آية الكرسي أعظم آية ،
وتدبرها أولى ما يكون ،
وقد شرعت قراءتها في مواضع كثيرة ،
" ويحق لمن قرأها متدبرا متفقها ،
أن يمتلئ قلبه من اليقين والعرفان والإيمان ،
وأن يكون بذلك محفوظا من شرور الشيطان " .
[ السعدي ]
لهذا فإنا بإذن الله ، سنتناول تدبرها في الرسائل التالية .
**********
تدبر آية الكرسي ( 1 )
{ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ } ...
فيها نفي وإثبات ؛
نفي الألوهية وإثباتها لله وحده ،
وهذا من التخلية قبل التحلية ،
وقد فصل هذا أيضا في الآية التي تليها
{ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ
فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا } البقرة / 256
[ ينظر : تفسير أضواء البيان ]
*************
تدبر آية الكرسي ( 2 )
لما قال تعالى :
{ اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ }
قال بعدها :
{ الْحَيُّ الْقَيُّومُ } ،
فبعد أن ذكر استحقاقه للعبودية ذكر سبب ذلك وهو كماله في نفسه ولغيره ،
فلا تصلح العبادة إلا لمن هذه شأنه :
{ وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ } الفرقان / 58 ،
" ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت " ! .
[ ينظر العبودية لابن تيمية ]
***********
تدبر آية الكرسي ( 3 )
{ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ }
السنة هي النعاس ،
وفي نفي النوم بعد نفي السنة :
تدرج من نفي الأعلى بعد الأدنى ،
فكأنه قال :
لا تأخذه سنة فكيف بالنوم ؟
وهذا من بلاغة التأكيد .
[ ينظر : تفسير البقرة لابن عثيمين ]
فتأمل أيها المعظم لربه !
فإن أي ملك من ملوك الدنيا
- مهما كان حرصه على ملكه -
لا يمكن أن يبقى بضعة أيام بلا نوم !
فسبحان الحي القيوم ! .
************
تدبر آية الكرسي ( 4 )
لما ذكر الله لنفسه صفة الحياة :
{ الْحَيُّ الْقَيُّومُ }
ذكر بعدها
{ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ }
وفيه معنى لطيف وهو أن النوم هو الموتة الصغرى ،
فنفى عن نفسه السنة والنوم بعد أن أثبت لنفسه كمال الحياة .
[ ينظر : تفسير السعدي ]
************
تدبر آية الكرسي ( 5 )
لما قال تعالى :
{ اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ }
قال بعدها :
{ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ }
ومن مناسبة هذا أن القلوب متعلقة بمن يرزقها كما في قول إبراهيم :
{ إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ
لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً فَابْتَغُوا عِندَ اللَّهِ الرِّزْقَ } العنكبوت / 17 ،
فدلهم على العبودية من الباب الذي يرغبونه .
[ ينظر : أيسر التفاسير للجزائري ]
***********
تدبر آية الكرسي ( 6 )
من مناسبة قوله تعالى :
{ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ }
بعد التوحيد
{ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ }
أن قوله " ما " عام ،
فكل ما في السموات والأرض لله ،
مملوك من مماليكه وعبد من عبيده ،
فكيف يعبد العبد عبدا ولا يعبد مالكه ؟ ! .
[ ينظر : التحرير والتنوير ]
*************
تدبر آية الكرسي ( 7 )
{ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ }
تأمل في أعظم مساحة يملكها تاجر أو حاكم ؛
إنها ذرة في هذا الكون الفسيح !
وهي تشير - أيضا - إلى أن ما في أيدي الخلق فمآله إليه !
فتبارك من وسع ملكه وسلطانه السماوات والأرض والدنيا والآخرة ! .
[ د . عمر المقبل ]
*************
تدبر آية الكرسي ( 8 )
{ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ }
لم يقل بعلمه ،
فهم لا يحيطون بعلمه ،
ولا بشيء من علمه ،
بل هم إن علموه فإنما يعلمونه من وجه دون وجه بغير إحاطة .
[ ينظر : التسهيل لعلوم التنزيل ]
**********
تدبر آية الكرسي ( 9 )
{ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ }
والكرسي ليس أكبر مخلوقات الله تعالى ،
بل هناك ما هو أعظم منه وهو العرش ،
وما لا يعلمه إلا هو ،
وفي عظمة هذه المخلوقات تحير الأفكار وتكل الأبصار ،
وتقلقل الجبال ، فكيف بعظمة خالقها ومبدعها ،
والذي قد أمسك السماوات والأرض أن تزولا من غير تعب ولا نصب ،
فلهذا قال :
{وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا } .
[ السعدي ]
**************
تدبر آية الكرسي ( 10 )
{ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ }
مثل هذه الجملة التي طرفاها معرفتان تفيد الحصر ؛
فهو وحده العلي ؛
أي ذو العلو المطلق ،
وهو الارتفاع فوق كل شيء ؛
و { الْعَظِيمُ }
أي :
ذو العظمة في ذاته ،
وسلطانه ،
وصفاته .
[ ابن عثيمين ]