عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 2  ]
قديم 2009-09-02, 12:37 PM
يمامة الوادي
عضو متميز بالمنتدى
الصورة الرمزية يمامة الوادي
رقم العضوية : 7644
تاريخ التسجيل : 19 - 6 - 2005
عدد المشاركات : 43,494

غير متواجد
 
افتراضي
فالإخلاص هو الذي تقبل به الأعمال وترفع به الدرجات وهو سبب الفوز في الدنيا والنجاة في الآخرة.
التوكل على الله سبحانه وتعالى في كل الأمور؛ {فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} [آل عمران: 159].
الثبات وعدم الوهن: {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا...} [آل عمران: 146]؛ فلن يأتني الوهن ممن حولي من المثبطين ودعاة التغريب والمرتدين والعلمانيين ولو كثروا فأنا عازم لا محالة على صناعة تاريخٍ لي ولأمتي.
الصبر: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} [السجدة: 24].
ولقد تعمق مفهوم الصبر في نفوس الصحابة.. فها هو الصحابي الجليل عمير بن الحمام رضي الله عنه يردد وهو يقاتل في بدر:
ركضاً إلى الله بغير زاد --- إلا التقى وعمل المعاد.
والصبر في الله على الجهاد --- وكل زاد عرضة للنفاد.
غير التقى والبر والرشاد
الإيمان بالله وتقواه: لأن النصر لا يتحقق على يد جنود يقاتلون بلا إيمان، {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} [النحل:128]
تجنب النزاع والشقاق: {وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} [الأنفال: 46]
إرادة الجهاد: قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَغْزُ وَلَمْ يُحَدِّثْ بِهِ نَفْسَهُ مَاتَ عَلَى شُعْبَةٍ مِنْ نِفَاقٍ)) (رواه مسلم (1910)).
إعداد العدة: الإعداد في حقيقته هو الأخذ بالأسباب {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ} [الأنفال:60]، أي: كل ما تقدرون عليه من القوة العقلية والبدنية وأنواع الأسلحة ونحو ذلك مما يعين على قتالهم؛ فدخل في ذلك أنواع الصناعات التي تعمل فيها أصناف الأسلحة والآلات من المدافع والرشاشات، والبنادق، والطيارات الجوية، والمراكب البرية والبحرية، والحصون والقلاع والخنادق، وآلات الدفاع، والرأْي والسياسة التي بها يتقدم المسلمون ويندفع عنهم به شر أعدائهم، وتَعَلُّم الرَّمْي، والشجاعة والتدبير. (تفسير السعدي (ص324))
ومن صور الإعداد:
الإعداد الديني والروحي: ويأتي بإعداد الأفراد الربانيين بقوة الإيمان، وقوة الشكيمة والعزيمة، وحب الشهادة في سبيل الله عز وجل، وجعل الآخرة أحب إليه من الدنيا، وكثرة الدعاء والإلحاح على الله والإخلاص والإيمان بالقضاء والقدر قال تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} [التغابن: 11] فتقوى عزيمته للجهاد في سبيل الله، ويقوى كَلَبه على أعداء الله وأعداء رسوله صلى الله عليه وسلم.
الإعداد التربوي والعلمي: بالتفرغ لأصحاب القدرات المتميزة في مجال العلم والتربية والدعوة والإعلام والسياسة والاقتصاد والمال، وإعدادهم، والاهتمام بمراكز المعلومات والبحوث وهي من أهم حاجات العصر.
العِلْمُ يَبْنِي بُيُوتًا لا عِمَادَ لَهَا وَالجَهْلُ يَهْدِمُ بَيْتَ العِزِّ وَالكَرَمِ
التخطيط والإدارة: والاستعداد بقوة لأمر مستقبلي {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} [القصص: 77]
الإعداد الاقتصادي: بوصول الأموال إلى قبضة المسلمين، وتحكم المنظومة الإسلامية في الاقتصاد العالمي، ومن خلاله يتحقق الاكتفاء الذاتي للأمة.
الإعداد الإعلامي: وهو ذو أهمية خطيرة لتزويده الناس بالمعلومات والحقائق، ودفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وإحداث التغيير فيها للأفضل، والمحافظة على شخصية المجتمع بكل معتقداته وآدابه وتراثه وتاريخه..
الإعداد الأمني: بتشكيل الأجهزة الأمنية ومكاتب المعلومات التي تقدم للقيادة التقارير لوضع الخطط المناسبة؛ فاستطلاع أخبار العدو ومعرفة مواطن الضعف فيه ومواقع آليته ومنشآته يوصل للتخطيط السليم المؤدي إلى الظفر به.
الإعداد العسكري: بأخذ القوة من الرمي، ومعرفة أساليب القتال والجهاد في سبيل الله عز وجل.
عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر يقول: ((وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ أَلاَ إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْىُ أَلاَ إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْىُ أَلاَ إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْىُ)) (رواه مسلم (5055)) والرمي يكون حسب آلات كل عصر وما يناسبه كالمدافع على اختلاف أنواعها والقنابل والصواريخ والطائرات والدبابات..
مداولة الأيام بين الناس: {وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} [آل عمران: 140]، من الشدة إلى الرخاء، ومن الرخاء إلى الشدة، ومن النصر إلى الهزيمة، ومن الهزيمة إلى النصر، {إن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ القَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} [آل عمران: 140].
وهذه السنة نافذة بحسب ما تقتضيه سنة تغيير ما بالأنفس: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ} [الأنفال: 53].
وهنا يضع الله عز وجل أيدينا على سر عظيم، وهو ارتباط المداولة بين الأمم والدول والمجتمعات مع التغيير النفسي والذاتي في الأمة؛ فسقوط الحضارات ونهوضها، والأمم في ارتفاعها وهبوطها، مرتبطة بهذا التغيير النفسي في مسارها عبر التاريخ والحاضر والمستقبل، وهي سنة ماضية ثابتة لا تتغير ولا تتبدل.

حقاً: فلا نامت أعين الجبناء...
قال مصطفى السباعي رحمه الله: الشباب يصنعون التاريخ بقلوبهم، والعلماء يصنعونه بعقولهم، والحكماء يصنعونه بأرواحهم، فإذا تعاون القلب والعلم والروح على صنع التاريخ، كان تاريخًا لا ينطفئ نورُه، ولا تخبو ناره، وكذلك صنعنا التاريخ أول مرة.
فالتمكين قادم لا محالة له ولمن على جادته من القادمين لصناعة تاريخهم وتاريخ أمتهم ولكن علينا بأسبابه من الاتباع وترك الابتداع، علينا بكل الأسباب التي توصلنا إليه مهما كانت العقبات والتحديات ومهما كانت المحن والابتلاءات فمع كل محنةٍ نجد منحًا وعطايا.
فمحن النبي صلى الله عليه وسلم مع المشركين وهو يصبر ويدعو ربه وينافح عن الدين فكانت منحه بأن يكون سيد ولد آدم وخير البشر وأفضل الخلق وحبيب الرحمن ويكون دين الإسلام هو الدين عند الله {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإسْلامُ} [آل عمران:19]
ومحنة المسلمين وهم يتسللون مستخفينَ من مكة إلى المدينة تركوا وطنهم وهم له محبون فكانت منحتهم صنع تاريخ البشرية، ووضع حجر الأساسِ لقيام الدولة الإسلامية.
ومحنة الحديبية وعدم ذهابهم للبيت العتيق وحزنهم الشديد لذلك؛ فكانت المنحة بعدها بالفتح المبين لمكة.
ومحنة الردة التي قام لها الصديق الرجل الذي وزن قدر أمة في وقته، تحولت إلى منحة يوم أن أعلنها صريحة مدوية: ((وَاللَّهِ لَأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ)) (رواه البخاري (1335))، وكشف الله المرتدين وعاقبهم بأيدي المؤمنين.
ومحنة آلاف الأسرى من بلاد الروم والفرس التي فتحَها المسلمون؛ فدخل الإسلام بلادهم فإذا هم يتبوءون نعيمَ الهداية، ويحرزونَ فوز الآخرة.
ومحنة التتارُ الذين أطبقوا على الأمة وقتلوا في بغداد وحدها مليوني مسلم تقريبا؛ فكسر الله أعداءه في عين جالوت وعاد للأمة مجدها ودخل التتار في الإسلام وأصبحوا شوكة في أعناق الكافرين.
وهكذا {فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً} [النساء: 19]. {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 216].

ولنعلم أن من صنعوا تاريخهم أناس ليسوا خلقا من عالم آخر بل بشرا مثلنا أكثرهم عاصر ظروف القهر والظلم والاستبداد، ولكن الفارق بينهم وبين جميع الناس أنهم كانت لديهم الإرادة والنية والجد والمثابرة لتغيير واقعهم إلى الأفضل والأحسن، مع الاستعداد الدائم لدفع الثمن مهما كانت تكلفته...
واعلم أن الخير ما زال في هذه الأمة ما دامت الحياة {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران: 110]
يقول سيد قطب: "وهذا ما ينبغي أن تدركه الأمة المسلمة؛ لتعرف حقيقتها وقيمتها، وتعرف أنها أخرجت لتكون طليعة، ولتكون لها القيادة، بما أنها هي خير أمة، والله يريد أن تكون القيادة للخير لا للشر في هذه الأرض، ومِن ثَم لا ينبغي لها أن تتلقى من غيرها من أمم الجاهلية، إنما ينبغي دائمًا أن تعطي هذه الأممَ مما لديها، وأن يكون لديها دائمًا ما تعطيه، ما تعطيه من الاعتقاد الصحيح، والتصور الصحيح، والنظام الصحيح، والخلق الصحيح، والمعرفة الصحيحة، والعلم الصحيح، هذا واجبها الذي يُحَتِّمه عليها مكانها، وتحتمه عليها غاية وجودها، واجبها أن تكون في الطليعة دائمًا، وفي مركز القيادة دائمًا، ولهذا المركز تبعاته، فهو لا يؤخذ ادِّعاءً، ولا يسلَّم لها به إلا أن تكون هي أهلاً له، وهي - بتصورها الاعتقادي، وبنظامها الاجتماعي - أهلٌ له، فيبقى عليها أن تكون بتقدمها العلمي، وبعمارتها للأرض - قيامًا بحق الخلافة - أهلاً له كذلك، ومن هذا يتبين أن المنهج الذي تقوم عليه هذه الأمة يطالبها بالشيء الكثير، ويدفعها إلى السبق في كل مجال، لو أنها تتبعه وتلتزم به، وتدرك مقتضياتِه وتكاليفَه، وفي أول مقتضيات هذا المكان أن تقوم على صيانة الحياة من الشر والفساد، وأن تكون لها القوة التي تمكنها من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ فهي خير أمة أخرجت للناس".
فالأمة في حاجة إلى علماء فقهاء، يفقهون تزكية النفوس، وصياغة العقول، وتوحيد الجهود، ويفقهون قوانين بناء وانهيار المجتمعات، وقوانين التغيير، لا خطباء يدغدغون المشاعر والعواطف، ويَدَعُون الأمة تتلهى بالأماني دون أن تفقه كيف تجابه التحديات التي تواجهها.
فالمسلمون في عصرنا إنّما سقطوا وبعدوا عن صناعة تاريخ لهم ولأمتهم؛ لأنّهم اتّبعوا الشرق والغرب، اتبعوا كل ناعقٍ، بينما عندهم الإسلام وهو الأفضل من مناهج الغرب ومن مناهج الشرق، ولا صلاح لهم ولا للبشرية إلاّ بالرجوع إلى الإسلام، فإنّه الدين الوحيد، المطابق للعقل، والفطرة، والبرهان، والمنطق.
أسأل الله أن يستعملنا في طاعته، ويجعل منا صناعا للتاريخ بما يرضيه عنا...
والحمد لله..


سامح محمد عيد محمد
(أبو محمد الفاتح)
باحث علمي وشرعي


توقيع يمامة الوادي




هل جربت يوماً اصطياد فكرة رائعة !؟
لـتـصوغـهـا فـي داخـلـك
وتـشحـنهـا بنبض قـلـبـك
وتعـطرهـا بطيب بروحك
وتسقـيـهـا بمـاء عـرقـك
حتى تنضج وتصنع منك إنساناً مبدعاً ؟