عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 1  ]
قديم 2009-11-25, 3:35 AM
ملح محلى(أم عبدالملك)
معبرة معتمدة رقم4
الصورة الرمزية ملح محلى(أم عبدالملك)
رقم العضوية : 92121
تاريخ التسجيل : 29 - 10 - 2009
عدد المشاركات : 2,908

غير متواجد
 
افتراضي & الـخـــــــــاتـــــــــم &
هذهـ قصة كتبتها قبل ثلاث سنوات وأتمنى أن تنال إعجابكم

أترككم مع قلمــي:

تبسم الستارة الذهبية عن فجر جديد يطل من النافذة المتوارية خلفا
يغزو نور الصباح عينان تتفتحان بكسل
ترتفع يدان كمن يمارس رياضته الخجلى
يلمع خاتم ذهبي بلون الفضة ووردتان متلاصقتان فيه تذكران بشهر العسل الذي مر عليه سنة حافلة كان نتاجها هذا الصغير الذي يرقد بالجانب على السرير
إنه هو الآخر يتمتم وكأنه يبارك لأمه يومها ببسماته العذبة

- آخ .. يا حبيبي العام في هذا الوقت وأنت نقطة في بطني، أطير بك المسافات البعيدة، وأركب بك القطار، وتقلنا سيارات الأجرة، حتى السفينة تهدهدني كطفل في مهدهـ
- يا وليدي ذكرتني العام وكأنه الساعة، ولا جديد غيرك يا أحلى من كل جديد

* * *
قفزَت من السرير على صوت المنبه الذي عادةً ما تصحو قبله لتغسل آثار النوم ثم ترتدي هندامها وتسرح شعرها
العلبة البنية المتربعة على زاوية التسريحة تسرقها اهتمامها لبعض ما تناثر حولها من الخواتم والسلاسل الذهبية وكأنها تذكرها بوعدها لها أن ترتب هذهـ الفوضى على التسريحة
وذلك الخـــاتم...
ثم نظرَت إلى المرآة قليلا تنورة سوداء، قميص أبيض فيه خطوط رمادية رفيعة، والخاتم الفضي اللون ... إنه مناسب تماما ويكمل تلك اللوحة ساعة فضية وكعب في قدميها أسود وفضي
تعود بعينيها إلى الخـــاتم (خــــاتم الرضــــاوة) الآن...
فقط الآن أستطيع تسميته بهذا الاسم وكأن سجن الاحتقار أفرج عنه أخيراً
لقد زاد الآن في عيني وكأنه اكتشاف جديد

كيف انقلبت هذهـ المشاعر؟ كيف احتقرته العام الماضي وودت لو ألقي به في أرصفة ماليزيا؟

الخـــاتم الذي راضاني به زوجي الحبيب لا زال يذكرني تلك الأيام التي كانت هروبا من حر الرياض ومن وطأة الحمل والوحم، ولكن أي هروب الذي زوّدني بالمتاعب والأنفلونزا المتسلطة في تلك الديار البعيدة الغريبة

الخـــاتم الذي يعكس في لمعانه صورة ذلك اليوم المطير والسماء الرمادية والطرق التي تزداد نحولا بين المباني الخشبية المتراكبة والأشجار المتعالية في زوايا ومرتفعات جزيرة بينانج

السيارة في طريقها لبعض المزارات السياحية بعد أن تناولنا إفطارنا في بهو فندق باردايس (إفطار لزوجي الذي يحب المأكولات البحرية وحيرة وتبرم لمن لا تجد غير الجبن والخبز)

نتوقف أما مصنع الألمنيوم لنرى بعض المنتجات الفاخرة والجميلة والثمينة في نفس الوقت والتي ظلت في نفسي أن أقتنيها...
لكن زوجي لا يرى فيها أي ميزة فأخذ يسخر مني:
- ماذا تقطعين بسكين مزخرفة وبـ 250 رنجت، أو ماذا تقدمين في صحن البرجين التوأم وبـ 500 رنجت؟
- أريدهم ذكرى، تحف، أي شيء ثمين وغريب أرجع به من ماليزيا
- حرام عليك تضيعين فلوسنا في أشياء كهذهـ !

لم أجادل ولكن انسحبت للخارج بهدوء وتعب وغثيان الحمل، يزيدهـ الأسى والغضب... لم لا يشتري لي بعض التحف النادرة والجميلة؟ لماذا لا يفهم أني امرأة ويشدّها كل غريب جميل لا يهم إن كان ثميناٍ أو رخيصاً؟

سائق التاكسي يفتح الباب يذكرني بالركوب، بينما الهدوء الذي يسبق العاصفة والغضب الذي يزمجر داخلي يقيدان رجلي..!

لم ينتبه أحد منهما( زوجي والسائق) لخطوط الضيق التي ارتسمت تحت نقابي !
الصمت مطبق والغضب استنفر قواه، بينما بقية في نفسي تلتمس العذر لزوجي قبل أن تقتلع أمواج الغضب سكينة ووداد حياتنا

لاحظ زوجي الكبت الذي يقاومني وبرود همتي إلى حد رغبتي بالعودة إلى الرياض، فلم يعد شيء يهمني
فقط تخيلت أمي أشكو إليها تمنن زوجي رغم كرمه معي طيلة وجودي معه

- هيا... حبيبتي هذا مصنع الذهب والأحجار الكريمة
قطع بصوته شرودي، ((حبيبتي)) هذهـ الكلمة تلتمس عذراً وسماحاً ممزوجاً بكبرياء الحب

نزلنا من السيارة لنقف أمام مبنى اسمنتي له هيكل كوخ كبير، يستقبلنا موظف ماليزي بعينين مشدودتين وقامة متواضعة ليصحبنا بجولة داخل المبنى وبين عروض الذهب والفضة والأحجار الكريمة
ورغم كل هذا البريق إلا إني لا أبدي ذرة اهتمام ولا أنظر بطرفة عين إلى ما حولي
أمشي مشية من في نيته الهروب منهما

- تفضلي بالجلوس حتى نختار لك شيئا جميلا من هذهـ المعروضات
- (بصوت منخفض) لا أريد شيئا
- اجلسي هنا حبيبتي
كلمته الأخيرة شفعت بالجلوس فجلست ونظرت إلى ما تخيره لي من المعروضات بنظرة فارغة من الاهتمام ويعميها الغضب والتعب

- ما رأيك بهذا الخاتم؟
- ....
- ها؟ ... هل أعجبك؟
- (بامتعاض) زين....
هذهـ الكلمة التي أجامل بها ما لا يروقني عادة

بطيبته التي تكسر كبريائي في كل مرة يلبسني الخاتم ذي الوردتين
- زادت حلاوته في يديك
- ...
- ما رأيك فيه؟
- زين
- خلاص؟ أشتريه لك؟
- طيب

في الحقيقة لا أريده ولكن حكمة تتردد في أذني وصوت أمي (لا تسفهّين رأي زوجك يا بنيتي ولا تردين طلبه ولا تعارضينه في ذوقه.. تكسبينه، وتقدرين فيما بعد تبدين ذوقك وتطلبين ما تشتهين) حكيمة يا ماما ليت كل الأمهات مثلك

يستلم الموظف المال بينما يأخذ زوجي بيدي وكأنه يقول تحسسي الخاتم في أصبعك ألا يعجبك؟؟ وكأنه يريد أن يكسر هذا البرود في ردودي

يمضي ذلك اليوم عديم الطعم لنكمل برنامجنا السياحي، ونعود في المساء إلى الفندق والعشاء البحري عديم الطعم هو الآخر ينتظرنا

أرمي بالخاتم في زاوية الحقيبة وصوت زوجي يتردد صداه (لا تتركين شيئا من ذهبك خارج الخزنة)
ويرد صوت غاضب في نفسي (لم أعد أهتم)

أنتقل إلى الشرفة لعل نسيم البحر يغسل روحي المتوترة، ظهري للغرفة وعيناي مشدودتان لبعض المباني العالية والتي لا زالت في طور البناء

الزمن يتسارع أمامي وأجد نفسي بعد عدة سنوات مع أبنائي أمام تلك المباني - وقد أصبحت جاهزة لاستقبال النزلاء – أحكي لهم ذكرياتنا الحالية

- ما بال الحلوة زعلانة؟
- ....
- يا كثر ما تزعلين؟
- ما زعلت
- أجل
- متضايقة
- من....؟
- تعبانة
- قلت لك نأجل سفرنا بعد الحمل
- لو جلست في الرياض كان الوضع أسوأ
- على كذا لا تطاقين في الحمل !!
- يمكن...!
- الله يعدي ها لشهور على خير
- آمين... بدخل أنام توصي شيء؟
- راحتك وسلامتك
- تصبح على خير


7