عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 2  ]
قديم 2009-04-14, 7:45 PM
يمامة الوادي
عضو متميز بالمنتدى
الصورة الرمزية يمامة الوادي
رقم العضوية : 7644
تاريخ التسجيل : 19 - 6 - 2005
عدد المشاركات : 43,494

غير متواجد
 
افتراضي
علاج المشكلة..

نعم كان الإسلام وسطاً بين الرهبانية والإباحية، لم يمنع الشهوة مطلقاً ولا أباحها مطلقاً.. وإنما نظمها بمشروعية الزواج. قال - تعالى - في معرض امتنانه على عباده بمشروعية الزواج وأنه الوسيلة الصحيحة للاستجابة للدوافع الغريزية وتحقيق السكن والمودة والرحمة: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} (الروم: من الآية21) في حين حرم الزنا بقوله: {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً} (الإسراء:32) ولعلك تفهم من قوله - تعالى -: {لَا تَقْرَبُوا} بدل أن يقول [لا تزنوا] أن كل دواعي الزنا محرمة: كالنظر إلى المرأة الأجنبية والخلوة بها، وخروج المرأة متعطرة أو متبرجة، وسفرها بغير محرم.. إلخ هذه التشريعات التي تضمن سلامة المجتمع، وتحفظ العرض والدين.



وإذن فالسبيل المشروع لتصريف الشهوة وتحصيل معاني السكن والمودة والرحمة يكمن في وصية النبي - صلى الله عليه وسلم - للشباب من أمثالك بقوله: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج [الباءة: أسباب القدرة على الزواج] فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء).



كل آت قريب..!

ولعلك تسأل مرة ثانية: وأين أنا من الزواج يا أستاذ؟! وما زلت طالباً في بيت أبي وأمي!!

فاعلم أن مرور الأيام والليالي أسرع شيء في الدنيا! أولا تذكر أنك كنت بالأمس في المرحلة الابتدائية؟! بل كنت طفلاً رضيعاً!! ثم صرت شاباً في المرحلة الإعدادية ثم الثانوية.



وها أنت في الجامعة.. وما هي إلا أيام قلائل ـ تقضيها في الطاعة إن شاء الله ـ ونراك تؤسس بيتاً على الإيمان والتقوى، وتسعد بالزوجة الصالحة التي تعينك على الطاعة ـ وتعينها ـ وتقطعان معاً طريق الدنيا الفانية القصيرة إلى جنة الخلود.. حيث تطيب اللذات ويدوم النعيم.



فإلى أن تتيسر لك أسباب الزواج، بعد أن تواصل دراستك بنجاح وتفوق، وتكبر وتنضج، وتصبح قادراً على كفاية نفسك، وتحمل التبعات والمسؤوليات، فإني أوصيك بجملة من الوصايا تعينك على قطع هذه المرحلة التي تعيشها والخروج منها بسلام:



الوصية الأولى: الصوم..

فإنه بديل عن الزواج كما أرشد النبي - صلى الله عليه وسلم - الشباب في الحديث السابق.. [.... ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء] أي قاطع للشهوة.. وذلك أن الصوم يضيق مجاري الشيطان، ويجلب عون الرحمن، ويعود المجاهدة.



الوصية الثانية: غض البصر..

فإن النظرة المحرمة سهم مسموم من سهام إبليس يفسد بها قلب المؤمن.. ولذا قال - تعالى -: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ} (النور: من الآية30) ووصى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مَنْ نَظَرَ فجأة من غير قصد فقال: [اصرف بصرك] وذلك لأن النظرة المحرمة شعبة من شعب الزنا كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: [.... والعين تزني وزناها النظر..]



الوصية الثالثة: صحبة الصالحين..

فإن الطبع يسرق، والطيور على أشكالها تقع، ولذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: [المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل] وقال أيضاً: [لا تصاحب إلا مؤمناً..] لأن المؤمنين كما وصفهم الله - تعالى -: {يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ الله َ وَرَسُولَهُ} (التوبة: من الآية71) وسبحان الله! إن الكلب لما صحب الفتية الصالحين ـ أصحاب الكهف ـ انتفع بصحبتهم، حيث خلد الله ذكره في القرآن وأضافه إليهم: {سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ}(الكهف: من الآية22).



الوصية الرابعة: عمارة الأوقات بالطاعات..

فإن رأس مال المسلم وقته، فاحرص على أن تكون في طاعة الله دائماً، تتابع حفظ القرآن، وتجتهد في العمل به، وفي قيام الليل وصلاة الضحى، وتحرص على صلاة الجماعة في المسجد، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتكثر من ذكر الله.. رجاء أن تكون من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ومنهم: [شاب نشأ في عبادة الله] كما جاء في حديث نبيك المصطفى - صلى الله عليه وسلم -.



الوصية الخامسة: الرياضة النافعة..

فإنها من أنفع ما تتوجه إليه طاقة الشباب خاصة إذا نوى بها التقوِّى على الطاعة والعبادة، والاستعداد للجهاد وإعزاز الدين، واستعادة أمجاد المسلمين، فاحرص على تنمية لياقتك البدنية من خلال ممارسة الرياضات النافعة كألعاب القوى من جري ووثب ونحوهما، وتعلم السباحة والرماية...... الخ هذه الرياضات المفيدة.. وتذكر قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: [المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف].



الوصية السادسة: كن متفائلاً..

فقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحب الفأل، كما كان ينهي عن التشاؤم.. وهكذا المؤمن يحسن الظن بالله، ويتوكل على الله، ويستعين على متاعب الحياة بالله، ويطلب تفريج الكرب من الله، وينتظر فرج الله القريب موقناً أنه آت لا محالة، لأن الله حكيم خبير، عزيز قدير، إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون.



الوصية السابعة: اختر لنفسك قدوة..

فإن الإنسان مجبول على تقليد المثل الأعلى والتأسي به، ولذا جعل الله - تعالى - للمسلمين القدوة في رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ الله ِ أُسْوَةٌ حَسَنَة} (الأحزاب:21) فتأسى بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه - رضي الله عنهم- في علمهم وعملهم، في خشيتهم وورعهم، في جهادهم وبذلهم.. وليكن لك أسوة كذلك فيمن حولك من إخوانك وأصحابك الصالحين، أو أساتذتك المربين، أو العلماء العاملين، والمجاهدين الصادقين، فإنك لن تزال في زيادة في دينك، وعلو في همتك..



الوصية الثامنة: تذكر حقيقة الدنيا وسرعة زوالها..

فإن من تأمل حقيقة الدنيا، وأنها كما قال - تعالى -: {اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد } (الحديد: من الآية20) ثم قارنها بالآخرة واستحضر قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: [ما الدنيا في الآخرة إلى كمثل ما يضع أحدكم إصبعه في اليم، فلينظر بم يرجع!] فكيف إذا استحضر كذلك الموت وسكراته، والقبر وضمته وما فيه من عذاب أو نعيم، والبعث والحشر، والحساب والجزاء والعرض على الجبار، ثم الجنة والنار.. إنها أمور توجب اليقظة والحرص، والاجتهاد والتشمير..



الوصية التاسعة: دوام مراقبة الله..

فإن المؤمن دائماً يراجع نفسه لماذا فعلت كذا؟! وماذا قصدت بكذا؟ وهلا فعلت كذا، وهل هذا مما يرضى الله، ويجلب الحسنات فأفعله، أم يغضبه - سبحانه - ويجلب السيئات فأتركه.. فاحرص أن يراك الله حيث أمرك، وأن يفقدك حيث نهاك، وليكن واعظ الله في قلبك أقوى من داعي الهوى، ولمَّة المَلَكِ أقوى من لمة الشيطان، وهكذا المؤمن دائماً..



الوصية العاشرة: أكثر من ذكر الله - تعالى -

فإن القلوب تصدأ وتقسو، وتتملكها الغفلة في كثير من الأحيان، حتى يضيق صدر الإنسان ويحس بالشقاء، وقد جعل الله المخرج من كل هذا بذكر الله: {أَلا بِذِكْرِ الله ِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} (الرعد: من الآية 28) وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعدون له في المجلس الواحد: [رب اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الرحيم] مائة مرة، فالذكر هو العبادة التي ليس لها حد ولا مقدار، ولهذا قال - تعالى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللهَ ذِكْراً كَثِيراً} (الأحزاب:41).



أيها الحبيب.. لعلك تعلم إشفاقي عليك، ومحبتي لك، ورغبتي أن أراك سعيداً في الدنيا والآخرة.. وهذا ما يدفعني أن أردف هذه الوصايا بمثلها من المحاذير، لعلي أكون قد أديت واجبي نحوك.. والله يعلم أنني كما قال شعيب - صلى الله عليه وسلم -: {إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْأِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِالله ِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} (هود: من الآية88).