إذا حضر الموت كان الشيطان حريصا على الإنسان حتى لا يفلت منه، ففي صحيح مسلم عنجابر بن عبدالله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( إن الشيطان يحضر أحدكم عندكل شيء من شأنه ، حتى يحضره عند طعامه ، فإذا سقطت من أحدكم اللقمة فليمط ما كانبها من أذى ، ثم ليأكلها ، ولا يدعها للشيطان ، فإذا فرغ فليلعق أصابعه ، فإنه لايدري في أي طعامه تكون البركة) ، وقد ذكر علماؤنا أن الشيطان يأتي الإنسان في تلكاللحظات الحرجة في صورة أبيه أو أمه أو غيرهم ممن هوشفيق عليه ناصح له ، ويدعوهإلى اتباع اليهودية أو النصرانية أو غيرها من المبادئ المعارضة للإسلام، فهناك يزيغالله من كتبت له الشقاوة، وهو معنى قوله تعالى ( ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتناوهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب)ا
وقد حدث عبد الله بن الإمام أحمد بنحنبل قال : حضرت وفاة أبي أحمد ، وبيدي خرقة لأشد لحييه ، فكان يغرق ، ثم يفيق ،ويقول بيده: لا بعد ، لا بعد ، فعل هذا مرارا ، فقلت له : يا أبي أي شيء يبدو منك ؟فقال : إن الشيطان قائم بحذائي عاض على أنامله ، يقول : يا أحمد فتني ، وأنا أقول : لا بعد ، لا بعد ، حتى أموت
وقال القرطبي : سمعت شيخنا الإمام أبا العباسأحمد بن عمر القرطبي يقول : حضرت أخا شيخنا أبي جعفر أحمد بن محمد القرطبي بقرطبة ،وقد أحتضر ، فقيل له : قل لا إله إلا الله، فكان يقول: لا لا ، فلما أفاق ذكرنا لهذلك ، فقال : أتاني شيطانان عن يميني وعن شمالي ، يقول أحدهما : مت يهوديا فإنه خيرالأديان ، والآخر يقول : مت نصرانيا فإنه خير الأديان ، فكنت أقول لهما : لا لا
ولكن هذا ليس لازما لكل أحد كما يقول ابن تيمية ، بل من الناس من تعرض عليهالأديان قبل موته ، ومنهم من لا تعرض عليه ، وقد وقع ذلك لأقوام ، وهذا كله من فتنةالمحيا والممات التي أمرنا أن نستعيذ بها في صلاتنا. وقد ذكر الشيخ ابن تيمية أنالشيطان أحرص ما يكون على إغواء الإنسان وقت موته ، لأنه وقت الحاجة ، واستدلبالحديث الذي في الصحيح ( الأعمال بخواتيمها) وقال عليه الصلاة والسلام ( إن العبدليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعملبعمل أهل النار فيدخلها ، وإن العبد ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينهاإلا ذراع ،فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة ، فيدخلها ) ولهذا روي أنالشيطان أشد ما يكون على ابن آدم حين الموت ، يقول لأعوانه : دونكم هذا فإنه إنفاتكم لن تظفروا به أبدا