فيما يخص سورة الفاتحة ............
تدبر الفاتحة ( 1 )
{ الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }
يؤخذ من سورة الفاتحة ،
إيجاز المقدمة مع بلاغتها ؛
لئلا تمل نفوس السامعين بطول انتظار المقصود ،
وهذا سنة للخطباء ألا يطيلوا المقدمة فينسبوا إلى العي ،
فإنه بمقدار ما تطال المقدمة يقصر الغرض ،
ومن هذا يظهر وجه وضعها قبل السور الطوال مع أنها سورة قصيرة .
[ ابن عاشور ]
*************
تدبر الفاتحة ( 2 )
{ الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }
الحمد هو المدح المقرون بالمحبة التامة والتعظيم التام ،
وهذا مناسب جدا للوصف الذي جاء بعد الحمد :
( رب العالمين = الربوبية )
فإذا كان الله هو من ربى العبد وجب عليه أن يحبه ،
وإذا كان هو القادر على ذلك وجب عليه تعظيمه .
**********
تدبر الفاتحة ( 3 )
مبنى الفاتحة على العبودية ،
فإن العبودية إما محبة أو رجاء أو خوف ،
و { الْحَمْدُ للّهِ ... }
محبة ،
و { الرَّحْمـنِ الرَّحِيمِ ...}
رجاء ،
و { مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ... }
خوف !
وهذه هي أصول العبادة ،
فرحم الله عبدا استشعرها ،
وأثرت في قلبه ، وحياته .
************
تدبر الفاتحة ( 4 )
{ الرَّحْمـنِ الرَّحِيمِ }
قال أهل العلم :
هذا الاسمان يفتحان - لمن عقل -
أوسع أبواب المحبة لله ،
والرجاء فيه ،
وتنويع الاسمين - مع أن المصدر واحد وهو الرحمة - دليل سعتها ،
وفي الحديث القدسي :
" أنا عند ظن عبدي بي " .
[ صالح آل الشيخ ]
***********
تدبر الفاتحة ( 5 )
{ مَالِكِ يَوْمِ الدِّين }
تأمل كيف تضمنت هذه الآية :
1 - إثبات المعاد .
2 - جزاء العباد بأعمالهم - حسنها وسيئها - .
3 - تفرد الرب تعالى بالحكم إذ ذاك بين الخلائق .
4 - كون حكمه تعالى بالعدل .
[ ابن القيم ]
*************
تدبر الفاتحة ( 6 )
من آداب الدعاء أن يقدم الإنسان بين يدي دعائه ثناء على الله تعالى
– كما جاء في السنن وغيرها - ،
فهل تستطيع أن تستخرج ذلك من سورة الفاتحة ؟
**************
{ اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ }
من أدب الدعاء أن يكون ذلك بعد الثناء ،
وفي قوله :
{ الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمـنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ }
ثناء ،
وهذا مناسب أن يكون قبل الدعاء
{ اهدِنَــــا } .
[ ينظر : تفسير ابن كثير ]
************
تدبر الفاتحة ( 7 )
فـ" { إِيَّاكَ نَعْبُدُ } " الغاية ،
و" { إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } " الوسيلة ،
فلن تستطيع أن تعبد الله إلا بالله ،
فالبداية من الله والنهاية إلى الله !
فإنا لله وإنا إليه راجعون .
[ ينظر : العبودية لابن تيمية ]
************
تدبر الفاتحة ( 8 )
في لفظة { أَنعَمتَ } فوائد :
1/ أن الصراط المستقيم نعمة من أعظم النعم .
2/ أن الهداية لا بعمل العبد، بل نعمة من غيره أسديت إليه .
3/ أن المنعم بالهداية هو الله وحده .
4/ وفيه أدب النعمة أن تنسب لمسديها خاصة حال مخاطبته بها .
[ باسل الرشود ]
***********
تدبر الفاتحة ( 9 )
{ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ }
فيها إشارة وبشارة للمهتدي أنه ليس وحده على هذا الطريق ،
وأنه وإن كان غريبا بين العابثين من البشر فإن طريقه مليء بالصالحين ،
الذين حازوا أعلى نعمة ، فليأنس بذلك .
************
تدبر الفاتحة (10)
حقيقة الصراط المستقيم هو:
معرفة الحق والعمل به ؛
لأن الله لما ذكره في الفاتحة بيَّن من انحرفوا عنه
وهم اليهود المغضوب عليهم ، الذين عرفوا الحق ولم يعملوا به ،
والنصارى الذين ضلوا عن الحق وعملوا بغيره .
[ د . محمد الخضيري ]
*************
تدبر الفاتحة (11)
كثير من الناس إذا رأى في التفسير أن اليهود مغضوب عليهم والنصارى ضالون ,
ظن أن ذلك مخصوص بهم ,
مع أن الله أمر بقراءة الفاتحة كل صلاة ,
فيا سبحان الله كيف يأمره الله أن يستعيذ من شيء لا حذر عليه منه ,
ولا يتصور أنه يفعله ؟
بل يدخل في المغضوب عليهم من لم يعمل بعلمه ،
وفي الضالين العاملون بلا علم .
[ محمد بن عبدالوهاب ]
***********
تدبر الفاتحة (12) :
من أحسن ما يفتح لك باب فهم الفاتحة قوله تعالى- في الحديث القدسي - :
" قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ،
ولعبدي ما سأل ،
فإذا قال العبد :
{ الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }
قال الله تعالى :
حمدني عبدي ,
وإذا قال :
{ الرَّحْمـنِ الرَّحِيمِ } ،
قال الله تعالى :
أثنى علي عبدي
وإذا قال :
{ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ }
قال الله تعالى :
مجدني عبدي ,
فإذا قال :
{ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ }
قال الله تعالى :
هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل ,
فإذا قال :
{ اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ }
- إلى قوله - :
{ وَلاَ الضَّالِّينَ }
قال الله تعالى :
هذا لعبدي ولعبدي ما سأل " ،
فإذا تأمل العبد هذا ,
وعلم أنها نصفان :
نصف لله , ونصف للعبد ،
وتأمل أن الذي علمه هذا هو الله ,
وأمره أن يدعو به ويكرره في كل ركعة ,
وأنه سبحانه ضمن إجابة هذا الدعاء
- إذا دعاه بإخلاص وحضور قلب -
تبين له ما أضاع أكثر الناس .
[ محمد بن عبدالوهاب ]