http://www.geraldbrimacombe.com/Fran...%20Knossos.jpg
الرجل الكريتي
أولاً / الرجال والنساء :
قِصَارُ القامة نحاف، لدن، رشيقو الحركة، ذوو أناقة رياضية. هذه هي صفات رجال كريت ما قبل الميلاد بثلاثة آلاف عام, وهم بيض البشرة وقت مولدهم؛ وتتلاعب الشمس ببشرتهم وقتما شاءت, وكيفما شاءت, وكان الرجال الذين يسعون في الأرض طلباً للرزق يسمون الفوينقيين (أي أرجواني اللون) لاحمرار وجههم, وكانوا سود العيون والشعر, وبلغ اهتمامهم بأناقتهم بأن أخذوا شفرات الحلاقة معهم إلى قبورهم لكي تبقى وجههم حليقة ونظيفة.
أما لباسهم, فقد كانوا يتركون رؤوسهم غالباً عارية, ومن النادر أن يلبسوا قبعات أو عمائم, وكانوا حفاة أيضاً, فلا ينتعل منهم إلا من ينتمي للطبقات العليا, وكانت أحذيتهم بيضاء مصنوعة من الجلد, ولا يرتدون إلا ما يستر عوراتهم, أما في حفلاتهم فيرتدون ما طال من تنوراتهم وستر , وفي الشتاء يلبسون رداءً خارجياً من الصوف أو الجلد, وكانوا يربطون ملابسهم من الوسط حرصاً على الظهور بكامل أناقتهم الرياضية, وتكتمل الأناقة لدى الكريتيين بلبس الحلي , فالفقير منهم يتحلى بعقد وسوار مكون من حجارة عادية , والغني منهم يلبس القلائد الذهبية , والخواتم الذهبية وصور الحرب والصيد منقوشة عليها .
****
المرأة الكريتية
أما نساء كريت, فبينهن وبين البلطة المزدوجة تشابه كبير (كما رجالهن أيضاً) , فأجسامهن كما هي هذه الأيام تدق من أسفل وأعلى حتى تنتهي في الوسط بدائرة شديدة الضيق, وهنّ بيض الوجه , وإن كانوا في صورهم صفر الوجه , ويرسلنّ شعورهن , وبعضه معقوص فوق رؤوسهم وأعناقهم , وبعضه حلقات حول جباههن , وبعضه الآخر في غدائر تتدلى على أكتافهم أو صدورهم. ويضفنّ إلى ذلك أشرطة في غدائرهن , وكأني أصف امرأة تعيش في هذه السنين ,! .
وأما ملابسهن , كنّ يلبسنّ قبعات تشبه القبعات الكلاسيكية الفخمة , وينتعلنّ أحذيةً مزركشة في أطرافها , ومزينة سيورها بالخرز , وكن يربطن أوساطهن بمشدات ترفع أثدائهن العارية , ولا يرون في ذلك غضاضة , ولباسهن يتسع من الأسفل إلى أن يصل الوسط فيشتد حول الخصر ثم ينفتح فتحة دائرية ثم يعود فينطبق انطباقاً رائعاً حول العنق , وكانت الأكمام قصيرة ومنتفخة , وتزدان التنورات بالثنايا والألوان الزاهية , وكن يلبسن الحلي المصنوعة من الذهب أو العقيق أو الفضة أو جزع أو نحاس أو جمشت , فكانت ملابسهن وحليهن دليل على عظم ورقيّ الحضارة المينوية , بل إن علماء الآثار يطلقون لقب "الباريسية" على المرأة الكريتية.
ولم تكن المرأة الكريتية تحتاج إلى المطالبة بحقوقها , فلم تكن ترضى بحياة العزلة , ولم تلبس الحجاب أو تبقى في الدور , ولم تكن لهن أجنحة خاصة في منازلهن (خدور) بعكس المرأة الشرقية تماماً , وكانت لا شك تقوم بأعمالها من نسج وظفر السلال , وتطحن الحب وتخبز العيش , وفوق ذلك كانت تشارك الرجال في الحقول , وتصنع الفخار , وكانت تختلط بالرجال في الأسواق , وتجلس في المقاعد الأمامية في دور التمثيل وفي حلبات الألعاب , ولما نُحِتَتْ الآلهة كان للنساء النصيب الأوفر , وهذا أوضح دليل على مدى العظمة والمكانة الكبيرة التي وصلت إليها المرأة في الحضارة المينوية .
البلطة المزدوجة
ثانياً / المجتمع :
سنفترض أن كريت في عهدها القديم كانت أشتات عشائر متناحرة ومتحاسدة , وتتقاتل كما تتقاتل التجمعات البشرية في كل مكان , وثم يظهر زعيم قدير فيجمع الأشتات , ويبني قصره العظيم في كنوسس أو فستوس أو غيرهما من المدن , ثم يبدأ في حرب توحيد الجزيرة , فيقضي على مناوئيه , وتصبح كنوسس العاصمة , وتنشئ أسطولها الأول , فتقضي على القراصنة , وتسيطر على بحر إيجة , وتفرض الخراج على جزائره المتناثرة , فتصبح القرصنة عماد الحضارة الاقتصادي , وما من حضارة قامت دون سرقة , أو بدون عبيد , على رأي ديورانت ,!
وكان الملك يستند في سلطانه على ثلاث , الدين , البطش , والقانون , وكان من مهام كهنته تلقين الناس أنه من سلالة فلكانوس Volchanos (زيوس*) , وأنه يتلقى الأوامر منه , ولا شك في أن هذه الصورة من أبشع صور استغلال الحس الديني لدى العوام .
زيوس , عند جبل أولمبيوس .
واتخذ من البلطة المزدوجة , وزهرة الزنبق رمزاً لملكه كما فعلت رومة وفرنسا , وكان يعتمد على وزرائه وخاصته في تصريف شؤون الإمبراطورية , ويجبي الضرائب عينا (أي يأخذ المواد الغذائية بدل النقود) , ومن هذه الموارد يؤدي رواتب العمال عيناً أيضاً , ويقضي وهو جالس على عرشه في القصر في القضايا التي تحتاج إلى البتِّ فيها , وقد بلغ من شهرته أن أصبح قاضي الأموات في الآخرة ولا مفر من عرض قضاياهم بين يديه يحكم فيها كيفما يشاء ,!
واصطلح حديثاً على تسمية الملك بـ مينوس , وهو لقب كـ فرعون أو قيصر , وتدل الحضارة المينوية على أنها حضارة مدن لا أرياف كما يشير إلى ذلك هوميروس في الإلياذة , "وفيها خلق كثيرون يخطئهم العد، كما أن بها تسعين مدينة." , ويتعجب الباحث من هذه الشوارع المرصوفة ذات المجاري , ومن الحوانيت الكثيرة والجميلة , ومن الأزقة المتقاطعة بشكل بديع ومدهش , و كنوسس العاصمة ليست هي وحدها المدينة ذات القصور العظيمة التي تغري الخيال في المبالغة في عظمة الحضارة المينوية , فهناك فستوس على الشاطئ الجنوبي , ومن مينائها "تحمل قوة الريح والأمواج إلى أرض مصر السفن ذات المقدمات القاتمة " كما يقول هوميروس , وفي هذه المدينة تتجمع تجارة كريت المينوية و تجارة أهل الشمال لتنتقل إلى شمال إفريقيا أو إلى الشرق , فتصبح فستوس العاصمة التجارية لكريت , وعلى من ميلين من الاتجاه الشمالي الغربي تقع حاجيا تريادا , ببيتها الملكي الصغير , وهو مِصياف أمير فستوس , وعلى الطرف الشرقي من الجزيرة تتواجد البلدان الصغيرة بكثرة , من مدن ساحلية مثل زكرو و مكلوس , أو قرى كـ بريسوس , أو مراكز صناعية كـ جورنيا .
ومن ألعاب الكريتي , لعبة شبيهة بلعبة الشطرنج وجدت في قصر كنوسس العظيم , وهي عبارة عن لوحة لعب فخمة ذات إطار من العاج وعليها مربعات من الفضة والذهب، واثنتين وسبعين قطعة من المعادن النفيسة والأحجار الكريمة , ومن ألعابه الصيد , بكلاب أصيلة , ويشجع الملاكمين , ففي نقوشه الكثيرة , ترى تعارك ذوي الأوزان الثقيلة حتى يسقط أحدهم من فرط الإعياء , ويقف الآخر عليه مزهواً بانتصا
"
وكذا ... انا حطيت لك~ كل شئ دمتى بخير &