لا يشعر الإنسان حقيقة أنه في حالة استعلاء فوق الدنيا وأهلها وشهواتها ،
إلا على قدر ما يتشربه قلبه من معاني الإيمان واليقين ،
والشعور بقرب الله سبحانه منه ، ورقابته له ،
ومعيته معه ، وصحبته إياه جل جلاله ..!
في تلك الساعة يرف القلب ، وتشف الروح ، وتزكو النفس ،
ويسمو الإنسان سمواً عجيباً ، لا تصفه عبارة ..
ولو لساعة من ساعات يومه أو ليله ..!
ووالله إن اللحظة مثل هذه لتساوي الدنيا بمجموعها ، وأهلها معها ..!!
فكيف والمأمول أن تصبح الساعة ساعتين ، واليوم يومين .. والشهر شهرين ..؟!
بله كيف لو قضى الإنسان عمره على هذه الأرض بمثل هذه المشاعر ..!؟
مثل هذا الإنسان يكون قد دخل الجنة ، وهو بعد يدب على وجه الأرض ، ويمشي بين الناس .. !!
*** - - - - - ***
جمال الزهرة الباهر الفاتن ، يغري النحلة أن تهوي إليها ،
لكنه إغراء مقصود ، مع سبق الإصرار والترصد ..!!
تقول الزهرة للنحلة التي تحوم فوق رأسها : هيت لك ..!
ويبدو أن هذه لا تصدق ! فلا تكاد تسمع ما تسمع ، وترى ما ترى ،
حتى تهوي في لهفة وعلى عجل !!
فإذا حطت على مرادها ، نجحت تلك الزهرة ،
وتشرع في عجل وهي تتبسم ، في تحميل النحلة بحمولة من اللقاح ،
تبعث بها إلى غيرها ، ليتم المقصود من هذا الإغراء العجيب ..!!
قالت الغبية التي تدعي العقل :
وأنا لست سوى زهرة ، أتفنن في صور الإغراء ،
وأقول لكل من أمر به : هيت لك .. ماذا تنتظر ..!
فلماذا رضيتم وأعجبتم بفعل الزهرة ، واعترضتم على فعلي !
قال الكون : وتأبى الحماقة إلا أن ترفع صوتها ، وتطل برأسها ،
وقد أعيت الحماقة قديماً من يداويها ..!!
والعجب هذه المرة أن تزعم الحماقة أنها ذات عقل كبير وعلم غزير !!
وعجبي من زمن الفتن لا ينقضي !
ابو عبد الرحمن