عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 1  ]
قديم 2009-12-11, 8:45 AM
يمامة الوادي
عضو متميز بالمنتدى
الصورة الرمزية يمامة الوادي
رقم العضوية : 7644
تاريخ التسجيل : 19 - 6 - 2005
عدد المشاركات : 43,494

غير متواجد
 
افتراضي الأبناء ووقت الفراغ
الأبناء ووقت الفراغ
نجلاء علي هيكل





كنت أقوم بأعمال المنزل حينما فاجأتني ابنتي وهي في غاية التأثر والحزن، تشتكي من كل شيء، و لا يعجبها أي شيء، غاضبة ثائرة لا تعلم ماذا تفعل؟ فأخواتها يشاهدون الرسوم المتحركة (الكرتون) وهو بالطبع لا يتناسب مع عمرها.

فتأملتها قليلاً وحاولت تمالك أعصابي، واستنشقت هواءً كثيراً ثم قلت لها: بنيتي حبة قلبي، لماذا لا تأتي وتساعديني في أعمال المنزل فأنت الآن آنسة كبيرة، ووجودك معي لمساعدتي سيدخل الفرحة إلى قلبي.

كما أنك ستريحيني من أعباء المنزل قليلاً، ففوجئت بها مسرورة لذلك، وفي المساء وبعد طول تفكير: طرقت لي فكرة أنه لماذا لا نشغل أوقات فراغ أبناءنا معنا في الأعمال الإيجابية، بجوار الهوايات النافعة لهم؛ حتى نستطيع بذلك أن نتحكم في طاقاتهم الداخلية بشكل عملي يتربون عليه منذ الصغر.

فبدلا من أن نترك هذه الطاقة تضيع هباءً؛ نصنع بها شيئا مفيدا ينميهم ويكبرهم على الطاعات والنجاحات الأخرى في الحياة بجانب النجاح الدراسي.

الشباب ووقت الفراغ:
ومما لاشك فيه أنه يوجد في كل إنسان قوى كامنة تتحكم بشكل كبير في تصرفاته وأفعاله، فإذا لم يتم توجيه هذه القوى الهائلة، بشكل صحيح منذ الصغر: سوف تعمل على تدمير عقول أبناءنا.

فالفراغ وبالأخص في أعمار الشباب هو مدمر لقواهم البشرية؛ لأن الشباب في هذه المرحلة لديهم الصحة والوقت، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس ..الصحة والفراغ " .

لذلك على الآباء توجيهها بأسلوب جيد تربوي بما ينفع الشباب ، مثل الرياضة فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : " علموا أولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل " ، "فالعقل السليم في الجسم السليم "، فالعقل إن لم تشغله بما هو مفيد انقلب ضدك سواء على مستوى الصغار أو الكبار، ومن أمثلة الهوايات المهمة التي تعمل على نمو العقل: الرياضة، والقراءة، وبعض الأنشطة الخيرية المفيدة لهذا العمر.

مميزات الرياضة:

" في دراسة أجراها رائد عالم نفس الرياضة (اوجليفي) على عينة تتكون من خمسة عشر ألفاً من الرياضيين أوضحت النتائج أن للتربية البدنية والرياضية التأثيرات النفسية التالية:

1- اكتساب الحاجة إلى تحقيق وإجراء أهداف عالية لأنفسهم وغيرهم، مثل: الحصول على بطولة معينة.
2- الاتسام بالهدوء والطاعة واحترام السلطة.
3- اكتساب مستوي رفيع من الثقة بالنفس؛ بسبب النجاحات المحقة من خلال المكاسب الرياضية، مثل: الفوز في مباراة ما، والتحكم في النفس وضبطها في المواقف التي تدعو للانفعال، انخفاض التوتر، انخفاض مستوى العدوانية " (راجع: الثقة بالنفس م عاطف أبو العيد).

مميزات القراءة:

1.فالقراءة تعمل علي تنمية الوعي الثاقب للفرد، كما أنها أول كلمة أنزلت على سيدنا محمد عليه الصلاةِ والسلام هي اقرأ.

2.اتساع مدارك الفرد على المستوى الاجتماعي والفردي، والخوض في بحور المعرفة من علوم: كعلم الفلك والآثار والبحار والفضاء بالإضافة للعلوم الشرعية بالتأكيد.

3- ملاءمتها لجميع الأعمار في كل الأوقات والأزمان؛ لوجود العديد من الكتب والمجلات التي تتسم بالتنوع لمختلف الأعمار والذوق والمجالات.

4- سهولة الحصول عليها؛ لتوفرها بمبالغ زهيدة، مقارنة بالهوايات الأخرى: كالفنون والموسيقى والأدوات الرياضية التي يفوق أحياناً ثمنها مقدرة الأسرة المادية.

بعض الأعمال الأخرى المفيدة:
1- رعاية دور الأيتام وتفقد أحوالها، حيث أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم " أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة، وأشار إلى السبابة والوسطى" .

وهذه البداية تكون من الآباء، لرعاية هذه الدور حيث من شب على شيء شاب عليه، فحينما يبصر الابن على رعايتنا لهذه الدور، وتقديم المساعدات المالية والعينية والخدمية لهم بدون مقابل سوى مرضاة الله سبحانه وتعالى، سوف يتأصل به هذه العادة فيسعى للاقتضاء بها كيفما فعلنا، معززين ثواب الآخرة على مكاسب الدنيا.

2- الاهتمام بالأقارب من أخوات وإخوان وأعمام وخالات وتقديم المساعدات لهم، سواء أكانت مالية أو خدمية وأيضاً لا نستطيع نسيان رعاية الأجداد والاهتمام بأحوالهم الصحية ورعايتهم، فلقد أراد أحد الصحابة الخروج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في إحدى الغزوات وحينما علم بوجود والديه أخبره بالبقاء معهم ورعايتهم .

3- تحفيظ القرآن للصغار من الأدوار المهمة للشباب، حيث يكون لديهم متسع من الوقت للذهاب إلى المسجد، من خلال دورات يقتسمونها فيما بينهم تحت إشراف أحد الآباء ، لتحفيظ من هم أصغر سناً القرآن.

فهذه بعض النقاط التي أقترحها على الآباء لشغل أوقات فراغ الأبناء، بما هو مفيد، سواء من الناحية الدنيوية أوعمل ينتفعون به في الآخرة.

دور الآباء:
على الآباء تنمية الوعي الديني للأبناء بكافة الطرق، وزرع الثقة بالنفس في الأبناء، من خلال الأعمال الخيرية،لأنهم بهذه الأعمال يدركون النعمة التي أنعم الله سبحانه وتعالى بها عليهم، من مأكل وملبس ومشرب ومسكن وصحة، وتأصيل مبدأ أن الجزاء في الآخرة.

وهي أيضا تعزز الحمد لله على نعمه، وبالطبع عدم الاستسلام لمدمرات عقول الشباب، وذلك من خلال الأغاني، والفيديو كليب الذي له أكبر الأثر في تدمر القوي البشرية والنفسية، وبالأخص في مرحلة المراهقة.

كما أن هذه الأعمال الخيرية تفتح للأبناء أفاقا جديدة للتميز في الحياة في جانب جديد ومختلف عن الجوانب الأخرى الموجودة، و بلا شك أنها تعلم الأبناء الإنتاجية الناجحة منذ الصغر، وذلك كتحفيظ القرآن للأطفال الأصغر سناً.

تعليم الأبناء شكر النعم: حيث بذهابهم لملجأ الأيتام وبقربهم من هؤلاء الأطفال؛ سيلقون الضوء على ما هم به من نعمة، ويجب علينا أن نوجه شكرهم هذا لله سبحانه وتعالى وليس لأنفسنا.

ومن هذه الأنشطة والهوايات يتعلم الأبناء أن النجاح في الحياة يكون نتيجة لبذل المجهود، وبالتالي يكون النجاح هو ثمرة هذا المجهود، وذلك بمعونة من الله سبحانه وتعالى، وهي تأصل بهم أن اليد العليا خيرٌٌ من السفلى، وأن اليد المقدمة للعطاء: أفضل من المستفيدة به وأنها الأسعد حالاً.

كما أنها تعزز في الأبناء النظرة الثاقبة للحياة منذ الصغر، وخلق النظرة الواقعية للحياة؛ حتى لا يفاجؤا بما يوجد بها من تصادمات وصعاب في مستقبل حياتهم وتذكي بهم مبدأ أن: دوام الحال من المحال.



توقيع يمامة الوادي




هل جربت يوماً اصطياد فكرة رائعة !؟
لـتـصوغـهـا فـي داخـلـك
وتـشحـنهـا بنبض قـلـبـك
وتعـطرهـا بطيب بروحك
وتسقـيـهـا بمـاء عـرقـك
حتى تنضج وتصنع منك إنساناً مبدعاً ؟