الهجرة
لم تكن قراراً بين عشية و ضحاها ، بل نتيجة لمقدمات طويلة ، و خطة تم الإعداد لها على أعلى مستوى ، لتبقى صالحة للدراسة و استخراج العبر والدروس في تبصر الزمان و الأحداث و الشخصيات و كيفية الاستعداد للتعامل مع المفاجآت ، فلم تُترك مرحلة فيها لمحض صدفة أو العشوائية في المواجهة ، بل كان الاستباق في التخطيط بناء على رؤية متكاملة ،
فمن الإرشاد الحكيم للهجرة لأرض الملك العادل في بداية الحدث ، إلى اختيار الشخصيات وتوزيع الأدوار عليها وفقًا لرؤية ثاقبة، فالصديق لرفقة الطريق، وعليّ رضي الله عنه للتمويه وكسب المزيد من الوقت ، ويبلغ التبصر بالزمان مداه عند اختيار عبد الله بن أُريقط كدليل في الصحراء ، لتتعلم الأمة حسن توظيف الكافر إن كان أهلاً للثقة ، ولتتعلم التفقه في نصرة الله تعالى لهذا الدين بالبرّ والفاجر ، و الكثير من الدروس و العظات.
لا هجرة بعد الفتح ، فقد كانت نتيجة لظرف ، ولكن جهاد و نية ، فالسُنة باقية ،
فهل من الجهاد و النية أن نقف بالبحث و الاستقصاء و الوقوف على الأسباب والبحث عن علاج لهجرة الأدمغة من وطننا العربي ؟
هل من تطبيق السنة الباقية تدارس الهجرة في تاريخ العرب المعاصر اقتصادياً و سياسياً و اجتماعياً حتى نستفيد من التجارب و نبني على ما استجد و لا نكرر الأخطاء ؟
و الهجرة المعنوية ، هل تقف فقط عند هجرة المعاصي والذنوب ؟ ، أم هجرة لمنظومة القيم و الأخلاق ، و تحرير العقل و الوجدان من أسر التجربة الأولى !
هجرة من الصلاح إلى الإصلاح !
هجرة لتحرير الوعي بعيداً عن التمسك بميراث كم أصل فينا زمناً استحالة تغيير الواقع حتى بات ذلك عندنا من المسلمات ،
هجرة بعيداً عن أشواك كم رأينها في عيون الآخرين ، فلعل الأوان قد آن لنهبط إلى أرضنا ..نبحث عن القذى والحصى لنجمعه لنبدأ رحلة من نقد الآخر إلى نقد الذات !
هجرة عن العصبية إلى "و إن هذه أمتكم امة واحدة"
هجرة ، بمناسبة الحديث عن الهجرة ، من هز القرآن إلى مجرد محاولة للوثوق ! انه في زمان الغربة منهج حياة !
من اطلاعاتي