الموضوع
:
الحياء
عرض مشاركة واحدة
رقم المشاركة : [
2
]
2009-01-18, 4:30 AM
غلا فطوم
عضو مشارك
رقم العضوية : 43243
تاريخ التسجيل : 5 - 1 - 2008
عدد المشاركات : 197
غير متواجد
ومن الناس من يتساهل في إقامة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بحجة أنه يستحي من الإنكار على الناس. ومن ذلك ما يفعله بعض الناس من مجاملة بعضهم لبعض في سماع الغيبة أو سماع أي من المنكرات أو رؤيتها، ونحوها فهذا جبن مذموم كل الذم وصاحبه شريك في الإثم إن لم ينكر أو يفارقهم.
والله عز وجل قال:
كُنتُم خَير اُمةٍ أخرِجت لِلنّاسِ تَأمرونَ بالمَعروف وَتَنهُونَ عَنِ المُنكرِ وَتُؤمِنُونَ باللّه
[آل عمران:110].
وقد حذرنا رسول الله
من التساهل في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فقال:
{
والذي نفسي بيده لتأمرون بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقاباً منه ثم تدعوه فلا يستجاب لكم
}
.
وينقسم الحياء من حيث الأصل إلى قسمين:
1 ) حياء فطري غريزي.
2 ) حياء مكتسب.
قال القرطبي: ( الحياء المكتسب هو الذي جعله الشارع من الإيمان غير أن كن كان فيه غريزة الحياء فإنها تعينه على المكتسب وقد يتطبع بالمكتسب حتى يصير غريزياً... وهذا قول صحيح ومعلوم بالتجربة في مجال التربية فإن المتربي قد يكون في بدايته لا يملك حياء غريزياً أو أن عنده حياءاً غريزياً ناقصاً ثم ينشأ في جو ينمي بواعث الحياء في قلبة ويدله على خصال الحياء فإن هذا المتربى سيكتسب الحياء شيئاً فشيئاً ويقوى الحياء فى قلبه بالتوجيه والتربيه حتى يصبح الحياء خلقاً ملازماً له، وقد قال بعض الحكماء: ( احيو الحياء بمجالسة من يستحيا منه ) وهذا الكلام بديع المعنى بعيد الفقه.. حيث أن كثرة مجالسة من لا يستحيا منه لوضاعته أوحقارته أو قلة قدره ومروءته تخلق في النفس نوع التجانس معهم ثم إن قلة قدرهم عنده تجعلة لا يستحي منهم فيصنع ما يشاء بحضرة هذه الجماعة فيضعف عنده خصلة الحياء شيئاً فشيئاً فيتعود أن يصنع ما يشاء أمام الناس جميعاً. أما مجالسة من يستحيا منه لصلاحهم وعلو قدرهم فأنها تحيي في القلب الحياء فيظل الإنسان يراقب أفعاله وأقواله قبل صدورها حياء ممن يجالسه فيكون هذا خلقاً له ملازماً فتتعود نفسه إتيان الخصال المحمودة ومجانية وكراهية الخصال المذمومة.
الحاصل: أن مجالس الأخيار تقوي الحياء المكتسب وتنميه، أما مجالسة الأرذال فإنها تحول بين العبد وبين اكتساب الحياء.
والحياء أنواع
1) الحياء من الله.
2 ) الحياء من الملائكة.
3 ) الحياء من الناس.
4 ) الحياء من النفس.
( 1 ) الحياء من الله:
قال الله تعالى:
أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى
[العلق:14] وقال تعالى:
مَا قَدَرُواْ اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ
[الأنعام:91]
إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا
[النساء:1].
فتجرؤ العبد على المعاصي واستخفافه بالأوامر والنواهي الشرعية يدل على عدم إجلاله لربه وعدم مراقبته لربه.
فالحياء من الله يكون باتباع الأوامر واجتناب النواهي. قال رسول الله
:
{
استحيوا من الله حق الحياء
}
قال: قلنا يا رسول الله إنا نستحي والحمد لله قال:
{
ليس ذلك ولكن من استحيا من الله حق الحياء فليحفظ الرأس وما وعى وليحفظ البطن وما حوى، وليذكر الموت والبلى ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء
}
.
معنى الحديث:
{
استحيوا من الله حق الحياء
}
أي استحيوا من الله قدر استطاعتكم لأنه من المعلوم أن الإنسان لا يستطيع أن يقوم بكل ما عليه تاماً كاملاً ولكن كل على حسب طاقته ووسعه قال تعالى:
فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ
[التغابن:16].
( قال قلنا: إنا نستحي والحمد لله ). أجابوا بذلك لأنهم قصدوا أنهم يفعلون كل مليح ويتركون كل قبيح على حسب استطاعتهم فرد عليهم رسول الله
أن ليس المقصود هذا العموم لأن هناك شروطاً للحياء حق الحياء فليس كما يظنون:
(1)
{
أن يحفظ الرأس وما وعى
}
أي ما جمع من الأعضاء: العقل والبصر والسمع واللسان. قال تعالى:
إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً
[الإسراء:36].
(2)
{
وليحفظ البطن وما حوى
}
أي يحفظ بطنه وما في ذلك من حفظ الفرج عن الحرام فيحفظ بطنه من أن يدخله طعام حرام أو من مال حرام فالبدن نبت ويقوي من الطعام. والرب عز وجل لا يقبل من عبده أن يتقوى على طاعته بمطعم حرام ولا مشرب حرام لأن الله طيب لا يقبل إلا طيباً.
(3)
{
وليذكر الموت والبلى
}
أن يذكر الموت دائماً لأننا في هذه الدنيا لسنا مخلدين وإنما سنموت وسنرجع وسنقف بين يدي الله تبارك وتعالى. قال
:
{
أكثروا من ذكر هادم اللذات
}
.
(4)
{
ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا
}
قال تعالى:
تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ
[القصص:83].
فالمقصود أن الحياء من الله يكون باتباع أوامر الله واجتناب نواهيه ومراقبة الله في السر والعلن. قال رسول الله
:
{
استحي من الله تعالى كما تستحي من الرجل الصالح من قومك
}
[صحيح الجامع]. وهذا الحياء يسمى حياء العبودية الذي يصل بصاحبه إلى أعلى مراتب الدين وهي مرتبة الأحسان الذي يحس فيها العبد دائماً بنظر الله إليه وأنه يراه في كل حركاته وسكناته فيتزين لربه بالطاعات. وهذا الحياء يجعله دائماً يشعر بأن عبوديته قاصرة حقيرة أمام ربه لأنه يعلم أن قدر ربه أعلى وأجل. قال ذو النون: ( الحياء وجود الهيبة في القلب مع وحشة مما سبق منك إلى ربك ) وهذا يسمى أيضاً حياء الإجلال الذي متبعه معرفة الرب عز وجل وإدراك عظم حقه ومشاهدة مننه وآلائه. وهذه هي حقيقة نصب الرسول
وإجهاد نفسه في عبادة ربه.
أجمعين.
توقيع
غلا فطوم
لقد علمتني الحياة التفاؤل .. في كل حال و كل حين .. وأن التشاؤم لا يحل .. بقلب فتى عامرٍ باليقين
اقتباس
غلا فطوم
مشاهدة ملفه الشخصي
البحث عن المشاركات التي كتبها غلا فطوم