ليّلَةٌ هَبّت فيهَا أُسّرَتي ..!!
لنصرَة غـــَـــــزّة الصمُود
جلسَ يُقلّبُ المَحَطّاتِ الفـَضائِيّـَةِ بَحْثاً عَنْ شيءٍ يشاهدهُ , أي شيء، فلَمْ يكنْ ذلك مـا يشغلُ باله
فقد كان عقله مشغولا كعادتِهِ بمصاريفِ الأولادِ و الكتبِ و طعامِهمْ و ... اسْتَوْقـَفـَتْهُ زَوْجَتُهُ ،
و طـَلَبَتْ مِنْهُ أنْ يُعيدَ -الرّيموتْ كُنترول- لِلْقـَناةِ السّـَابِـِقـَةِ، التي كَانتْ تَبُثُّ مَشَاهِدَ لأَطـْفالِ غَزّةَ وما حلّ
بهِم من أثَارِ القصفِ الإسْرائيلي
اسْتَسْلَمَ لِطـَلَبِ زَوْجَتِهِ بَعْدَ أنْ يَئِسَ في العُثـُورِ على مَحَطّـَةٍ فـَضَائِيّـَةَ تـَنـْقُلُ شيئاً يجذبُهُ لِمُتابَعتِها َ ،
كَانَتِ القـَنَاةُ تـَنْقـُلُ بَثـّاً مُبَاشِراً للقصفِ الإسرَائيلي على قِطاعِ غَزّةَ
إمتلتِ الشوارعُ بجثثِ القتلى ، سياراتُ الأسعافِ تنقلُ الجرحىَ والمصابينَ 
كَانتِ المَشَاهِدُ موجِعَةً تـَعْتـَصِرُ لَهَـا القـُلُوبُ
بادَرَهَا بـِالقـَوْلِ : هُمُ الفِلِسْطينِيّونَ الّذينَ فـَعَلُوا ذلِكَ في أنـْفـُسِهِمْ ، بـِسَبَبِ
انـْقِسَامِهِمْ واقـْتِتَالِهِمُ الدّاخِلِيّ
أجَابَتْهُ : القـَضِيّةُ الآنَ لَيْسَتْ في الإنـْقِسَامِ الذِي حَدَثَ بَيْنَ الفِلِسْطِينِيّينَ ،
القضيةُ الآن في الكارِثـَةِ التِي تَحِلُّ بالأطـْفـَالِ وَالمَرْضَى والعَجَائِزِ في القِطاعِ
قالَ لَهَا وهُوَ يُقـَلّـِبُ صَفـَحَاتِ إحْدى المَجَلاّتِ بَعْدَ أنْ تـَرَكَ - الرّيموت - :
وماذا نَفـْعَلُ لَهُم ؟؟ لا نـَمْلِكُ شَيْئاً
سحَبت من يدهِ المجلّةَ وقالت : نـَسْتَطيعُ أن نــَفـْعَلَ الكَثيرَ ، وَنـَادَتْ عَلَى أوْلادِهِم الثـّلاثـَة
قالَ : اتْرُكي الأوْلادَ بَعِيداً عَنْ مِثـْلِ هَذِهِ الأمُورِ .. الأوْلادُ مَا يَزَالُونَ صِغَاراً
فـَأجابَتْهُ : وأطفـَالُ غَزّةَ أيْضاً مَا يَزَالُونَ صِغاراً
حَضَرَ الأبـْناءُ ، فقالَتْ لَهُمْ : سَوْفَ نـَجْلِسُ سَوِيّاً ، لِنُشَاهِدَ مَا يَحْدُثُ لإخْوانِنا في قِطاعِ غَزّةَ ,
وهَمَسَتْ في أُذُنِ زَوْجِهَا : هَذا أوّلُ شَيْءٍ يُمْكِنُ أن نـَفـْعَلَهُ ، جَلَسُوا جَمِيعاً
يُتابـِعُونَ التّقارِيرَ التي تـَنْقـُلُ مُعَاناةَ الشَّعْبِ الفِلِسْطِينِيِّ ، ويَتبَادَلُونَ التّعْليقاتِ ويَطـْرَحُ الأبْناءُ بَعْضَ الأسْئِلَةِ
والإسْتِفـْساراتِ عَنِ القـَضِيّةِ الفِلِسْطِينِيّـَةِ ، فكَانتِ الزّوْجَةُ تُجيبُ أحْياناً وتَتـْركُ لِلزّوْجِ الفـُرْصَةَ لِلْقِيامِ بالدّوْرِ
بَعْدَ انْتِهاءِ البَثِّ المُباشِرِ قَالَتِ الزَّوْجَةُ : بَابَا جَمَعَنا يا أوْلادُ لِكَيْ نُفـَكِّرَ سَوِيّاً في تَقْدِيمِ شَيْءٍ عَمَلِيّ نُساعِدُ
بهِ أشِقـَّاءَنا في قِطاعِ غَزّةَ
شَعَرَ الزّوْجُ بالحَرَجِ مِمّا نـَسَبَتْهُ إلَيْهِ زَوْجَتُهُ فـَأرَادَ أنْ يُؤَكِّدَ لَهَا أنّـَهُ يُوَافِقُهَا الرَّأيَ
فقالَ : نعمْ يا أوْلاد .. المَفـْروضُ أنْ نُسَاعِدَ إخْوَانَنا في غَزّةَ وَ أنا
جَمَعْتُكُمْ مِنْ أجْلِ ذلِكَ
قَالَتِ البـِنْتُ الوُسْطى : نَدْعوا لَهُمْ في كُلِّ صَلاةٍ ، وَندْعُوا على اليَهُــودِ المُجْرمِين
قَالتِ الأمُ : هذا اقـْتِرَاحٌ جَمِيلٌ .. نُسَجِّلُهُ ، وَأمْسَكَتْ بـِوَرَقـَةٍ وَقـَلَمٍ لِتَكْتُبَ المُقـْتَرَحَاتِ
قالَ الأبُ : لَكِنَّ الدُّعَاءَ وَحْدَهُ لاَ يَكْفِي ، مَا رَأيُكُمْ في مَوْضُوعِ التـَّبَرُّعِ ،
لأنَّـهُ كَمَا رَأيْنا ظرُوفـَهُمُ المَعـِيشِيّـَةَ صَعْبـَةً لِلْغَايَةِ ، و سَمِعْتُ أنَّ هُناكَ بَعْضَ المُؤسَّساتِ الرَّسْمِيَّةِ التِي
تَقُومُ بتَوْصِيلِ التـَّبُرُّعَاتِ لأهْلِ فِلِسْطِينَ ، كُلُّ واحِدٍ مِنّا يُخرِجُ جُزْءً مِنْ مَصْرُوفِهِ أوْ مِنْ مَالِهِ الخَاصّ ..
عَلى حَسَبِ اسْتِطاعَتِهِ
فـَبادَرَ الإبْنُ الأصْغَرُ : أنا سَوْفَ أتـَبَرَّعُ بـِحَصَّالَتِيِ .. و أسْرَعَ إلَى غُرْفـَتِهِ لإحْضـَارِ الحَصَّالَةِ
قالَ الإبْنُ الأكبْرُ : أنا عَنْ نَفْسِي سَوْفَ أُكَوِّنُ مَجْمُوعَة ًبَرِيدِيَّةً عَلَى الأنْتِرْنِت ،
أُرْسِلُ لَهُمْ صُوَراً وأخْبَاراً عَنِ الوَضْعِ في غَزّةَ وأطـْلُبُ مِنْهُمْ أنْ يَتَفَاعَلُوا مَعَ القـَضِيَّةِ ، ويَنْشُرُوهَا عَلَى
مُسْتَوىً وَاسِعٍ ، وَنُفكِّرُ كُلُّنا في إيجَادِ حَلّ
يتــــــبع ~~~