عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 2  ]
قديم 2009-10-07, 4:48 PM
يمامة الوادي
عضو متميز بالمنتدى
الصورة الرمزية يمامة الوادي
رقم العضوية : 7644
تاريخ التسجيل : 19 - 6 - 2005
عدد المشاركات : 43,493

غير متواجد
 
افتراضي
الفائدة الثانية: ما هي شرائط هذا النصر ومسوغاته؟
بند 1:
هذا هو النصر الذي قصده الله - تعالى - في قوله: {نصر الله}، فما هي شرائطه التي أشارت إليها سورة النصر بقوله - تعالى -: {إذا جاء}؟ فما الواجب علينا حتى يأتي هذا النصر؟ يقول سبحانه: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ}[الحج: 40]، إذن لا بدَّ وأن ينصر المسلمون ربهم، وهل المولى - سبحانه - يحتاج لمن ينصره؟ بالطبع لا، وإنما المقصود من ذلك أن يقدم المسلم الطاعة لمولاه وخالقه وبارئه، ويخضع لحكمه وشرعه، ولا يحيد عنه بإذن الله - تعالى - ولو شعرة، فالنصر الذي يقدمه المسلم هنا بمعنى الولاء والطاعة لله - سبحانه - والنصر الذي يقابله من المولى - سبحانه - يعني الولاية والرعاية لعبيده؛ يقول سبحانه: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ} [المائدة: 55، 56]، ويقول سبحانه: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} [البقرة: 257].

بند 2:
والمسلمون عندما تكاسلوا عن الطاعة وانشغلوا بالدنيا، وتنافسوها حتى تنازعوا فيما بينهم، هانوا في عيون أعدائهم، وأذهب الله ريحهم، فلم يعد الكفار يخشونهم مسيرة شهر كما كان الحال سابقًا؛ يقول سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفال: 45،46]، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((فوالله لا الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى عليكم أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها، وتهلككم كما أهلكتهم))[6].

بند 3:
وقد ساغ النصر للمسلمين تعجيلاً من الله - تعالى - لعقاب البغاة والمعتدين؛ يقول سبحانه: {ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ} [الحج: 60]، والنصر المشار إليه في هذه الآية مرهون بنية المماثلة في ردِّ العدوان دون طغيان أو حيف؛ يقول المولى - سبحانه -: {فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ * فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلاَ عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ} [البقرة: 191 - 193].

إذن؛ يشترط للنصر الالتزام بحدِّ ردِّ العدوان، فإذا ما ظلم المسلمون غيرهم وتجاوزوا هذا الحد، فلا شك أن المولى - سبحانه - لن يكون لهم وليًّا ولا نصيرًا، فها هو سيف الله المسلول خالد بن الوليد - رضي الله عنه - يبرأ منه النبي - صلى الله عليه وسلم - بالرغم من أنه وثق فيه وسلَّمه قيادة جيش المسلمين، إذ بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - خالد بن الوليد إلى بني جَذِيمة فدعاهم إلى الإسلام، فلم يحسنوا أن يقولوا: أسلمنا، فجعلوا يقولون: صبأنا صبأنا، فجعل خالد يقتل منهم ويأسر، ودفع إلى كل رجل منَّا – راوي الحديث - أسيره، حتى إذا كان يومٌ أمر خالد أن يقتل كلُّ رجل منا أسيره، فقلت: والله، لا أقتل أسيري، ولا يقتل رجل من أصحابي أسيره حتى قدمنا على النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكرناه، فرفع النبي - صلى الله عليه وسلم - يديه فقال: ((اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد))، مرتين[7].

فالإسلام لا يبرِّر التجاوزات التي تصدر عن بعض مجاهديه، وإنما يعترف بالخطأ ويبرأ منه، فها هم بنو جَذِيمة سواء قالوا: صبأنا، بمعنى: أسلمنا، ففهمها خالد خطأ بمعنى: كفرنا، أو قالوا: صبأنا، وهم يدركون معناها عنده، أي: كفرنا، فلم يكن لخالد - رضي الله عنه - أن يقتل أسراهم هكذا، بعد أن وضعت الحرب أوزارها؛ يقول سبحانه: {فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا} [محمد: 4]، وإنما أمر الإسلام بالإحسان للأسير، شريطة أن تضع الحرب أوزارها؛ لقوله سبحانه: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} [الأنفال: 67]؛ أي: حتى لا تكون للكفار قائمة بعد، هنا لا بدَّ من الإحسان للأسير متى انطبق عليه هذا الوصف المذكور آنفًا؛ يقول سبحانه: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا} [الإنسان: 8].


توقيع يمامة الوادي




هل جربت يوماً اصطياد فكرة رائعة !؟
لـتـصوغـهـا فـي داخـلـك
وتـشحـنهـا بنبض قـلـبـك
وتعـطرهـا بطيب بروحك
وتسقـيـهـا بمـاء عـرقـك
حتى تنضج وتصنع منك إنساناً مبدعاً ؟