عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 2  ]
قديم 2005-06-17, 11:16 AM
ديمة
عضو مشارك
رقم العضوية : 226
تاريخ التسجيل : 12 - 8 - 2004
عدد المشاركات : 196

غير متواجد
 
افتراضي
انطلقت الحضارة المادية المعاصرة في الأصل من بوتقة الحضارة الإسلامية‏,‏ ولكن علي مغايرة من حضارة المسلمين‏,‏ فإن الغرب بني حضارته علي أساس من المادية البحتة‏,‏ فنبذ الدين‏,‏ ووقف موقف المنكر لقضية الإيمان بالله‏,‏ وملائكته‏,‏ وكتبه‏,‏ ورسله‏,‏ واليوم الآخر‏,‏ الرافض لكل أمر غيبي‏,‏ في عداء صريح‏,‏ واستهجان أوضح‏,‏ فتنكب الطريق‏,‏ وضل ضلالا بعيدا ـ علي الرغم من القدر الهائل من الكشوف العلمية‏,‏ والانجازات التقنية المذهلة التي حققها‏,‏ والتي يمكن أن تكون سببا في دماره في غيبة الالتزام الديني والروحي والأخلاقي‏,‏ وصدق الله العظيم الذي أنزل من قبل ألف وأربعمائة سنة قوله الحق‏:‏
فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتي إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون‏,‏ فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين‏(‏ الأنعام‏:44‏ ـ‏45).‏
وبنبذ الإيمان بالله‏,‏ وصلت المجتمعات الغربية الي مستوي متدن من التحلل الأخلاقي‏,‏ والانهيار الاجتماعي‏,‏ ومجافاة الفطرة التي فطر الله الخلق عليها‏,‏ في وقت ملكت فيه من أسباب الغلبة المادية ما يمكن أن يعينها علي الاستعلاء في الأرض‏,‏ والتجبر علي الخلق‏,‏ ونشر المظالم بغير مراعاة لرب أو مخافة من حساب‏,‏ مما يمكن أن يهدد البشرية بالفناء‏...!!‏
ولاتزال المعارف الإنسانية بصفة عامة‏,‏ والعلمية منها بصفة خاصة‏,‏ تكتب الي يومنا هذا‏,‏ من منطلقات مادية صرفة‏,‏ لا تؤمن إلا بالمدرك المحسوس‏,‏ وتتنكر لكل ما هو فوق ذلك‏,‏ فدارت بالمجتمعات الإنسانية في متاهات من الضياع‏,‏ ضلت وأضلت‏,‏ علي الرغم من الكم الهائل من المعلومات التي تحتويها‏,‏ وروعة التقنيات التي أنجزتها‏.‏
وكان ضلال الحضارة المادية المعاصرة أبلغ ما يكون في القضايا التي لايمكن اخضاعها لإدراك الإنسان المباشر‏,‏ من مثل قضايا الخلق والإفناء والبعث‏(‏ خلق الكون‏,‏ خلق الحياة‏,‏ خلق الإنسان‏,‏ ثم إفناء كل ذلك وإعادة خلقه من جديد‏),‏ وهي من القضايا التي إذا خاض فيها الإنسان بغير هداية ربانية فإنه يضل ضلالا بعيدا‏,‏ وصدق الله العظيم إذ يقول في الرد علي هؤلاء الظالمين من الكافرين والمشركين والمتشككين من الجن والإنس‏:‏
ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم وما كنت متخذ المضلين عضدا‏(‏ الكهف‏:51).‏
وعلي الرغم من تأكيد القرآن الكريم أن أحدا من الجن والإنس‏,‏ لم يشهد خلق السماوات والأرض‏,‏ ولا خلق نفسه‏,‏ فإنه يؤكد ضرورة التفكر في خلق السماوات والأرض‏,‏ وخلق الحياة لأن ذلك من أعظم الدلائل علي طلاقة القدرة الإلهية‏,‏ وكمال الصنعة الربانية‏,‏ وعلي كل من حتمية الآخرة وضرورة البعث والحساب والجنة والنار‏,‏ وذلك لأن الخالق‏(‏ سبحانه وتعالي‏)‏ قد ترك لنا في صخور الأرض وفي صفحة السماء ما يمكن أن يعين الإنسان علي فهم قضيتي الخلق والبعث‏,‏ بالرغم من محدودية قدراته الذهنية والحسية‏,‏ واتساع الكون وضخامة أبعاده وتعقيد بنائه‏,‏ وكذلك تعقيد بناء الجسد الإنساني وبناء خلاياه‏,‏ وهي صورة رائعة لتسخير الكون للإنسان‏,‏ وجعله في متناول إدراكه وحسه‏.‏


توقيع ديمة
اللهم صلى وسلم على خير البشر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.