عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 2  ]
قديم 2009-08-10, 8:29 PM
يمامة الوادي
عضو متميز بالمنتدى
الصورة الرمزية يمامة الوادي
رقم العضوية : 7644
تاريخ التسجيل : 19 - 6 - 2005
عدد المشاركات : 43,494

غير متواجد
 
افتراضي
العطاء والمساعدة:
لا شك في أنَّ العنفوان يعدُّ أمرًا جوهريًّا لدى الرجل، وأن أسوأ المواقف التي يكره أن يتعرَّض لها هي أن يجد نفسه ضعيفًا وعاجزًا، مما يدفعه للتركيز دائمًا على إبراز مواطن قوته والتحدُّث عن تفاصيل قصص نجاحه وإنجازاته، بل إنَّ الأمر قد يصل إلى درجة التردُّد في مساعدة الآخرين خشية الوُقُوع في الفشَل، وبالتالي اهتزاز رجولته وعنفوانه، وفي المقابل نجد أن المرأة لا تعير هذا الأمر كثيرًا من الاهتمام؛ إذ تتمتَّع برغبة فطرية في العطاء والبذل، بل إنَّ إقامة العلاقات وتفهم حاجات الآخرين، والاستماع إلى مشاكلهم، تعدُّ إحدى هواياتها الممتعة، مما يعني سعي المرأة الدؤوب للتعرُّف إلى مشاكل زوجها، ومساعدته في تخطيها، في مقابل تردُّده في الإقدام على مُساعدتها في المشاكل التي يشعر بأنها خارجة عن قُدرَته.

الحل:
يُنصح الرجل بأن يدرك أنَّ ارتكاب الأخطاء مُبَرر، ما دام في حدود النقص البشري، وأن فشله في مساعدة زوجته - إن حصل - فلن يؤثِّر على علاقتهما؛ إذ لا تعير المرأة الكثير من الاهتمام للنتائج العملية، بل يكفيها في كثير من الأحيان أن تجد لدى زوجها الاهتمام الكافي بمشكلاتها، حتى وإن اقْتَصَر ذلك على مجرد الاستماع والتعاطف المعنوي.

الصيغ المهذبة:
تميل النِّساء عادة إلى استخدام الصيغ المهذبة أثناء حديثهن أكثر من الرجال، وهذا أمر بدهي لا يحتاج إلى إثبات، ومن ذلك استخدامهن لكلمات مثل: "حضرتك"، و"سيادتك"، و"نحن"، بدلاً من "أنا"، و"أنتم" بدلاً من "أنت"، إلى غير ذلك من الكلمات التي تعطي شعورًا بالاحترام الذي يعني الكثير بالنسبة للمرأة، أما الرِّجال فلا يُعيرون هذه الأُمُور الكثير من الاهتمام، فهم يرَكِّزون غالبًا على مضمون الكلام أكثر من صياغته؛ أي: إنهم لا يهتمون كثيرًا بدرجة اللَّبَاقة أثناء اختيارهم لألفاظهم، بل ينْصبّ اهتمامهم بالدرَجة الأولى على إيصال الفِكْرة التي يريدون إلى المستمع بأية طريقة كانت، وكنتيجة لهذا التفاوت، لا يستبعد أن تعتبر المرأة حديثًا ذكوريًّا من هذا النوع شكْلاً مِن أشكال التسلُّط، مما يثير حساسيتها، ويشعرها بالغَيْرة على كرامتها، وقد يدفعها لاتِّخاذ موقف دفاعيٍّ غير مأمون العواقِب.

الحل يسير للغاية، فليس على الرجل إلاَّ أنْ يعتاد التفريق في حدِيثه بين الرِّجال والنساء، وأن يتخذَ الحيطة دائمًا عند اختياره لألْفاظه، ولعل تقبُّلنا للثقافة الغربية قد أنسى الرجل الشرقي الكثير من احترامه الفطري للمرأة، ودفعته لعدم الاكتراث للوُجُود الأنثوي الذي بات شائعًا في ظل الاختلاط اليومي بين الجنسَيْن، مما قلَّص الفُرُوق بينهما، وجعل من مهمة الرجل في احترام خصوصية المرأة أكثر صعوبة.

الثراء اللُّغَوي:
تشير مُعظم الإحصائيات إلى تفوُّق المرأة لُغويًّا على الرجل، فهي أكثر قدرة على انتقاء الألفاظ المناسبة، وأوفر ميلاً إلى استخدام الصيغ والجمَل الكلامية المعقَّدة، مما قد يدفع الرجل إلى اعتبار هذا الأسلوب في الحديث نوعًا من التكلُّف أو الحذلقة.

من جِهة أخرى تُفضِّل المرأة عادة استخدام ألفاظ إيجابيَّة أثناء استماعها من نوع "نعم.. آهه.. إمم"؛ وذلك بقَصْد التفاعُل مع المتحَدِّث وتشجيعه على مُواصَلة الكلام ليس إلا، ولكن الرجل قد يحمل هذه الكلمات على محمل الجد، ويعتقد أنها تعبير عن الموافقة على ما يقول، وقد يتَسَبَّب ذلك في نوعٍ منَ الإحباط عندما يدرك أن الحقيقة عكس ذلك، أما المرأة فقد تسْتاء من عدم استخدام الرجل لهذه الألفاظ والتعبيرات التي تجدها ضرورية، مما يجعلها تشعر بأنها مهمَلة.

الحل:
من السهل جدًّا أنْ نُطالب الرجل بمُراعاة هذا الجانب في زوجته، فعلَيْه أولاً أن يتفَهَّم الميل الأنثوي لتنميق الكلام دون إساءة فَهم، وثانيًا ألا يتجاهَل أهمية التواصُل مع زوجته عندما يكون في دور المستمع، ولن يتطلَّب منه ذلك أكثر من إظهار نوع منَ الاهتمام، مع إطلاق اللسان ببعض الكلمات الإيجابية اليسيرة التي يمكن أن يبني بها جسورًا قويَّة منَ الحبِّ والتفاهُم المتبادلين.

الاهتمامات:
لقد بدأنا الحديث منذ البِداية عن هذه النُّقطة، فتحدَّثْنا بإيجازٍ عن اهْتمام الرِّجال عادة بالحديث في القضايا العامة، وتجنُّب المسائل الشخْصِيَّة والعائلية فيما بينهم، كما يتَجَنّبون الحديث غالبًا عما قد يدور بين الآباء والإخوة أمام زوجاتهم وأطفالهم، بينما لا تجد المرأة في ذلك أي داع للتكتُّم، وتفضل الغوص في التفاصيل ولو كان ذلك لمجرد التسْلِية.

الحل:
قد تكون مشكلة التناقُض في الاهتمامات مِن أكثر الأمور تعقيدًا بين الزوجَيْن، والحل الأفضل لها يقتضي في البداية تشجيع كلٍّ منهما على إبداء نوعٍ من الاهتمام بقضايا الآخر، فينصح الرجل بعدم جرح مشاعر زوجته عندما تسرد عليه تفاصيل قصصها إذا ما بدت له تافهة، وفي المقابل تنصح المرأة بمتابَعة الأخبار والاطلاع على مستجدات السياسة والاقتصاد والرياضة، وعدم قصر مداركها على عالمها الصغير.

والذي قد يضيق ليقْتصر على جدران بيتها الأربعة، فالمرأة الذكية تكون قادرة على إدراك اهتمامات زوجها منذ أيامهما الأولى بدقة ملاحظتها، كما يكون باستطاعتها التعرُّف على القضايا التي تزعجه لتتجنبها، فإن شعرت بعدم رغبته في الكلام لدى عودته من العمل في آخر النهار، توجَّب عليها تجنُّب سرد الحكايات، وفتح الحوارات في هذا الوقت، وإن وجدت لديه ميلاً للحديث عن بعض ما يتعرض له في عمله من مستجدات، كان عليها أن تدفعه للبوح لها بما يريد دون ضغط أو إزعاج، مع ضرورة توَخِّي الظروف والأوقات المناسِبة لذلك، وهذا يختلف عادة من رجل لآخر.

كلمة أخيرة:
لا بد لنا منَ التذكير دائمًا بأن الزواج الناجِح لا يُمكن أن يقوم إلاَّ على أساس من الاحترام المتبادَل، وأن الحب لا يعني رفْع الكلفة بين الشريكَيْن إلى درجة الإساءَة، بل ينبغي لكل منهما الاحتفاظ بنوع من الخصوصية لنفسه ولشريكه، وأن يشعره دائمًا بأنه لم يكشفْ له عن كل أوراقه، فالغموضُ في الشخصية يضفي لَمْسَة منَ السِّحْر والجاذبية، مما يجعل من فترة الخطوبة أكثر الفترات حميمية، ثم سرعان ما تخبو جذوة الحب بعد السنوات الأولى من الزواج؛ بسبب تسرُّع الزوجين أو أحدهما - وغالبًا ما يكون الرجل - في كشْف كلِّ خفاياه حتى لو كانت سلبية، اعتقادًا منه بأن الحب يعني البوح بكل شيء وعدم الاحتفاظ بأيِّ أسرار؛ لذا فإنا ننصح بضرورة الإبقاء على مسافة فاصلة قصيرة، تضفي على الذات مسحة من الغموض المحبب، وتجعل الآخر في شوقٍ دائم للتقرُّب إليه، واكتشاف ألغازه المخبوءة.