هكذا تكون المراقبة
--------------------------------------------------------------------------------
الإنسان الذي تعرف على ربه حق المعرفة يمضي في الحياة بقلب يقظ، وسريرة نقية، وتقوده جوارحه للأعمال الصالحة وقد ألينت له.
فإذا تكلم تذكر أن الله يسمعه فيقول الحق وإن كان مُرًّا، ويتحرى الصدق وإن كان صعباً، وإذا نوى عملاً تذكر أن الله يعلم ما في نفسه ( رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ ) فهو في مجاهدة دائمة لإصلاح سريرته والإخلاص في أعماله لربه، فلا يرضى لنفسه ذكر أعمال صالحة كانت بينه وبين الله للناس، ولا يراه الله حيث نهاه، ولا يفقده حيث أمره.
وإذا نظر للغادين والرائحين وصور الخلق المنتشرة في وسائل الإعلام المختلفة يقتصر نظره على الحلال منها فحسب ( أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى ).
وإذا جال بفكره وحديث نفسه تذكر إطلاع الله عليه؛ فيسد منافذ الخواطر السيئة؛ إذ هو بشر يجب عليه مجاهدة نفسه في ذلك كما يفتح لقلبه منافذ الخير؛ فيتفكر في حقوق بينه وبين ربه فيرجوه العفو عما كان كما يتفكر في وسائل ومشاريع يضيف فيها لبنات نافعة لجيله وأمته.
إن هذه المعاني التربوية والأسس الإيمانية كان يربي عليها التابعي الجليل القدوة الربيع بن خيثم الثوري إخوانه فقد قال لرجل يوماً: لا تلفظ إلا بخير فإن العبد مسئول عن لفظه يحصى ذلك عليه كله ( أحصاه الله ونسوه ).
وكان يقول رحمه الله: إذا تكلمت فاذكر سمع الله إليك، وإذا هممت فاذكر علمه بك، وإذا نظرت فاذكر نظره إليك، وإذا تفكرت فاذكر اطلاعه عليك؛ فإنه تعالى يقول: ( إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً ).
على العمري