في كل عيد تكون المشاعر واحدة، فرحة ، بشاشة، سعادة، تفاؤل، أمل، لكنها في هذا العيد اختلطت بين الفرح والحزن، البشاشة والعبوس، السعادة والتعاسة، التفاؤل واليأس.
فرحٌ بعيد أضحى جاء مع هطول أمطار الخير التي من المفترض أن تجعل من الفرح فرحين، وحزن على عشرات، بل مئات الموتى ( الذين ندعو الله أن يتقبلهم شهداء ) ومنهم شهيداتنا اللاتي ذهبن ضحية الإهمال واللا مبالاة من مسؤولين تلقوا معلومات عن هذه الأمطار قبل حدوثها بأسبوعين، فلم يكلفوا أنفسهم إصدار أوامر للمقاولين بتأمين حفريات المشروعات استعدادا لأي طارئ، أو تحذير المواطنين من الخروج ومطالبتهم مغادرة الأماكن الخطرة حتى لو كانت منازلهم.
بشاشةٌ نراها على وجوه الكبار والصغار في مثل هذا العيد، لكننا بدلا من ذلك أصبحنا أول أيام العيد عبوسين مقمطرين لا حديث لنا إلا عن الموت والجثث التي ينتشلها الدفاع المدني من مواقع متعددة ( لاحظوا أنني قلت انتشال الجثث وليس إنقاذ الأرواح) وعن المليارات التي أعلن عنها لمشروعات تصريف مياه الأمطار في عروس البحر الأحمر وعن السنوات الأربع التي عشناها بين حفر مليئة بالشوارع وليس شوارع مليئة بالحفر بحجة " تصريف أموال الدولة " عفوا.. تصريف مياه الأمطار.
كنا نسعد بالعيد لان كل شيء فيه يتغير، بدءا من المظهر الخارجي وانتهاء بالقلوب التي تتلهف للقاء الأحبة والأهل والأصدقاء، غير أن التعاسة في هذا العيد سبقت السعادة، فرغم تغير المظهر، لا تزال جراح القلوب مفتوحة على فراق أحبة كنا إلى قبيل العيد نظن أننا سنكون برفقتهم وسنقضي أجمل الأوقات معهم، فظن البعض أنها مؤامرة مدبرة من الخارج لقتل فرحة هذا العيد لدينا .
كان العيد بالنسبة لنا تفاؤل وأمل لأننا ننسى فيه مآسينا وهمومنا، فنتحول إلى أشخاص ايجابيين بكل ما تعنيه الكلمة، لكن اليأس غلبنا في هذا العيد، يأسٌ من محاسبة المتسببين في مقتل المئات، يأسٌ من إيقاف الفساد الإداري الذي استشرى بشكل كبير في جدة، يأسٌ من وقف هدر أموال الدولة على مشروعات وهمية، يأسٌ من تغيير نظرة بعض المسئولين للمواطنين، يأسٌ من عدم إيجاد كرامة المواطنين التي ضاعت في الفضائيات وبين أحرف الصحف، يأسٌ من أن تكون أمطار جدة في المستقبل خير وبركة فقط.
رحم الله موتانا وموتى المسلمين وأسكنهم فسيح جناته.