اختصم الشقيقان الشابان حول مسألة من مسائل الحياة العادية ، وبدأ الخصام خلافاً عادياً للغاية ، غير أن الكلمات كانت تلقح بعضها ، حتى اشتعلت الشرارة ، فعلت الأصوات ، وتنوعت الاتهامات ، وهاج غضب كل منهما ، واحتدم الصراع بعنف .. !
انحصرت المعركة في الكلام الذي تخلله كثير من الاتهامات والشتم واللعنات !
ووقف الأمر عند هذا الحد ، فلم تمتد الأيدي ، ولكن الآثار كانت عميقة بعد ذلك ، لقد اعتزل كل منهما الآخر تماماً ، وتعدى إلى شيء من الكراهية والبغضاء والشحناء ، وعمل كل منهما على سد الطريق أمام أية مصالحة ، يقوم بها أحد الأقارب والأصحاب ..!
ومرت سنوات ولا يزال الوضع ملتهباً ، والخطوط مشتعلة بين الطرفين ، متوترة ، تصيب بعض الأطراف التي لا علاقة لها بالمشكلة أصلا ، ولكن لأن هؤلاء لهم علاقة بالخصم ..!
خلال ذلك لم تُقصّر زوجة كل منهما في تأجيج اللهيب ، كلما احتاج إلى وقود!
**
في ذلك اليوم نفسه الذي بدأت فيه تلك المعركة بين الشقيقين ، وفي الطابق الأسفل من نفس الدار ، كان الصغيران يلعبان معاً في انسجام وحب ، يضحكان ويقهقهان بصوت عالٍ .. بعد يوم حافل من الشجار والضرب والعض ، لمشاجرة اشتعلت بينهما في الصباح ، كان من آثارها أن الأول يجلس الآن قرب صديقه ، وفي جبهته أثر جرح ، والآخر تظهر على خده آثار أسنان بسبب عض الآخر له ..!غير أنهما الآن يلعبان في انسجام وهدوء وحب ومرح ، كأن شيئا لم يكن بينهما في صباح هذا اليوم ..!!
**
في الحظيرة المجاورة ، وفي نفس اليوم كذلك :
كانت العنزتان تأكلان معاً من إناء واحد ، بعد معركة دامية حامية الوطيس ، تكسرت خلالها أجزاء من قرونهما ..!
وهاهما الآن تأكلان بهدوء وفي انسجام ..كأن شيئا لم يكن بينهما قبل ساعة !
يا إلهي !! تُرى ، هل هي ضريبة العقل الكبير ،
أن تكون تصرفاته أحياناً أشبه بالحماقة الكبيرة !! من يدري ..!؟
كتبها بو عبدالرحمن