عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 1  ]
قديم 2009-11-21, 8:37 PM
يمامة الوادي
عضو متميز بالمنتدى
الصورة الرمزية يمامة الوادي
رقم العضوية : 7644
تاريخ التسجيل : 19 - 6 - 2005
عدد المشاركات : 43,494

غير متواجد
 
افتراضي كَيْفَ نَزِيدُ إِيمَانَنَا
كَيْفَ نَزِيدُ إِيمَانَنَا



خالد بن سعود البليهد


الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد:
فلا شكَّ أن قضية ضعف الإيمان من القضايا المهمة التي تُقلق المؤمنين ، و يشعر المؤمن أحياناً حينما يتأمل في هذا الموضوع بنوع من الألم و نوع من الأسى.

و هناك دواعي للحديث عن هذا الموضوع الخطير الذي له آثار عظيمة على الفرد و المجتمع فمن ذلك:
1- كثير من الناس يشكو من قسوة قلبه.
2- كثرة المعاصي و المنكرات المتفشية في المجتمع.
3- قلة الخشوع و التذوق في العبادات.
4- غلبة الحرص و الشح في النفوس على الأموال.
5- كثرة أمراض القلوب التي يبتلى بها المؤمن.
6- اليأس و القنوط و الحزن من الظروف المعيشية و المصائب.
7- الأنانية و الغرور و الأثرة و الانتصار للنفس لدى بعض المسلمين.
8- انتشار التعصب القبَلي و الجنسي و كذلك البلدي و المذهبي في كثير من طوائف المسلمين.

هذه الأمور تجعل الحديث عن زيادة الإيمان و عن ضعف الإيمان في غاية من الأهمية.

هناك حقيقة إيمانية في هذا الموضوع:
قبل الشروع في بيان أسباب زيادة الإيمان و أحوال المؤمن في ذلك نتكلم عن حقيقة إيمانية في هذا الموضوع ألا وهي : اتفق أهل السنة و الجماعة على أن الإيمان يزيد بالطاعات و ينقص بالمعاصي، قال ابن القيم رحمه الله تعالى: (فإنه بإجماع السلف يزيد (يعني الإيمان) بالطاعة و ينقص بالمعصية). و قد دل على ذلك الكتاب في قوله تعالى:{فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} [التوبة:124] و قد دلت السنة أيضا في جملة من الأحاديث الصحيحة، قال النبي صلى الله عليه و سلم كما ثبت في الصحيحين: (الإيمان بضع و سبعون أو بضع و ستون شعبة فأفضلها قول لا اله إلا الله و أدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان ). وقد وصف النبي صلى الله عليه و سلم المرأة بنقصان الدين كما ثبت ذلك في الصحيح و الأدلة من الكتاب والسنة على هذه الحقيقة كثيرة. ومع ذلك فإن ما دل عليه الشرع مطابق للواقع و مما يستأنس به حساً أن المؤمن إذا عمل طاعة و اشتغل بذكر و أنفق صدقة أو غير ذلك من الصالحات شعر ذلك اليوم بلذة نفسية و انشراح في الصدر يعني أن هذا الأمر لا ينكره إلا مكابر.

الحديث عن حقيقة نفسية قلبية في هذا الموضوع:
فقد دلت النصوص الشرعية على أن الإيمان له لذة وحلاوة يجدها المؤمن في قلبه و روحه يأنس بها و يستروح بها ، و يتلذذ بها ، و يسكن إليها قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: (ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان : أن يكون الله ورسوله أحب إليه من ما سواهما ، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار) رواه البخاري، و في صحيح مسلم قال النبي صلى الله عليه و سلم: (ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا، وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا). و قد أشار القرآن إلى هذا المعنى في بعض من الآيات كما في قوله تعالى: {قل بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ }[يونس:58]، قال بعض السلف من أصحاب ابن عباس: (فضل الله الإيمان و رحمته القرآن). وهذه اللذة العجيبة لا تعدلها لذة في الدنيا و لا يجدها أرباب الأموال و القصور و النساء و غيرها من متاع الدنيا الزائل لأنها لذة ربانية ناشئة عن نور الإيمان متصلة بأشرف محبوب هو الله وأشرف نعيم وهو رؤية الله و دار كرامته.

إخواني في الله و هذه اللذة أصلها في القلب و تظهر جلياً في الوجه و الجوارح فتزيده بهاءً وهيبةً و نوراً و حُليةً ، كما أن المعصية و الغفلة تظهر على المُحيا والوجه بالظلمة و الذلة و التعاسة ، كما قال الحسن البصري رحمه الله في قولته الشهيرة : (وإن طقطقت بهم البغال وهملجت بهم البراذين، فإن ذل المعصية لا يفارق قلوبهم، أبى الله إلا أن يذل من عصاه).

المؤمن يعرض له ضعف الإيمان:
فقد دلت النصوص الشرعية على أن المؤمن مهما كمل إيمانه فقد يعرض له ضعف إيمان ونزول في مستوى الإيمان بسبب ذنب يلم به ، أو غفلة تحصل له أو دنيا يفتتن بها أو مخالطة الأهل والعيال أو مصاحبته لأهل الدنيا فيما لا بد منه. قال الله تعالى في وصف المؤمنين الكُمل: {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ }[النجم:32]، و قد اختلف المفسرون في هذا الاستثناء على وجهين:
الوجه الأول: المعنى أن يلم بالكبيرة مرة أو مرتين ولا يداوم على فعلها.
الوجه الثاني: المقصود باللَّمَمَ في الآية، أن يقعوا في صغائر الذنوب.
وقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( كل بني آدم خطاء و خير الخطائين التوابون ) رواه الترمذي، وفي الصحيح أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( لو لم تذنبوا لأتى الله بقوم يذنبون، ثم يستغفرون،ثم يذنبون، ثم يستغفرون ثم يقول الله لهم افعلوا ما شئتم فقد غفرت لكم ). يعني ما دمتم على الاستغفار و التوبة. فهذا يدل على أن المؤمن قد يعرض له ضعف الإيمان. ولا ضير في هذا مادام أنه لم يغلب على أحوال المؤمن، بل كان الغالب عليه زيادة الإيمان و الاستكثار من الصالحات بل تنقلب المعصية في حقه إلى حسنة و رفعة في الدرجات و تكفير السيئات ، إنما المذموم شرعاً أن تغلب عليه السيئات و التهاون في القيام بحق الله و حقوق الخلق حتى يكون مقصراً فاسقا هاتكا لستر الله مستخفا بعذاب الله آمنا من عذاب الله والعياذ بالله.
و الحاصل أن المؤمن له حالتان:
الحالة الأولى: أن يكون كثير الأَوْبة والتوبة والندم و أن يغلب عليه العمل الصالح مع وقوعه في شيء من الذنوب وهذه الحال أكمل.
الحالة الثانية: أن يكون المؤمن مسرفاً على نفسه بالذنوب و السيئات مغتراً مغروراً بالأماني والعياذ بالله متكلا على رحمة الله و رجائه و هذه هي أسوءُ الحالتين.


توقيع يمامة الوادي




هل جربت يوماً اصطياد فكرة رائعة !؟
لـتـصوغـهـا فـي داخـلـك
وتـشحـنهـا بنبض قـلـبـك
وتعـطرهـا بطيب بروحك
وتسقـيـهـا بمـاء عـرقـك
حتى تنضج وتصنع منك إنساناً مبدعاً ؟