سابعًا: علِّمي الطفل كيفيةَ التغلُّب على السأم:
إذا كنت تتحدَّثين وتلعبين مع الطفل عدَّة ساعات كلَّ يوم، فليس من المتعيِّن أن تشاركيه اللعب دائمًا، أو تُحضري له بصفة دائمة صديقًا من خارجِ المنزل ليلعبَ معه، فعندما تكونين مشغولةً توقَّعي من طفلك أن يسلِّي نفسه بمفرده، فالطِّفل البالغ من العمر سنة واحدة يستطيع أن يشغل نفسه لخمس عشرة دقيقة متواصلة، أمَّا عند الثالثة من العمر، فمعظم الأطفال يستطيعون تسلية أنفسهم نِصفَ الوقت، وعندما تصطحبين الطفل خارجَ المنزل للتسلية، فإنَّك تُسدِين له بذلك معروفًا؛ حيث إنَّ اللعب الإبداعيَّ والتفكير الجيِّد وأحلام اليقظة تقضي جميعُها على الملل؛ وإذا كان يبدو لك أنك لا تستطيعين ترويضَ نفسك كموجِّهٍ اجتماعي للطفل، فعليك أن تُلحقيه بروضة للأطفال.
ثامنًا: علِّمي الطفل كيفية الانتظار: فالانتظار يُعلِّم الطفلَ كيف يتعامل مع الضُّغوط والمعاناة بصورة أفضل، فجميع الأعمال في عالَم الكِبار تحمل شيئًا من المعاناة؛ لذا فإنَّ تأخير تلبية رغباتِ الطفل سمةٌ يجب أن يكتسبها تدريجيًّا بالممارسة، لا تشعري بالذنب إذا جعلت الطفل ينتظر دقائقَ من حين لآخر، (فمثلاً يجب ألا تسمحي للطفل أن يُقاطع محادثاتك مع الآخرين)، فالانتظار لن يَضيره ما دام أنَّه لا يُسبِّب له ضيقًا أو إزعاجًا، ومن ثَمَّ سوف يقوِّي ذلك مثابرتَه وتوازنه العاطفي.
تاسعًا: لا تُجنِّبي الطفل مواجهة تحديات الحياة العادية: فحدوث التغيُّرات - مثل الخروج من المنزل وبدء الحياة المدرسيَّة - يُعدُّ من ضغوط الحياة العادية، ومثل هذه الفرص تُعلِّم الطفل وتجعله قادرًا على حلِّ مشاكله، كوني دائمًا قريبة ومستعدَّةً لمساعدة الطفل عندَ اللزوم؛ لكن لا تساعديه إذا كان بمقدوره أن يفعل الشيءَ بمفرده، وعمومًا فعليك أن تجعلي حياةَ الطفل واقعيَّة وطبيعية بالقدر الذي يستطيع تحمُّلَه وفقًا لسِنِّه، بدلاً من إجهاد نفسك بتوفير أكبرِ قدر من المتعة له؛ لأنَّ قُدراتِ الطفل على التكيُّف وثقته بنفسه سوف تنشطُ، ويستفيد من خوْض تلك التجارب.
عاشرًا: لا تُفرطي في مدح الطفل: يحتاج الطفل بطبيعته إلى المدح، ولكن قد يُسرف الوالدان في ذلك، امدحي الطفلَ على سلوكه الحسن والتزامه بطاعة ربِّه ووالديه، كذلك شجعيه على القيام بأشياءَ جديدة، وخوْضِ المهام الصعبة، ولكن عوِّديه القيام بعمل الأشياء لأسبابٍ يراها هو بنفسه أيضًا، فالثِّقة بالنفس والإحساس بالإنجاز يتأتَّيان من القيام بالأعمال التي يَفخر بها الطِّفل، أمَّا مدح الطِّفل أثناء قيامه بالعمل، فقدْ يجعله يتوقف عند كلِّ مرحلة؛ رغبةً في تلقِّي المزيد من المدح والإطراء .
حادي عشر: علِّمي الطفل احترامَ حقوق والديه: تأتي احتياجات الأطفال من حُبٍّ وطعام وملبس وأمن وطمأنينة في المقام الأوَّل، ثم تأتي احتياجاتُك أنت في المقام الثاني، أمَّا رغبات الطفل (مثل اللعب)، أو نزواته (مثل حاجته إلى مزيد من القصص عند النوم)، فيجب أن تأتي في المقام الثالث، ووفقًا لِمَا يسمح به وقتك، ويزداد هذا الأمر أهميَّةً بالنسبة للوالدين العاملين اللذين يكون وقتهما الذي يقضيانِه مع أطفالهما محدودًا، والشيء المهمُّ هنا هو مقدار الوقت الذي تقضينه مع أطفالك وفعاليته، فالوقت المثمر هو الذي تتفاعلين فيه مع طفلك بأسلوب ممتِع، ويحتاج الأطفال إلى مثل هذا النوع من الوقت مع والديهم يوميًّا، أمَّا قضاؤك كلَّ لحظة من وقت فراغك أو من عطلتك مع الطِّفل، فإنَّه ليس في صالح الطفل أو في صالحك، حيث يجب أن يكون هناك توازنٌ تحافظين به على استقرارك النفسي والذهني، بحيث يمنحك قدرةً أكبر على العطاء، واعلمي أنَّ الطفل إذا لم يتعلَّم احترام حقوق والديه، فقد لا يحترم حقوقَ الآخرين.
الإهمال:
ويُعرف الإهمالُ بأنَّه ذلك النمطُ من سوء المعاملة، الذي يُعبِّر عن الفشل في توفير الرعاية المناسبة لعمر الطفل، شأن المسكن والملبس والغذاء والتربية والتعليم، والتوجيه والرعاية الطبيَّة وغيرها من الاحتياجات الأساسيَّة الضروريَّة لتنمية القُدرات الجسديَّة والعقلية والعاطفية، والإهمال بخلاف الاعتداء الجسديِّ والجنسي، يتسمُ بصفة الاستمراريَّة، ويتمثَّل في نمط غير مناسب من الرِّعاية والتربية، وتَسهُل ملاحظتُه من قِبل الأشخاص القريبين من الطِّفل، والاعتداء العاطفي يتجاوز مجرَّد التطاول اللفظيِّ، ويعتبر هجومًا كاسحًا على النموِّ العاطفي والاجتماعي للطِّفل.
أنواع الإهمال:
الإهمال قد يكون جسديًّا: ويمثل غالبية حالاتِ سوء المعاملة الشائعة، ويشمل رفضَ أو تأجيلَ الرِّعاية الصحية الضروريَّة للطفل، وتجاهلَ الطفل وترْكَه وحيدًا بلا رقابة أو إشراف، أو معاقبته بالطَّرْد من المنزل، وعدم تلبية احتياجاته الجسديَّة والعاطفيَّة بشكلٍ ملائم، وحرمانه من الشُّعور بالأمان في بيته.
أو تربويًّا: ومن أمثلته السَّماح للطِّفل بالتغيُّب عن المدرسة بدون سبب، أو حرمانه من التسجيل في المدرسة، أو توفير العوْن الإضافي الذي يحتاجه في دراسته.
أو طِبيًّا: ويمثل عدم توفير الرِّعاية الصحيَّة الملائمة للطِّفل، رغمَ توفُّر القدرة الماديَّة على ذلك، وفي بعض الحالات قد يُحرَم الطفلُ من الرِّعاية الطبيَّة التقليديَّة أثناءَ ممارسة بعض الطقوس الاجتماعيَّة.
أو عاطفيًّا: ويشمل تَكرارَ التصرُّفات الخاطئة أمامَ الطفل؛ مثل ضرب الزوجة أمامَ ناظريه، أو تحقير الطِّفل والاستخفاف بشأنه، وحرمانه من العاطفة والمحبَّة، أو حِرمانه من العلاج النفسيِّ إذا كان يحتاجه.
ومن نتائج هذا النمطِ السُّلوكي:
تدهورُ ثقة الطفل بنفسه، وإحساسه بعدم أهميته، وربَّما انحرف سلوكُه، واتجه إلى تعاطي الكحول أو المخدِّرات وغيرها من السُّلوكيات التدميريَّة، والتي قد تصل إلى الانتحار، كما أنَّ الإهمال العاطفي المفرِط للرضع قد يؤدِّي إلى وقْف نموِّهم وربَّما إلى الوفاة، وهذه درجة شديدة من درجات الإهمال.