ومن الرؤيا الظاهرة رؤيا أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنهما أن رسول الله سيتزوجها، وقد جاء ذلك في قصة طويلة ذكرها الحاكم في المستدرك في «ذكر أم حبيبة بنت أبي سفيان» من كتاب «معرفة الصحابة» ففيه أن أم حبيبة رضي الله عنها قالت: أرى في النوم كأن آتيًا يقول لي يا أم المؤمنين ففزعب وأوّلتها أن رسول الله يتزوجني، قالت: فما هو إلا أن انقضت عدتي فما شعرت إلا برسول النجاشي على بابي يستأذن فإذا جارية له
يقال لها أبرهة كانت تقوم على ثيابه ودهنه فدخلت علي فقالت: إن الملك يقول لك إن رسول الله كتب إليّ أن أزوَّجك، فقلت: بشرك الله بخير، وقالت: يقول لك الملك وكلي من يزوجك، وذكرت القصة. ورواه ابن سعد في "الطبقات" بنحوه.
ومن الرؤيا الظاهر رؤيا المرأة التي حلفت أن الله لا يعذبها وقد ذكرها الحاكم في المستدرك بإسناده عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب قال: اجتمع نساء من نساء المؤمنين عند عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها فقالت امرأة منهن: والله لا يعذبني الله أبدًا إنما بايعت رسول الله على أن لا أشرك بالله شيئًا ولا أسرق ولا أزني ولا أقتل ولدي ولا آتي ببهتان أفتريه بين يدي ورجلي ولا أعصيه في معروف وقد وفيت. قال: فرجعت إلى بيتها فأتيت في منامها فقيل لها: أنت المتألية على الله تعالى أن لا يعذبك فكيف بقولك فيما لا يعنيك ومنعك ما لا يغنيك، قال: فرجعت إلى عائشة رضي الله عنها فقالت لها: إني أُتيت في منامي فقيل لي كذا وكذا وإني أستغفر الله وأتوب إليه، ورواه البيهقي في "دلائل النبوة" مختصرًا.
ومن الرؤيا الظاهرة قصة ثابت بن قيس بن شماس رضي الله عنه بعد موته وقد روى قصته الطبراني في "الكبير" عن عطاء الخراساني قال: قدمت المدينة فسألت فسألت عمن يحدثني بحديث ثابت بن قيس بن شماس فأرشدوني إلى ابنته فسألتها -فذكر الحديث عنها وفيه- فلما استنفر أبو بكر رضي الله عنه المسلمين إلى أهل الردة واليمامة ومسلمة الكذاب سار ثابت بن قيس فيمن سار فلما لقوا مسيلمة وبني حنيفة هزموا المسلمين ثلاث مرات فقال ثابت وسالم مولى أبي حذيفة: ما هكذا كنا نقاتل مع رسول الله فجعلا لأنفسهما حفرة فدخلا فيها فقاتلا حتى قُتِلا، قالت: وأُري رجل من المسلمين ثابت بن قيس في منامه فقال: إني لما قتلت بالأمس مَرَّ بي رجل من المسلمين فانتزع مني درعًا نفيسة ومنزله في أقصى العسكر وعند منزله فرس يستنّ في طِوَله وقد أكفأ على الدرع برمة وجعل فوق البرمة رَحْلاً وائت خالد بن الوليد فليبعث إلى درعي فليأخذها فإذا قدمت على خليفة رسول الله فأعلمه أن علي من الدين كذا، ولي من المال كذا، وفلان من رقيقي عتيق، وإياك أن تقول هذا حُلْم.
فتضيعه، قال: فأتى خالد بن الوليد فوجه إلى الدرع فوجدها كما ذكر، وقدم على أبي بكر رضي الله عنه فأخبره فأنفذ أبو بكر رضي الله عنه وصيته بعد موته، فلا نعلم أن أحدًا جازت وصيته بعد موته إلا ثابت بن قيس بن شماس رضي الله عنه. قال الهيثمي: وبنت ثابت بن قيس لم أعرفها وبقية رجاله رجال الصحيح والظاهر أن بنت ثابت بن قيس صحابية فإنها قالت سمعت أبي والله أعلم.
وروى الطبراني أيضًا من طريق ثابت عن أنس رضي الله عنه أن ثابت بن قيس رضي الله عنه جاء يوم اليمامة وقد تحنط ونشر أكفانه فقال: اللهم إني أبرأ إليك مما جاء به هؤلاء وأعتذر مما صنع هؤلاء فقتل وكانت له درع فسرقت فرآه رجل فيما يرى النائم فقال: إن درعي في قدر تحت الكانون في مكان كذا وكذا وأوصاه بوصايا فطلبوا الدرع فوجدوها وأنفذوا الوصايا. قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح.