حفنة تراب
أفنان إبراهيم
عجبتُ له كيف يمشي على الأرض؟! أحسست كما لو أن الأرض تهتزُّ من تحتِه، وتقول له: كفى يا عبدَ الله، خفِّف الوطء، امشِ برفق، ما بالك تمشي عليَّ وكأنك ما عرفتَ من أنا؟! أنت مني، ويحك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولاً.
لو فكَّر يومًا بما قد يكون ما يمشي عليه.
هنا وهناك من حولنا الكثير ممن عاشوا وماتوا، لا ندري كيف عاشوا ولا كيف ماتوا.
علني الآن وأنا جالسة أكتب ما أكتب، هي ذا بجانبي حفنة تراب، فكِّروا معي بما قد تكون، هي نوع من أنواع تلك الصخور المنتشرة على وجه البسيطة، حَدَثَ لها ما حدث إلى أن أصبحت ترابًا، أو ربما هي من أولئك الذين ماتوا منذ زمن ليس بقريب، ثم تحوَّلتْ أجسادهم إلى تراب.
كان يومًا إنسانًا يمشي كما تمشي الآن أنت على الأرض، وربما كان ممن يمشُون بخُيلاء وقسوة عليها، وربما هو ممن أغضبها يومًا بتصرفاته وأفعاله.
دعوتي لكم أن تمشوا برفق على الأرض، لا تحقروها، لا تحقروا ذرَّاتِ التراب تلك المتناثرة من حولكم؛ فيومًا ما - طال الزمان أو قَصُر - ستكونون جزءًا منها.
تواضعْ، أحبَّ الناس، ساعدْهم، أحسَّ بمعاناتهم، كن كما أمر الله: خيِّرًا، طيِّبًا، طاهر النفس، ليِّن الجانب، صادق القول والفعل.
رحمني الله وإياكم.