عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 1  ]
قديم 2009-01-27, 7:09 AM
يمامة الوادي
عضو متميز بالمنتدى
الصورة الرمزية يمامة الوادي
رقم العضوية : 7644
تاريخ التسجيل : 19 - 6 - 2005
عدد المشاركات : 43,494

غير متواجد
 
افتراضي هدهد سليمان وفضائيات اليوم
هدهد سليمان وفضائيات اليوم
عفاف عبدالوهاب صديق
ماذا لو أنَّ هدهد سليمان - عليه السلام - حاضرٌ في هذا الزَّمان وتلك الحقبة، وأحاط بِما يحدُث في أرْض فلسطين، ورأى يقينًا أطفالاً ونساءً وشبابًا يُقْتلون ويُذْبحون، من قومٍ آخرين، احتلُّوا أرضَهم، ودمَّروا ديارَهم، ويصِفون أنفُسَهم بأنَّهم شعبُ الله المختار، وبأنَّهم ماضون في البحْث عن هيْكل سليمان وملكِه تَحْتَ بناء المسجد الأقصى، ويعملون على سرعة انْهيار المسجد لبِناء الهيكل - المعبد!

لا شكَّ أنَّ الهدهد سيعودُ حزينًا متألمًا من ظلْم هذا الشَّعب، الذي يظنُّ أنَّه المختار عند الله، ويخفض جناحَ الذُّلِّ لربِّه ساجدًا، يدعوه النَّصر على هؤلاء القوْمِ الظَّالمين الجبَّارين، ويبكي قائلاً: إنَّ سليمان - عليه السَّلام - بريء ممَّا يفعلون.

ففي عصْر سليمان - عليه السلام - حين تفقَّد الطير ولم يرَ الهدهد، والذي كان قد غاب لحكمةٍ من الله، أن أراهُ امرأةَ سبأ وقومَها يسجدون للشَّمس من دون الله، فأنكر ذلك وتعجَّب وظلَّ يرقُبهم حتَّى غاب عن سيِّده، ولمَّا رجع قال: {أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ} [النمل: 22]، فقد كان هذا الأمر غيبًا عند سليمان - عليه السلام - وأخبره بما رأى، يقول: {أَلاَّ يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الخَبْءَ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ * اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ العَرْشِ العَظِيمِ} [النمل: 25، 26].

وسبحان ربي أن جعَل الهدهد داعيًا لله! إذْ أرسله سليمان بكتابٍ، ألقاه إلى بلقيس، فيه نذيرٌ لها ولقومِها؛ {إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ * وَإِنِّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * أَلاَّ تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ} [النمل: 30، 31]، وكان أن أسلمتْ وقومُها لله ربِّ العالمين.

كانت هذه مهمَّة الهدهد التي ولاَّه الله إياها، يجوب الأرض مشارقَها ومغاربَها، يرى ويتأمَّل ويتعجَّب، ثم يعود لينقل الخبر؛ ذلك لأنَّ هذا الخبر عند سليمان - عليه السلام - غيبٌ لا يعلمه، ولكن ها نحن الآن نرى جميعًا ونسمع جميعًا كثيرا ممَّا يَحدث في عالمِنا لحظة بلحظة، تناثرت وتكاثرتْ أقماره الصناعيَّة وفضائيَّاته وإخباريَّاته التي ينقلُها العالم، الكلُّ يرى ظُلْم إسرائيل التي تودُّ أن تُوهِمَ العالم بأنَّ المقاومةَ ليستْ إلاَّ إرْهابًا وتطرُّفًا، الكل يحدِّق النَّظر في هيْمنة أمريكا التي كالقطار السريع، ومن عظام الأطْفال قضبانه، تأخذ في طريقِها أرْواحَ المسلمين، دون أن تُبالي بصراخ الثَّكالى وبكاءِ الرِّجال؛ لأنَّها ترى أنَّ دماءَنا هي السقيا، التي بها تزرع ضيعاتِنا وأرضَنا التي تحتلُّها لتسلبَ منها خيراتها، ولا حياةَ لمن تُنادي.

أيها المتكبرون، الهدهد سبَّح لله، يا رب لطْفًا.