ومن الرؤيا الظاهرة ما رواه ابن أبي الدنيا في كتاب «من عاش بعد الموت» عن أبي مسعود الجريري قال: ذكر شيخ في مسجد الأشياخ كان يحدثنا عن أبي قال: بينما نحن حول مريض لنا إذ هدأ وسكن حتى ما يتحرك
منه عرق فسجيناه وأغمضناه وأرسلنا إلى ثيابه وسدره وسريره فلما ذهبنا نحمله لنغسله تحرك فقلنا: سبحان الله ما كنا نراك إلا قد مت، قال: فإني قد مت وذهب بي إلى قبري فإذا إنسان حسن الوجه طيب الريح قد وضعني في لحدي وطواه بالقراطيس، إذ جاءت إنسانة سوداء منتنة الريح فقالت: هذا صاحب كذا، وهذا صاحب كذا، أشياء والله أستحي منها كأنما أقلعت عنها ساعتئذ. قال: قلت: أنشدك أن تدعني وهذه، قالت: انطلق نخاصمك قال: فانطلقنا إلى دار فيحاء واسعة وفيها مصطبة كأنها من فضة في ناحية منها مسجد ورجل قائم يصلي فقرأ سورة النحل فتردد في مكان منها ففتحت عليه فانفتل فقال: السورة معك؟ قلت: نعم، قال: أما إنها سورة النعم، قال: ورفع وسادة قريبة منه فأخرج صحيفة فنظر فيها فبدرته السوداء فقالت: فعل كذا وفعل كذا، قال: وجعل الحسن الوجه يقول وفعل كذا وفعل كذا، يذكر محاسن، قال: فقال الرجل: عبد ظالم لنفسه لكن الله تجاوز عنه، لم يجئ أجل هذا بَعْدُ، أجل هذا يوم الاثنين، قال: فقال لهم: انظروا فإن متُّ يوم الاثنين فارجوا لي ما رأيت. وإن لم أمت يوم الاثنين فإنما هو هذيان الوجع، قال: فلما كان يوم الاثنين صح حتى بعد العصر ثم أتاه أجله فمات، وفي هذا الحديث: فلما خرجنا من عند الرجل قلت للرجل الحسن الوجه الطيب الريح: ما أنت؟ قال: أنا عملك الصالح، قلت: فما الإنسانة السوداء المنتنة الريح، قال: ذلك عملك الخبيث.