لقد جاء الاسلام رحمة للعالمين فلن يقبل من اتباعه افرادا وجماعات ان يهيموا على وجوههم معتنقين آراء الآخرين دون روية وتفكير فهو ينهى عن الجمود الفكري وينفر منه ويذم التقليد الاعمى لما فيه من تعطيل لنعمة العقل ومسخ لآدمية الإنسان وهدم لمقومات شخصيته فهو يجعل الإنسان مخلوقا اشبه بالقرود التي تحاكي الآخرين دون وعي او تدبر ..والتقليد الأعمى ضعف لا يدل على قوة ولا يوحي بعزة انما هو عنوان للخمول والبلادة ومقدمات للفساد والضياع فمامن امة عاشت تقلد غيرها دون تمييز بين ما ينفعها وما يضرها الا ضاعت هيبتها واستشرى الفساد في كيانها..
لقد حرص الاسلام على تكوين الشخصية المتحررة القوية التي تعتز بنفسها وتثق بخالقها ومواهبها وتحافظ على استقلالها فلا تكون ذيلا لاحد ولا ظلا لشخصية اخرى وبذلك يتميز الفرد المسلم بالعزة والمنعة والقوة والمهابة .. والمتأمل لكتاب الله يجد الكثير من آياته ترشده الى اعمال العقل وتحثه على الانطلاق بالعقل من جموده على عقائد خاطئة موروثه او تقاليد بالية ليس فيها من الحق او الخير شئ لتحقيق الشخصية المتميزة التي تكون لنفسها رأيا صائبا في الحياة تطمئن اليه.. من خلال استخلاصها الحقائق بالتمييز بين الأشياء بعد البحث والتمحيص والنظر بالأدلة والبراهين تأخذ الاحسن وتدع غيره .. فعقل الشئ هو معرفته بدلائله وفهمه باسبابه ونتائجه ..
وهذا رسول الله ينهى المسلمين عن آن يكونوا امعات يشبهون بالدابة الطيعة التي تسير وراء من يقودها دون تردد او جموح فيقول (( لا يكن احدكم امعه يقول انا مع الناس آن احسن الناس احسنت وان أساءوا أسأت ..ولكن وطنوا انفسكم آن احسن الناس آن تحسنوا وان أساءوا تجنبوا اساءتهم ))
فما احرى ابناء المسلمين اليوم وهم يتطلعون الى استرداد مكانتهم القيادية آن يستجيبوا لما امرهم دينهم به فيتبصروا عند تكوينهم آرائهم ولا يتبعوا كل ناعق ولا يقلدوا كل ما يفد اليهم من الغرب والشرق من نظريات وعادات وسلوكيات لا تتناسب وتعاليم دينهم ولا تنسجم مع حياتهم ولا يخدعوا بقشور براقه يظنها المخدوعون حضارة وتقدما وما هي في الحقيقة الا تفسخ خلقي وفراغ روحي وانطلاق من قيود الإنسانية النبيلة
فإذا عمل ابناء المسلمين بما يوجههم اليه دينهم فأخذوا ما ينفعهم ونبذوا ما يضرهم وساروا في الحياة على هدى وبصيره فإنهم بلا شك سيصلون حاضرهم المتفتح بماضيهم المشرق ليصبحوا ممن قال الله فيهم
( كنتم خير امة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله )