مات الحب
كثيرون هم من يعتبرون الحب ترفاً..
لأن قائمة الاحتياجات الإنسانية مرتّبة فطرياً ، وليس الحب من بين أهمها ، أو لننصفه ونقول ، إنه ليس على رأس القائمة !
على مر تاريخ البشرية كان حب الفقراء البسطاء ، هو الأصدق على الإطلاق ، ولم يخلّد تاريخ الحب- قصصاً أبطالها النبلاء ، أو علية القوم !
معنى هذا أن الحب الصادق كان ولا يزال قليلاً بقلة الراضين بفقرهم...
فعندما يتعايش المرء مع قدر الفقر برضا ، يمكن له إن ينزل الحب أي منزلة يشاء ...،
لأن الرضا يجعل كل الاحتياجات متساوية ، وبالتالي فالنفس الراضية ستستجيب لنداء فطري يسمو بالحب عن أن يوضع في مقارنات مع الاحتياجات المادية مهما بلغ شأنها ، لأنه حاجة روحية ، والروح وحاجاتها أسمى من الجسد ورغباته !
في زمننا هذا ، المترفون غارقون في ماديات أطفأت وهج الروح ، وقصّت أجنحتها ، لتسقط وتتلطخ بالوحل ، بعد أن فقدت سر حياتها الذي يكمن في التحليق بسمو ، فلا حياة لطائر بلا أجنحة !
والمعدمون أيضاً يلهثون وراء المادة -مع فارق الغاية- فهم يحلمون بالحد الأدنى وحسب ، من الحياة الكريمة ، لكنهم مبعثرون بين واقع مؤلم ، وحلم بغد أفضل يترأى لهم قريباً ، ونقمة على قدر يرونه لم يعدل في قسمته ، يحرضهم استئثار المترفون بكل شيء ، في غياب قوانين المساواة ، وتكافؤ الفرص ، وتوزيع الثروات ، من وجهة نظرهم .
الحب لا يحيا إلا في روح محلّقة ...
والروح لا تحلّق إلا في فضاء التسامي ...
وفي هذا الزمن أُثقلت الأرواح برغبات الجسد ، وأشبعت الفضاءات بمشاعر السخط والامتعاض ، فسقطت الأرواح من علو ، في وحل الماديات !
في هذا الزمن مات الحب ، فأنى له أن يعيش في أرواح بلا أجنحة ، (تفرفر) في "التراب" كطيور كسيرة الأجنحة ، بين مترف لا يعرف التسامي ، وفقير أبدل الرضا بالسخط ، وكلهم لاهث وراء ماديات رخيصة !
من اطلاعاتي