اكتشف باحثان بريطانيان أن لدى النملة حساً عالياً بالمسؤولية واستعداداً لتحمل المشاق من أجل مساعدة رفاقها الآخرين. وبحسب الدراسة التي أعدها سكوت باول وزميله البروفوسور نايجل فرانكس من جامعة بريستول، فإن النملة تسدّ بجسدها الفجوات أو الثقوب الموجودة في طريق جيش النمل -مثل الأغصان وما شابه- في الغابات المطرية وسط وجنوب أميركا من أجل تسهيل مهمة خروجه للبحث عن الطعام والعودة إلى أعشاشه.
وقال الباحثان إن النملة تشكل بجسدها ما يشبه "السدادة" لملء الفجوات الصغيرة التي تعترض جيش النمل الذي يبلغ عدده أحياناً 200 ألف من أجل تسهيل مهمته على أكمل وجه، وهي بذلك تجعل الطريق أكثر نعومة مما يساعده على إتمام مهماته بسرعة. وعندما يستكمل جيش النمل مهمته تخرج النملة من الثقب التي تكون قد حشرت نفسها فيه لتنضم إلى رفاقها في العودة إلى أعشاشها.
قال باحثون بريطانيون إنهم توصلوا إلى أول دليل على وجود تعليم لدى الحيوانات، ويتمثل في نمل يعلم بعضه بعضاً الطريق إلى الغذاء. وكشفت دراسة أجراها علماء من جامعة بريستول على مدى عامين استخدام النمل تقنية معروفة باسم ركض الترادف حيث تقود نملة نملة أخرى من العش إلى مصدر الغذاء.
ولاحظ البروفسور نايجل فرانكس والباحث توم ريتشاردسون أن ما يحدث في مملكة النمل حالة تعليم حقيقية حيث تبطئ قادة النمل المتقدمة السير إذا بعدت المسافة بينها وبين النمل الذي وراءها، وحين تضيق المسافة تسرع.

يقول هذا الباحث الذي أورد نتائج الدراسة في دورية نيتشر إن التعليم ليس مجرد محاكاة، ولكن النمل يكتسب مزايا أخرى من التعليم إذ تتعلم النملة التابعة أين يوجد مصدر الغذاء بشكل أسرع. وبعدها تشيع المعلومات عبر مستعمرة النمل حيث يتم ترقية النمل التابع ليصبح نملاً قائداً وتبدأ العملية التعليمية كلّها من جديد.
يعتقد فرانكس أن التعليم الحقيقي يشمل الكثير من رجع الصدى. ويقول "الطريف في هذه العملية هو أن النمل حشرة لها مخ صغير. المخ البشري أكبر منها مليون مرة ومع ذلك فإن النمل رائع في التعليم والتعلم".
تساؤلات تطرح نفسها
لابد للمؤمن وهو يرى هذه الآيات في عالم الحيوان أن يتفكر ويتعلم ويعقل، فالعلماء يعجبون من القدرة الفائقة لدى النمل على التعلم، ويقولون إن دماغها صغير جداً ولا يتسع للمعلومات الكافية للتعلم فمن أين تتعلم وكيف تتمكن من تنفيذ أعمال معقدة في البناء والتواصل والدفاع ... لابد أن تكون هناك قوة تقف خلف هذه المخلوقات؟
ونقول يا أحبتي إنها قدرة الخالق عز وجل، فهو الذي خلق هذه الكائنات ولم يتركها دون رعاية أو توجيه، فسخر لها كل وسائل العيش، يقول تعالى: (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) [هود: 6]، بالله عليكم، هل يمكن لمحمد صلى الله عليه وسلم وهو النبي الأمي أن يقول مثل هذا الكلام؟
وهل كان النبي يحمل هم المخلوقات كلها حتى يقول: (إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا) إن هذا الكلام لا يصدر إلا من خالق هذه الكائنات، فهو أعلم بها ولو كانت العملية تتم بالمصادفة لانقرضت هذه المخلوقات منذ زمن بعيد لأن دماغها صغير ولا يمكنه تعلم كل هذه التقنيات.
عندما نرى مثالاً رائعاً على التعاون في عالم النمل، ونرى نملة صغيرة تسدّ بجسدها الرقيق حفرة أو فتحة ليعبر آلاف الجنود من النمل على ظهرها، وتتحمل كل هذه المسؤولية وربما تموت أثناء العمل، عندما نرى هذا التعاون وهذه التضحية، ألسنا نحن البشر وبخاصة الذين ندعي الإيمان بالله، ألسنا أجدر بأن نساعد بعضنا ونحب لبعضنا الخير؟!
وعندما نرى قدرات مذهلة موجودة لدى الصراصير ولدى الخفافيش ولدى الفيلة... هذه مخلوقات نظنها لا تعقل ولا تفكر ولا تفهم، ولكن الحقيقة غير ذلك، فهي ذكية بل هي أمم مثلنا، عندما نرى هذه المجتمعات المنظمة الشبيهة بعالم البشر، ألا نتذكر قول الحق تبارك وتعالى: (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ) [الأنعام: 38]، ونتساءل: هل كان لدى محمد صلى الله عليه وسلم مختبرات في علم الحشرات ليقرر حقيقة علمية لم يكتشفها العلماء إلا اليوم، وهي أن كل دابة أو طائر أو حيوان إنما هي مخلوقات ذكية مثلنا ومجتمعات منظمة وأمم تشبهنا؟ من أين جاء بهذه المعرفة التي تتطابق مئة بالمئة مع ما يكتشفه العلماء اليوم؟
بل في زمن لم يكن أحد يعلم شيئاً عن الحيوانات أو الحشرات بل إن العلماء اليوم يعترفون بأنهم يجهلون تماماً هذه العوالم المعقدة، ويقولون إننا باستخدام التقنيات وأجهزة المراقبة والأجهزة اللاسلكية، استطعنا أن ندرك أن هذه المخلوقات تشبه عالم البشر... وعندما نجد الكلام ذاته في كتاب أنزل في القرن السابع الميلادي... ماذا نقول؟ إنه لا يمكننا إلا أن نعترف بأن هذا الكتاب لا يمكن أن يكون كلام بشر، بل هو كلام رب البشر سبحانه وتعالى!
ــــــــــــ
بقلم عبد الدائم الكحيل