الذكريات
إخواني وأخواتي الشباب..
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.. و بعد:
هناك خصيصة لا تعرف إلا إذا فقدت ، و لا تقدر إلا إذا استعذبت !.
فوجود الأب و الأم أو الطفل يشكل نعمة بالغة ، و متعة عالية ،
و مهما كان منهما فإن فقدانهما شيء آخر ، و آحزان لا توصف !
و مرارة التعب ، و مقاساة الألم في الغربة أو التعلم أو المناضلة تحلو
و تجمل و تبهج عند لحظات الانتصار ، و سرور الناس .
و الحياة بهذه تجمل و تصفق للنهاية !
إن تميّز البيت الهانئ بقبلات تبصمها شفاه الأب على الأبناء كل صباح و مساء ،
و عفوية بريئة في المخالطة و المعاتبة و المناصحة و التشجيع .
و تميّز الحي الهادئ بشيوخ ركع ، و شباب خلص مُتَّع ، يتقاسمون الحب ، و يتبادلون الزيارة .
و أن رنين الحياة و عذوبتها يصفو في الأجواء الحلوة الرقيقة الصالحة المؤتمنة و من هنا تتضح
الحاجة إخواني و أخواتي إلى أن يكون لكل منا بصمة تميّزه ، يضيف فيها للحياة لوناً جميلاً
و طعماً خاصاً فريداً ، يُخلط مع الحياة بعفوية يصعب التلذذ بغيرها !
ما أجمل أن يبحث كل منا عن أجمل شيء فيه ، يبعث به للحياة بكل تدفق و حب .
يبحث و لو على أيسر و أسهل ما يمكن أن يقدمه كشيء جميل ، يبحث عن جار بسؤال ،
أو عن محتاج بصدقة ، أو عن محراب لأذان ، أو عن مجلس لحل معضلة ، أو عن طريق لأمر بخير ،
أو نصح رقيق يزيح الشر ، أو ديوانية للتثقيف ، أو مسامرة على رصيف ، في جلسة خفيفة ظريفة
طريفة هادفة .
و يوم يفقد أحد هؤلاء في بيت أو حي ، تقف ذكرياته الجميلة ، صوته ، مواقفه ، بطولته ، رجولته ،
إنسانيته ، مصداقيته ، مؤانسته ، كتمثال تقدير !
إن أثقال الحياة الصعبة لا تفتت بقوة المجزنزرات ، إنما بإذاعة الخيرات ، و نشر الحسنات ،
و صدق التوجهات ، و جمال الذكريات .
على العمري