حوارٌ مع نفسي
يَا نَفْسُ مَنْ أضْنَاكِ مَنْ
لا تَفْزَعِي
فاللهُ يُحْيينَا وَهَلْ
غَيْرُ الإلَهِ مُهَيْمِنٌ ومُقَدِّرٌ؟!
مَا تَذْكُرِين..
فِي هَذِه الدُّنْيَا نَعِيماً عَابِراً
حُلْماً بَنَيْنَاهُ مَعاً
لَيْلاً جَمِيلاً آمِناً
عِطْراً عَلِيلاً شَافِياً
حُبّاً عَظِيماً مُلْهِماً
أوْ صَاحِباً قَدْ كَان يُوْماً مُخْلِصاً؟!
ما تَذْكُرِين..
أُنْساً بِأيَّامِ الصِّبا؟!
وطُفُولَةً.. نَحْيَا عَلَى ذِِكْرَى لَها
مَا تَذْكُرِين..
عَطْفٌ رَحِيبٌ مِنْ أبِي
أيُّ الرِّجالِ بِأعْيُنِي قَدْ كَان مِثْلَكَ يا أبِي..
مَا تَذْكُرِينَ حَنِينَ أمِّي في الْمَوَاطِنِ كُلِّهَا؟!
لَمْ تَذْكُرِي شَيْئاً لَنا!!
يَا نَفْسُ مَنْ أضْنَاكِ مَنْ؟
قَالَتْ وَنَارُ الْغَيْظِ تَبْدُو عَاصِفَة
الآن قُلْ لِي مُقْسِماً
قُلْ صَاحِبِي..
هَذَا الزَّمَانُ ألا تَرَى!!
كَيْفَ انْتَهَيْنَا ولمْ نَزَلْ
نَطْوِِي الْحَيَاةَ ولَمْ نَجِدْ
في عُمْرِنَا.. في كَوْنِنَا
مُتَسَامِحاً يَحْنُو لَنَا؟!
أوْ صَادِقاً حَقّاً أحَبَّ اللهَ فِينَا مُخْلِصاً
قُمْ صَاحِبِي..
واقْفِلْ عَلَيْنَا بَابَنَا
واحَذَرْ فَدُنْيَا النَّاسِ تَبْدُو رَاحِلَة
وانْظُرْ تَرَى
مَات الرَّبِيعُ مُجَافِياً
هَذَا دُخَانُ السُّوءِ
كَمْ أعْيَا الْفَضَا
قُلْ صَاحِبِي؟
هَلْ تَنْبُتُ الْخَيْرَاتُ إذْ
ألْقَيْتَ سُمّاً بِالثَّرَى
هَلْ تُخْلِفُ النِّيرَانُ
غَيْرَ دُجَى الرَّمَادِ مُحَاصِراً
أيَّامُنَا وتَلَوَّثَتْ
أغْصَانُنَا وتَكَسَّرَتْ
أعْصَابُنَا وتَحَطَّمَتْ
أحْلامُنَا وقَدْ انْتَهَتْ
انْظُرْ تَرَى..
النَّاسُ قَدْ أضْحَتْ تَمُوجُ كَمَا الْفِتَنْ
يَا لَوْعَةَ الْمَسْكِينِ في هَذَا الزَّمَنْ
أوَ لَمْ تَرَاهُ يَصْطَلِي نَارَ الْمِحَنْ؟!
أوَ لَمْ تَرَاهُ مَرَّةً..
قَدْ بَاع بَعْضَ دِمَائِهِ وبِلا ثَمَنْ ؟!
الْخَبْرُ كَي يَأتِي فَذَا أمْرٌ عَجَبْ!
والْمَاءُ أحَيَاناً يُبَاعُ كَمَا الذَّهَبْ!
حَتَّى الْهَوَاءِ الْحُرِّ لَنْ يَبْقَى سِوَى
خَبَثٍ وَيُوحِي بالشَّقَاءِ وبِالتَّعَبْ !!
أوَ لَمْ يَكُنْ هَذَا غَضَبْ؟!
قُمْ صَاحِبِي..
واقْفِلْ عَلَيْنَا بَابَنَا
واحْذَرْ فَدُنْيَا النَّاسِ تَبْدُو رَاحِلَة
وانْظُرْ تَرَى..
كَمْ دَوْلَةٍ
في هَذِه الدُّنْيَا لَهَا حَظُّ الأسَدْ؟
وَبِرَغْمِ هَاتِيكَ النِّعَمْ
وَبِرَغْمِ أنْهَارِ الرَّغَدْ
لا تَسْتَحِي أنْ تَقْطَعَ الْمَحْرُومَ مِنْ طَيْفِ السَّنَدْ!
لا تَسْتَرِيحُ ولا تُرِيحُ النَّاسَ
حَتَّى تَسْتَقِي سُمَّ الْحَسَدْ!
حُلْمُ الوُجُودِ بعُمْرِهَا
أنْ نَنْزَوِي حَتَّى الأبَدْ!!
أوَ ذا أخُوكَ ولَمْ يَعُدْ حَقّاً أخاً!
حَتَّى أنَا أوْ أنْتَ لَنْ
نَبْقَى سِوَى خَلْقٍ يُعَدْ!!
قُمْ صَاحِبِي..
وَاقْفِلْ عَلَيْنَا بَابَنَا
قُمْ صَاحِبِي قَدْ يَنْتِهِي مَا بَيْنَنَا
واحَذَرْ فَدُنْيَا النَّاسِ تَبْدُو رَاحِلَة
قَدْ كَانَ ذَلِكَ قَوْلَهَا ودُمُوعُهَا تَهْوِي بِنَا
لَكِنَّنِي مَازِلْتُ أحْيَا بالأمَل
وبِضَاعَتِي صٌبْرٌ وقَلْبٌ يَحْتَمْل
وبِحِكْمَةٍ قَدْ قُلْتُ لا!
لا تَقْنَطِي
يَا نَفْسُ إنَّ الْيَأسَ شَيءٌ مُفْزِعٌ!
ولِمَا الْقُنُوطُ! وَذا فُؤادي لَمْ يَزَلْ
بِالصَّدْرِ حَيّاً نَابِضاً
ولِمَا الضَّيَاعُ! وذا وُجُودي لِلْمَدَى
يَبْقَى بِأيْدِ اللهِ دَوْماً خَاشِعاً
لَا لَنْ أمُوتَ كَبَائِسٍ
لَا لَنْ أمُوتَ كيَائِسٍ
وَالرُّكْنُ رُكْنُ اللهِ يَا نَفْسي لَنَا
لَا يَنْكَسِرْ.. عالٍ وَلا يَوْماً وَهَنْ
بَاقٍ أبِيّاً شَامِخَاً
يَحْمِي الضَّعِيفَ مَتَى دَعَا
حَسْبِي الإلَهُ وقَدْ كَفَى
بِاللهِ أمْضِي صَابِراً
يَا نَفْسُ مَنْ أضْنَاكِ مَنْ
وبِرَبِّنِا نَحْيَا وَهَلْ
غَيْرُ الإلَهِ مُهَيْمِنٌ ومُقَدِّرٌ؟!
محمد جنيدي
اختيار من ديوان / عاشق الزمن الجميل