قراءة وقراءة ..!!
- - - - - - - - -
كما أنك تقرأ بعينيك حروفاً وألفاظاً مسطورة في كتاب ، فتعرف مراد كاتبها منها ،
وقد تقضي معها وقتاً ماتعا ، ولا تزال خلال ذلك تلتقط فوائدها ودررها ..
كذا شأن المؤمن العاقل وهو يدير بصره في أرجاء هذا الكون الفسيح ،
لا يزال يقرأ بعيني قلبه سطور المعاني ، في كل مشهد تقع عليه عيناه ،
ولا يزال يلتقط درر المعاني ، ولطائفها وعجائبها ،
فإذا هو في تلك اللحظة المميزة ، في جنة معجلة ،
قطوفها دانية ، وثمارها يانعة ، وبركتها وفيرة !!
ولا يزال في قراءة تتجدد مع كل مشهد ، ومتعة تتجدد أيضا في كل مرة ..!
لك أن تتخيل إنساناً تفرغ ليقرأ ويتابع في كتب العلماء ، في اختصاص ما ،
ولا يزال يقرأ ويتابع حتى يصير عالماً متبحراً في تخصصه ذاك ..
هذه بديهية ، أليس كذلك ...!!
فما القول إذن في إنسان لا يزال يعيد قراءة المعاني ، المبثوثة في كل مشهد يمر به ،
ألا تزداد معرفته بربه سبحانه ، وتربو وتعظم ،
ثم تفيض على جوارحه وسلوكه وحياته ،
بل وتفيض على لسانه في مجالسه حيثما حل وارتحل ؟
ألا إنها لشجرة مباركة ، شجرة المعرفة ، تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ..!
كلما استقطع الإنسان من وقته ، ليتفكر في هذه الآيات التي لا يحصيها إلا خالقها ،
بقي قلبه مبهوراً أمام تجليات الأسماء والصفات ،
ولا يزال يقلب فكره في عجائب وغرائب ، ودقائق وأسرار وحكم ، ولطائف وطرائف ،
فجعل لسانه بل وخفقات قلبه تردد :
ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك ، فقنا عذاب النار ..!
ألا قد انفتح لك الطريق ، فلا يبقى إلا أن تشمر وتهرول ،
وتنافس المتنافسين في هذا الطريق السالك نحو الفردوس ..!
إن معرض الكون البديع العجيب المثير المتجدد ، مفتوح آناء الليل وأطراف النهار ،
لا يغلق أبوابه إلى قيام الساعة ..
ولكن أكثر الناس يمرون على هذه الآيات كأنهم صم بكم عمي ..!
نسأل الله سبحانه ، أن يقبل بقلوبنا عليه .
ابو عبد الرحمن