إثبات محبة العبد لربه ، و محبة الرب لعبده2
- - -
قال بعض السلف :
ادعى قوم محبة الله فأنزل الله آية المحنة .
( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله )
..فليس الشأن أن تحب الله ، وإنما الشأن أن يحبك هو جل جلاله .
فما لم تحصل المتابعة ، فليست محبتكم له حاصلة ، ومحبته لكم منتفية ..
* وفي الصحيح عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان :
أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ..
وأن يحب المرء لا يحبه إلا الله ..
وأن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يلقى في النار
.
* وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :يقول الله تعالى :
من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب ..
وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي من أداء ما افترضته عليه ..
ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ..
فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ..
ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها ..
ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه.
.
*وفي الصحيحين عنه أيضا:
عن النبي صلى الله عليه وسلم :
إذا أحب الله العبد دعا جبريل فقال :
إني أحب فلانا فأحبه..
فيحبه جبريل ثم ينادي في السماء فيقول :
إن الله يحب فلانا فأحبوه فيحبه أهل السماء .
ثم يوضع له القبول في الأرض ..
وذكر في البغض عكس ذلك
.
*وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها
في حديث أمير السرية الذي كان يقرأ قل هو الله أحد لأصحابه في كل صلاة
وقال لأنها صفة الرحمن فأنا أحب أن أقرأ بها .
فقال النبي صلى الله عليه وسلم :
أخبروه أن الله يحبه .
.
.
.
*وفيه أيضا من حديث عبدالله بن يزيد الخطمي :
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في دعائه :
اللهم ارزقني حبك وحب من ينفعني حبه عندك ..
اللهم ما رزقتني مما أحب فاجعله قوة لي فيما تحب ..
وما زويت عني مما أحب فاجعله فراغا فيما تحب
..
والقرآن والسنة مملوآن بذكر من يحبه الله سبحانه من عباده المؤمنين
وذكر ما يحبه من أعمالهم وأقوالهم وأخلاقهم ..
كقوله تعالى :
والله يحب الصابرين ….
والله يحب المحسنين ..
إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين ..
إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص
فإن الله يحب المتقين
وقوله في ضد ذلك :
والله لا يحب الفساد ..
والله لا يحب كل مختال فخور .
والله لا يحب الظالمين ..
إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا
.
وكم في السنة من مثل :
أحب الأعمال إلى الله كذا وكذا ..
وإن الله يحب كذا وكذا ..
كقوله : أحب الأعمال إلى الله الصلاة على أول وقتها
ثم بر الوالدين ثم الجهاد في سبيل الله ..
وأحب الأعمال إلى الله : الإيمان بالله ثم الجهاد في سبيل الله ثم حج مبرور .
وأحب العمل إلى الله ما داوم عليه صاحبه .
وقوله : إن الله يحب أن يؤخذ برخصه
وأضعاف أضعاف ذلك .
وفرحه العظيم بتوبة عبده الذي هو أشد فرح يعلمه العباد ..
وهو من محبته للتوبة وللتائب..
فلو بطلت مسألة المحبة : لبطلت جميع مقامات الإيمان والإحسان .
ولتعطلت منازل السير إلى الله .
فإنها روح كل مقام ومنزلة وعمل ..
فإذا خلا منها فهو ميت لا روح فيه ..
ونسبتها إلى الأعمال كنسبة الإخلاص إليها..
بل هي حقيقة الإخلاص ، بل هي نفس الإسلام :
فإنه الاستسلام بالذل والحب والطاعة لله.
فمن لا محبة له لا إسلام له البتة ..
بل هي حقيقة شهادة أن لا إله إلا الله :
فإن الإله هو الذي يأله العباد حبا وذلا وخوفا ورجاء وتعظيما وطاعة له :
بمعنى مألوه وهو الذي تألهه القلوب أي تحبه وتذل له
وأصل التأله التعبد ، والتعبد آخر مراتب الحب ..
يقال عبده الحب وتيمه إذا ملكه وذلله لمحبوبه
.
فالمحبة حقيقة العبودية وروحها ..
وهل تمكن الإنابة بدون المحبة ..
وهل الصبر في الحقيقة إلا صبر المحبين
وكذلك الزهد في الحقيقة هو زهد المحبين ،
فإنهم يزهدون في محبة ما سوى محبوبهم لمحبته
وكذلك الحياء في الحقيقة إنما هو حياء المحبين :
فإنه يتولد من بين الحب والتعظيم ..
وأما مالا يكون عن محبة فذلك خوف محض ..
وكذلك مقام الفقر فإنه في الحقيقة فقر الأرواح إلى محبوبها .
وهو أعلى أنواع الفقر فإنه لا فقر أتم من فقر القلب إلى من يحبه .
ولا سيما إذا وحّده في الحب ولم يجد منه عوضا سواه
هذا حقيقة الفقر عند العارفين
وكذلك الغنى هو غنى القلب بحصول محبوبه
وكذلك الشوق إلى الله تعالى ولقائه فإنه لب المحبة وسرها
فمنكر هذه المسألة ومعطلها من القلوب معطل لذلك كله
وحجابه أكثف الحجب .
وقلبه أقسى القلوب وأبعدها عن الله ..
وبالله التوفيق ..
ابو عبد الرحمن
التعديل الأخير تم بواسطة يمامة الوادي ; 2009-03-13 الساعة 11:25 AM.
|