حالة اليقظة هذه معناها :
أن القلب مضيء.. ومعنى أن القلب مضيء ..
أن الخفاش لا يستطيع الصمود في وجه النور فيفر من النور ،
وينكمش ويتخاذل .. الخفاش هو الشيطان ،
لا يستطيع أن يفتح عينيه في النور ، فينسحب ، ليتربص ويترصد
ولماذا لا نقول : أو حتى نظل في ترقٍ دائما
نعم صحيح : أو حتى نظل في ترقٍ دائم ، هذا من عجائب القلب
ولهذا قال علماؤنا رحمهم الله :
القلب ليس عالماً واحدا .. بل القلب مجموعة عوالم !!!
_ طيب : كيف تبقى الإضاءة مستمرة..؟ !!
_ طيب ..أسوق إليك درسا في هذه القضية ، حتى تتتكامل الصورة :
يقول الله سبحانه عن الشيطان : ( إن كيد الشيطان كان ضعيف )
فالشيطان ضعيف ... لكن أمام من ؟؟ هذا هو السؤال؟
_ أمام المؤمن طبعا
نعم .. كلما قوي الإيمان واليقين أصبح الشيطان ضعيفا خائفا جبانا ..
هل تعرف معني ( الخناس ) ..؟؟
الله وصف الشيطان بأنه ( خناس ) هذه صفته الرئيسية .. والأساسية ..
الخناس هو الذي يتوارى وينكمش حتى إذا وجد فرصة مناسبة هجم ..!!
متى يتوارى الشيطان ويخنس ..؟؟
إذا كان هذا الإنسان ذاكرا لله تعالى يعيش مع ربه ،
مستحضرا قرب الرب منه ..
فإن الشيطان في هذه الحالة تنشل قواه يصبح أشبه بالمعاق..!
_ الله اكبر.. سبحان الله .. رائع والله ..
_ لا يكاد يستطع الحركة بحرّية ، ولهذا فنحن دائما نتواصى
نتواصى بان نكثر من ذكر الله على مدار اليوم والليلة..
ذلك من أجل أن نقيد الشيطان بحبال الذكر القوية ؟
هل أضرب لك مثال جميلا .. رائعا يقرب هذه القضية
_ نعم . تفضل بارك الله فيك ..
_ هل تعرف الخفاش ؟؟..
من أخص خصائصه : إنه يتحرك بحرية في الظلام ... أليس كذلك ؟؟
فإذا اشتعل النور ولى هاربا ، لأنه لا يقوى على مواجهة النور
،أليس كذلك ؟ أن الشيطان مثل الخفاش تماما ...!!!!!!
الشيطان إذا واجهه الإنسان بذكر الله ، خاصة مع حضور قلب
فإنه لا يستطيع المقاومة .. لكن للأسف ...
في حالة اشتعال النور وقوته يفر .. لقد كررت عليك هذا المعنى لأهميته !
المهم الآن ..كلنا صغارا وكبارا نحفظ سورة ( الناس ) ..
ولكن أكثر الخلق غالفون عما في هذه السورة القصيرة من عجائب ..
_ كيف ؟؟ بالله عليك أفض بما عندك .. بارك الله فيك .. ونفع بك ..
_ طيب ..ركز معي ..
ألخص لك ما قاله صاحب في ظلال القرآن رحمه الله :
الله جل جلاله برحمة منه .. يوجه رسوله صلى الله عليه وسلم .
__ وأمته أيضا __ إلى العياذ به سبحانه والالتجاء إليه وحده ،
.. مع استحضار معاني صفاته هذه ..من شر خفي الوسواس
الذي لا قبل لهم بدفعه إلا بعون من :
( الرب / الملك / الإله )
رب الناس .. ملك الناس ... إله الناس
ولقد أطلق النص القرآني الصفة ( الوسواس الخناس )
وحدد عمله ( الذي يوسوس في صدور الناس )
ثم حدد ماهيته ( من الجن والناس )
وهذا الترتيب مقصود .. ليثير في الحس : اليقظة ، والتلفت ، والانتباه ،
لتبين حقيقة الوسواس الخناس ….. تأهباً لدفعه أو مراقبته ..!
لاحظ ( اليقظة ) وهي موضوعنا الذي كنا فيه
والنفس حين تعرف ( بعد هذا التشويق والإيقاظ )
أن الوسواس الخناس يوسوس في صدور الناس خفية وسراً ..
وأنه من الجِنة الخافية .. وهو كذلك من الناس
الذين يتدسسون إلى الصدور ، ويوسوسون ووسوسة الشياطين ..!!
النفس حين تعرف هذا تتأهب للدفاع ،
وقد عرفت المكمن والمدخل والطريق !!
ووسوسة الجن لا ندري كيف تتم ...
ولكنا نجد آثارها في واقع نفوسنا وواقع الحياة ..
ونعرف أن المعركة بين آدم عليه والسلام ،
وإبليس معركة قديمة ، قديمة ..
وأن الشيطان قد أعلنها حربا لا هوادة فيها ،..
_ ما شاء الله ... رااائع والله .. واصل رحم الله والديك
_ والآن .. انتبه رحم الله والديك للفقرة الآتية .. وتأملها طويلا :
أن الشيطان قد أعلنها حربا لا هوادة فيها ،..
ولكن الله برحمته لم يترك الإنسان في هذه المعركة الضروس
مجردا من العدة والعتاد ...
بل لقد جعل له من ( الإيمان ) درعا واقياً ..
وجعل له من ( الذكر الكثير ) عدة وزاد ..
وجعل له من ( الاستعاذة ) سلاحا ..
أعد قراءة الفقرة السابقة مرات .. واجعلها منك على بال ..
فإنها مهمة للغاية .
فإذا أغفل الإنسان درعه الحصينة ، وعدته وزاده ، وسلاحه
.. فلا يلومن إلا نفسه .. !! هو الملوم وحده ..!!
_ سبحان الله .. سبحان الله ..!!
_ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم .:
" الشيطان جاثم على قلب ابن آدم ..
فإذا ذكر الله تعالى خنس ( الشيطان ) .. وإذا غفل وسوس . "
والآن أيضا .. انتبه للكلام الآتي .. وركز فيه كثيرا ..
وأما وسوسة الناس فإننا نعرف عنها الشيء الكثير ..
ونعرف منها ما هو أشد من وسوسة الشياطين !!
... عشرات المسوسوين الخناسين من حولك ،
الذين ينصبون أحابيلهم ويخفونها بإحكام ،
ليتسللوا إلى قلبك ، فيدمرونه وأنت تضحك ..!!
ولأن الإنسان عاجز عن دفع الوسوسة الخفية ..
ومن ثم يدله الله على عُدته وجنته وسلاحه في المعركة الرهيبة ..
_ رائع .. ما شاء الله .. نسأل الله أن يتولانا برحمته ..
_ والآن أهم فقرة وأقواها .. ركز من جديد :
وهناك لفتة ذات مغزى في وصف الشيطان بأنه ( الخناس )
فهذه الصفة تدل من جهة على تخفيه واختبائه ،
حتى يجد فرصة سانحة فيدب ويوسوس ..
ولكنها من جهة أخرى : توحي بضعفه أمام من يستيقظ لمكره .
ويحمي مداخل صدره .. فهو إذا واجهه المؤمن خنس ،
وعاد من حيث أتى .. وقبع واختفى ..
_ الله الله الله الله.. سبحان الله .. سبحانك يا رب..
_ وهذه اللفتة : تقوي القلب على مواجهة الوسواس ..
فهو ( خناس ) خناس يعني ضعيف أمام المؤمن
المؤمن الذي لم يغفل درعه وزاده وسلاحه ..!
_ كلام غير عادي.. هذا فتح من الله على قلب هذا العالم رحمه الله ..
_ ويواصل كلامه رحمه الله فيقول :
ولكنها من ناحية أخرى .. معركة طويلة لا تنتهي أبدا ..
فهو أبدا قابع خانس ، مترقب للغفلة ،،
واليقظة مرة لا تغني عن اليقظات ..
والحرب سجال إلى يوم القيامة ..
يوم لك ويوم عليك .. فالمطلوب : اليقظة
_ جزاك الله عني خير الجزاء .. لقد فتحت عيني على أمور في غاية الأهمية ..
_ الفضل لله وحده .. عليّ وعليك ..
المهم ..مرة ثانية ( اليقظة ) ( اليقظة )
وأجواء الصحبة الطيبة خير معين على استمرار اليقظة
لأطول فترة ممكنة ..
وأجواء الصحبة السيئة بالعكس تماما :
خير معين لاستيلاء الشيطان على حصون القلب كلها ..!!
وأعود إلى ما تبقى من كلام الشيخ رحمه الله :
هذا التصور لطبيعة المعركة ، ودوافع الشر فيها ..
من شأنه أن يُشعر الإنسان أنه ليس مغلوباً على أمره فيها ،
فإن ربه سبحانه وملكه وإلهه مسيطر على الخلق كله . .
وإذا كان قد أذن لإبليس بالحرب ، فهو آخذ بناصيته لا يفلت منه ،
وهو لم يسلطه إلا على الذين يغفلون عن ( ربهم وملكهم وإلههم )
فأما الذين يذكرونه ويعيشون في رحابه ،
فهم في نجوة من شره ودواعيه الخفية .
فالخير إذن يستند إلى القوة التي لا قوة سواها في هذا الوجود كله ..
أما الشر فيستند إلى وساوس خناس هزيل يضعف عن المواجهة ،
ويخنس عند اللقاء ، وينهزم أما المؤمن الذي معه :
درعه ووقايته ، وزاده ، وسلاحه ..
وهذا أكمل تصور للحقيقة القائمة عن الخير والشر ..
كما أنه أفضل تصور يحمي القلب من الهزيمة والانكسار ..
بل يمنحه القوة والثقة والطمأنينة ..
والحمد لله أولا وأخيرا وبه الثقة والتوفيق ..
انتهى النقل وبالله التوفيق
وبهذا نصل إلى نهاية الموضوع بتوفيق من الله وفضل ..فلله الحمد..
فقط أضيف كلمة لأربط نهاية الموضوع بأوله ..
أنك بهذه المجاهدة للشيطان ، تكون عاملا في صقل قلبك
حتى يتوهج بالنور ، وشيئا فشيئا يتكامل هذا النور ..
فلا تيأس ولا تمل .. وثق بموعود الله لك :
(وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ)
شمر .. وجاهد .. وحاول أن تكون من المحسنين ، وأبشر بكل خير
جزاك الله خيرا كثيرا مضاعفا .. ورضي الله عنك .. في أمان الله .