السلام عليكم ورحمة الله وبركاته....
أخيتي الكريمة غلا الغربية.. أمعني جيداً وعِي كل كلمة كتبها لك الدكتور/فهد العصيمي جزاه الله خيرا فهي درر وجواهر لو تمعنت فيها جيدا، واقلعي عما أنت عليه وتوبي إلى الله بأسرع ما يمكن حتي لا يأتيك الأجل وأنت بهذا الحال، فالفراغ والشباب والصحة له دور كبيرررررر في غواية الإنسان للأسف..
ولقد نصح الدكتور وأخلص لك في النصح، جزاه الله خيراً.
أختي الغالية: فكري جيداً واعملي لغدك، فأنا وأنت وكلنا ما نحن إلا عابري سبيل.. لا تربطي سعادتك بوظيفة أو بالخروج إلى نزهات، فلا تجعلي هذا همك وغايتك لإشباع هوى النفس فوالله إنها لا تشبع، وما خُلقنا لهذا؛ ولا تنسي بأن هناك سكرات الموت والسؤال في القبر والحساب والميزان ..الخ.
فما نحن قائلون! فلم نخلق عبثا..
يغدق الله علينا النعم ونقابل ذلك بالكفران..
سأتحدث مما ذكره شيخنا الفاضل عن الصحة فقط...
لقد فقدت صحتي لعدة ايام ولكنها والله كانت كأنها دهور!!
قبل سنوات قلائل سافرت مع والدتي إلى بلد غير بلدي في مهمة وكنت سعيدة بهذه الرحلة التي سأغير فيها الجو وأتمتع بالسياحة واستلذ بما فيها من جمال الطبيعة ..الخ.. ولكن أُصبت بمرض لم يكن على بال؛أقعدني الفراش ليال وأيام، وأخذ مني حلاوة الصحة ونعمة النوم والراحة والحركة والنطق، كانت الدقيقة تمر وكأنها سنة حتى أني نسيت بأنني كنت قبله أعيش كبقية الناس في أمن وأمان وعافية وسلام، نسيت بأني كنت أتمتع بالحياة كغيري، نسيت بأني كنت ألهو وربما أعصي ربي بإصدار بكلمة ممنوعة أو حركة أو ضحكة أو عمل، فكان ليلي ليلا مظلما مؤلما ثقيلا، لا أرتاح فيه بجلوس ولا قيام ولا نوم ، لم أذق طعماً لا للأكل أو الشرب، ضاقت علي الأرض بما رحبت..
كان الكل ينام آمناً مطمئنا وأنا مستيقظة في ذهول مما أنا فيه فلم أحسب له حسبان؛ يالله ما أضعف الإنسان، كنت مستغربة كيف ينامون وكأني لم أذق النوم في حياتي؛ نسيت كل النعم التي مرت بحياتي،سبحان الله، ما أعظم الصحة، تمنيت أن يغمض لي جفنا حتى أنسى ما أعانيه ولو للحظات ولكن هيهات، فأجهش بالبكاء وأرتمي في أحضان أمي وكأنني طفلة فتستيقظ المسكينة وتُبادلني الأنين والآهات.. أصبحت نزهاتنا إلى المستشفيات، من طوارئ إلى طوارئ، ولكن لم يكن الله عز وجل قد أذن بالشفاء بعد، وكنت أثناء ذهابي أشاهد الشخص الذي يقود السيارة فأتفكر فيه كيف يستطيع قيادة السيارة، إنه جهد كبير! وقد نسيت بأنني عندما كنت في بلدي كنت أقود سيارتي، ولم أشعربأنها نعمة ممكن أن يفكر فيها أحد، ثم أُطرح على السرير في المستشفى؛ فأشاهد الأشخاص يمرون يتحركون يضحكون يتحدثون، وكأنهم لا يمرضون، يا إلهي أين أنا منهم، كنت أشعر بتلك اللحظة فقط؛ نسيت بأنني كنت مثلهم قبل أيام قلائل، فأصبحت أعاني عن غربة أهل وغربة صحة.
كانت أياما عشتها والله لم أفكر بأنها ستمر وسأعود كما كنت، سبحان الله،
الإنسان يعيش لحظته، ينسى بأن هناك ابتلاءات، أمراض، محن، حصول أشياء غير متوقعة...
ولكن وبحمدالله انتهت تلك الأيام وعدت بفضل الله وكرمه وعفوه ورحمته كما كنت..أسأل الله العون والثبات.
أختي: الدنيا دار شقاء وليست دار نعيم، هي دار عمل لا دار جزاء، دار تعب لا دار راحة، فلنعشها كما هي، نرضى بقليلها ونصبر على البلاء، ونشكر على النعم والعطاء، حتى نمر منها بسلام، ونفوز برضوان الله تعالى.
فليست الوظيفة هي مصدر السعادة ولا المال ولا الجاه ولا النزهات، ولكن السعادة تكمن في التقوى والدعاء ومراقبة النفس والرضا بالقضاء، قري في بيتك واطيعي زوجك، اقتلي أوقات فراغك بالطاعات وضيقي مجري الدم بالصيام حتى لا يعينك الشيطان على معصية الرحمن ولا تنسي أن بينه وبين الله تحد إلى يوم الدين، فجاهدي أخيتي ولا تنظري إلى الماضي بل تفائلي بمستقبل مشرق نقي مع الله تتنعمين فيه بالأنس معه..
وأحمدي الله بأن لك زوج وأهل زوج طيبين لكنهم غير ملتزمين كما تقولين، لكن لأنك أنت ملتزمة (خريجة علوم شرعية) فعليك أن توعيهم ما استطعت إلى ذلك سبيلا لا أن تنجرفي معهم فتكوني قد اخترت أسهل الطرق إلى النفس الأمارة بالسوء طريق الغواية والضلال؛ وتركت الطريق السليم الآمن الذي يحتاج إلى بذل الجهد ومراقبة النفس وبه تفوزين برضوان الله ونسيت بأنك داعية؛ نعم كلنا يجب أن نحمل هم الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
أختي تقربي إلى الله بطاعة زوجك وتربية أبنائك فهم والله أمانة في عنقك، علميهم الاسلام وتعاليمه الحسنة، فهذه هي الوظيفة الحقيقة للمرأة وبها تؤجرين وتسعدين وتتبوئين من الجنة منزلا، وأحمدي الله بأن هيأ لك من يسعى لخدمتك وجعلك ملكة في بيتك كأمهاتنا الصحابيات، وعلينا تطبيق شرعنا في كل مراحل حياتنا وشئوننا وليكن همنا الآخرة فهي والله الدار الحق ودار الخلود ومجاورة الرحمن.. ولا تتأثري بما تشاهدين، فمن يكفر بالله أو من لم يطع الله فسيكون مآله بأنه من حطب جهنم أو داخل فيها، والعياذ بالله ، وهذا يكفي.
أسأل الله العلي العظيم أن يريك الحق حقا ويرزقك اتباعه ويريك الباطل باطلا ويرزقك اجتنابه... اللهم آمين.. واعذريني على الإطالة.