوصف الله تعالى من سمع كلامه بما ذكر وبعض هؤلاء يستعملون الضد من ذلك فإذا سمعوا كلام ربهم عز وجل قاموا بعده إلى الرقص والفرح والسرور والطرب بما لا ينبغي فإنا لله وإنا إليه راجعون على عدم الاستحياء من عمل الذنوب يعملون أعمال الشيطان ويطلبون الأجر من رب العالمين ، ويزعمون أنهم في تعبد وخير ويا ليت ذلك لو كان يفعله سفلة الناس ولكن قد عمت البلوى فتجد بعض من ينسب إلى شيء من العلم أو العمل يفعله وكذلك بعض من ينسب إلى المشيخة أعني في تربية المريدين وكل هؤلاء داخلون فيما ذكر .
ثم العجب كيف خفيت عليهم هذه المكيدة الشيطانية والدسيسة من اللعين ، ألا ترى أن شارب الخمر إذا شربه أول ما تدب فيه الخمرة يحرك رأسه ساعة بعد ساعة فإذا قويت عليه ذهب حياؤه ووقاره لمن حضره وانكشف ما كان يريد ستره عن جلسائه .
فانظر رحمنا الله وإياك إلى هذا المغني إذا غنى تجد من له الهيبة والوقار وحسن الهيئة والسمت ويقتدي به أهل الإشارات والعبارات والعلوم والخيرات يسكت له وينصت فإذا دب معه الطرب قليلا حرك رأسه كما يفعله أهل الخمرة سواء بسواء كما تقدم ، ثم إذا تمكن الطرب منه ذهب حياؤه ووقاره كما سبق في الخمرة سواء بسواء فيقوم ويرقص ويعيط وينادي ويبكي ويتباكى ويتخشع ويدخل ويخرج ويبسط يديه ويرفع رأسه نحو السماء كأنه جاءه المدد منها ويخرج الرغوة أي الزبد من فيه وربما مزق بعض ثيابه وعبث بلحيته .
وهذا منكر بيِّن ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن إضاعة المال ولا شك أن تمزيق الثياب من ذلك هذا وجه .
الثاني : أنه في الظاهر خرج عن حد العقلاء إذ أنه صدر منه ما يصدر من المجانين في غالب أحوالهم .
" المدخل " ( 2 / 5 -7 ) .
ج. قالت اللجنة الدائمة :
إقامة احتفال بمناسبة مولده صلى الله عليه وسلم لا يجوز لكونه بدعة محدثة لم يفعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا خلفاؤه الراشدون ، ولا غيرهم من العلماء في القرون الثلاثة المفضلة .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 3 / 2 ) .
د. سئل الشيخ ابن باز : هل يحل للمسلمين أن يحتفلوا في المسجد ليتذكروا السيرة النبوية الشريفة في ليلة 12 ربيع الأول بمناسبة المولد النبوي الشريف بدون أن يعطلوا نهاره كالعيد؟ واختلفنا فيه ، قيل : بدعة حسنة ، وقيل : بدعة غير حسنة ؟
فأجاب :
ليس للمسلمين أن يقيموا احتفالا بمولد النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة 12 من ربيع الأول ولا في غيرها ، كما أنه ليس لهم أن يقيموا أي احتفال بمولد غيره عليه الصلاة والسلام؛ لأن الاحتفال بالموالد من البدع المحدثة في الدين؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحتفل بمولده في حياته صلى الله عليه وسلم وهو المبلغ للدين والمشرع للشرائع عن ربه سبحانه وتعالى ولا أمر بذلك ولم يفعله خلفاؤه الراشدون ولا أصحابه جميعا ولا التابعون لهم بإحسان في القرون المفضلة ، فعلم أنه بدعة ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " متفق على صحته ، وفي رواية مسلم - وعلقها البخاري جازما بها - : " من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد " .
والاحتفال بالموالد ليس عليه أمره صلى الله عليه وسلم بل هو مما أحدثه الناس في دينه في القرون المتأخرة فيكون مردودا ، وكان عليه الصلاة والسلام يقول في خطبته يوم الجمعة : " أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة " رواه مسلم في صحيحه ، وأخرجه النسائي بإسناد جيد وزاد : " وكل ضلالة في النار " .
ويغني عن الاحتفال بمولده صلى الله عليه وسلم تدريس سيرته عليه الصلاة والسلام وتاريخ حياته في الجاهلية والإسلام في المدارس والمساجد وغير ذلك ، ويدخل في ذلك بيان ما يتعلق بمولده صلى الله عليه وسلم وتاريخ وفاته من غير حاجة إلى إحداث احتفال لم يشرعه الله ولا رسوله ولم يقم عليه دليل شرعي . .
والله المستعان ونسأل الله تعالى لجميع المسلمين الهداية والتوفيق للاكتفاء بالسنة والحذر من البدعة . " فتاوى الشيخ ابن باز " ( 4 / 289 ) .
والله أعلم.
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
http://www.islam-qa.com/ar/ref/7505/الرغائب