ذلك الكتاب
إخواني و أخواتي الشباب..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. و بعد:
ربما تكون هذه الرسالة النابضة بما سأقول هي أصعب الكلمات في رسائلي كلها لكم !
من السهولة أن أكتب ما أعايشه ، وأعاني منه لأبثه لكم ، لكن من الصعوبة أن أكتب ما لم أعيشه بشكل مُرضي!
الحديث عن كتاب الله ، حديث يبكيني كثيراً، وأخاف أن أتفاصح فيه و أنا عنه بعيد !
الحديث عن القرآن ، ليس المقصود به الحديث عن حفظه ، وتجويده و قراءة تفسيره ، ومعرفة أحكامه ،
أو بعض لطائفه . إنما هو الحديث عن القرآن بكل حرف فيه ، وكل توجيه فيه ، الذي يُلقي بنداءته و ظلاله
في حس المرء ليكون قرآناً يمشي على الأرض!
إن الفجوة التي بيننا . وبين القرآن الكريم أيها الإخوة و الأخوات كبيرة و كبيرة جداً !
إن امتداد التاريخ ، و معرفة الحضارة ، و سبر أغوار النفس ، و البحث عن تطلعات الحياة ،
منطلقها القرآن الذي أنزل ليكون حكماً في الأرض .
إن ميدان الحياة بكل همومها و آلامها ، و تطلعاتها و إشراقاتها ، و لذائذها و أحلامها ،
أساسها القرآن الذي ينبض بالحركة الرضيّة المنسجمة الآمنة الصالحة المريحة .
إن النمو و التقدم ، و الحضارة و الرخاء ، و العطاء و الراحة النفسية ، و الرفرفة الوجدانية ،
سرها القرآن الذي هو هدية الله لخلقه ، و سر سعادتهم و طمأنينة ضميرهم .
بل إن كل المقدمات و النتائج التي يبحث عنها المحللون ، و يتتبعها المناطقة و الفلاسفة ،
هي جوهر القرآن في عرض الأحداث ، و وصف الطبائع البشرية المعتلة ، أو الموعودة بالنصر .
إننا بحاجة ماسة و دائمة و كبيرة للعودة للقرآن ، قراءة ، و تدبراً ، و تأملاً ، و تفحصاً ، و عملاً ،
ثم عودة لكشف أسراره ، و لطائفه ، و دور الأمة المشرَّفة به ، و واقع العمل به .
و هذا لا يتأتى إلا بجهد مبذول ، و خطة مدروسة ، في عوالم القرآن الخالد ، مجالسة و مدارسة ،
لتوقظ الضمير و الحياة في آن واحد ، و يومها تسمو الروح ، و يستعلي الحق ، و تفشو العدالة ،
و يشع السلام ، و يكون الإسلام و المسلمون !
على العمري