مشهد ودرس..
- - - - - - -
رأيتُ على إحدى القنوات الفضائية مشهداً ، ضمن فيلم وثائقي بديع ،
شد ذلك المشهد نظري ، وشعرت أنه قدم لي جملة من دروس
يحتاجها الإنسان وهو يقطع رحلة الحياة على هذه الأرض ..
كان المشهد كالتالي :
مجموعة من القرويين أثناء عودتهم إلى قريتهم ، من رحلة قطعوا فيها جبالاً عدة
، فاعترضتهم مخاضة ، وجعل بعضهم ينظر إلى بعض ،
فلا سبيل للوصول إلى القرية إلا عبر هذه المخاضة ،
التي خلفتها الأمطار في غيابهم ، والتي قد تصل إلى أنصاف الساق أو أعلى ..!
..
وبدون تردد أشار أحدهم إلى الآخرين بحركة من رأسه ،
فشرعوا يرفعون أمتعتهم على رؤوسهم ، ثم هجموا على المخاضة ،
وهم يضحكون ، ورفع أحدهم عقيرته بالحداء ،
فجعل ينشد بصوت شجي ، وهم يرددون مقطعا من المقاطع ..
وجعلوا يتقدمون في بطء شديد ، وحذر أشد ،
ولا زالوا كذلك حتى وجدوا أنفسهم على الضفة الأخرى ، ينفضون ثيابهم ، وهم يتضاحكون ..!!
ثم واصلوا رحلتهم جهة قريتهم ، حيث ينتظرهم هناك أحبابهم في لهفة وشوق ..!
..
سرحت بفكري بعيداً بعيداً ، ثم قلت لنفسي :
هكذا والله تقطع رحلة الحياة على هذه الأرض ،
حتى نستقر في الجنة إن شاء الله !
إن إنساناً يحمل مثل هذه الهمة :
سيجد أن الدنيا تبتسم له ، على مفارق الطريق ومنعرجاته ،
وسيجد أن بهجة قلبه تصحبه حيثما كان ،
رغم ما في الطريق من صعاب ومشاق ومعاناة ..!
وأعني بالمخاضة هنا :
شدائد الحياة ،والصبر عليها، وثقل التكاليف والنهوض بها.
أما الذين يسقطون كلما رأوا مخاضة ، بدعوى أنهم أعجز من أن يخوضوها ،
فهؤلاء سيعيشون عالة ، ويموتون لئاماً غير كرام ..!
ابو عبد الرحمن