الموضوع
:
۩ ۩ شرح حديث (( إنك ما دعوتني.... )) ۩۩
عرض مشاركة واحدة
رقم المشاركة : [
1
]
2008-12-19, 8:49 PM
صاحب السمو الفكري
عضو نشط
رقم العضوية : 60600
تاريخ التسجيل : 21 - 9 - 2008
عدد المشاركات : 382
غير متواجد
۩ ۩ شرح حديث (( إنك ما دعوتني.... )) ۩۩
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
: ( قال الله عزوجل : يا ابن آدم ، إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك ما كان منك ولا أبالي
، يا ابن آدم ، لو بلغت ذنوبك عنان السماء ، ثم استغفرتني غفرت لك ، يا ابن آدم ،
إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا ، لأتيتك بقرابها مغفرة )
رواه الترمذي ، وقال : " حديث حسن صحيح " .
الشرح
بين يدينا حديث يأسر القلب ، ويأخذ بمجامع النفس ، يستمطر الدمع ،
ويهيّج في الوجدان مشاعر التوبة والرجاء ، لتتلاشى معه أسباب اليأس والقنوط ،
إنه هتاف سماويٌّ لو تردد في جنباتنا لأفاض عليها شوقا وحنينا إلى خير من مُدّت إليه الأيادي ،
ولهجت بذكره الألسنة ، فيالها من موعظة ، ويالها من تذكرة .
لقد جاء الحديث ، ليزفّ إلى الناس البشرى ، فرحمة الله واسعة ، وفضله عظيم ،
لا يقف عند حدّ ، ولا يحصيه عدّ ، فغدا هذا الحديث إبهاجا للتائبين ، وأملاً للمذنبين ،
وفرصة لمن أسرف على نفسه بالمعصية ، أو فرّط فيما مضى من حياته ،
ولعلك – أيها القاريء الكريم – تدرك بذلك سر المكانة التي حازها هذا الحديث دون غيره
، حتى إن كثيرا من العلماء ليرون أنه أرجى حديث في السنة كلها .
وتتجلّى معالم الحديث في بيانه لأسباب حصول المغفرة ،
ويأتي الدعاء في مقدّمة تلك الأسباب ، والدعاء قربة عظيمة ، وصلة مباشرة بين العبد وربّه ،
وهي سلاح المؤمن الذي يتسلّح به في الشدائد والكربات .
وقد حثنا الله تعالى على الدعاء في عدّة مواضع من كتابه ،
فقال تعالى : { وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون
عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين } ( غافر : 60 ) ،
وقال سبحانه : { وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان
فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون } ( البقرة : 186 )
، بل جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله : ( من لم يسأل الله يغضب عليه ) رواه الترمذي ،
وصدق الشاعر إذ قال
الله يغضب إن تركت سؤاله وبنيّ آدم حين يُسأل يغضب
بيد أن لهذه العبادة شروطاً ينبغي استكمالها ، ليكون الدعاء جديراً بالإجابة ، وأدعى للقبول ،
فمن ذلك : حسن الظن بالله ، والرجاء والأمل بالمغفرة ،
كما بيّن ذلك النبي صلى الله عليه وسلّم في قوله : ( ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة ،
واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه ) رواه الترمذي ،
ولابد أن يكون لهذا الرجاء رصيداً من العمل الصالح ،
لا أن يكون مجرد أمنية وأحلاماً زائفة .
وإضافة إلى ذلك : فإن على المسلم حال دعائه أن يعزم في المسألة ،
ويجزم في الطلب ، فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال : ( لا يقولن أحدكم : اللهم اغفر لي إن شئت ، اللهم ارحمني إن شئت ،
ليعزم المسألة ؛ فإنه لا مكره له ) رواه البخاري .
ثم ينتقل بنا المطاف إلى الحديث عن الاستغفار ، وهو طلب الستر والتجاوز عن الذنب ،
وقد أثنى الله سبحانه وتعالى على المستغفرين في كتابه فقال
: { والمستغفرين بالأسحار } ( آل عمران : 17 ) ، كما رتّب حصول المغفرة عليه
فقال : { ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما } ( النساء : 110 ) .
وعلاوة على ذلك ، فإن للاستغفار مزيد فضل على غيره من العبادات ،
إذ لا تقتصر بركته على محو الخطايا وتكفير السيئات ، بل يمتدّ خيره إلى السماء فتنزل أمطارها ،
وإلى الأرض فتنبت زروعها وثمارها ، ويحصل به النماء في الذريّة ، والقوّة في العُدّة ،
ولا أدلّ على ذلك من قوله تعالى : { فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا ،
يرسل السماء عليكم مدرارا ، ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا }
( نوح : 10 – 12 ) .
فمن هنا : لم يكن غريبا أن ترى الأمر بالاستغفار في كثير من الآيات الكريمات ،
ولم يكن غريبا أن يتكرر الاستغفار على لسان كثير من الأنبياء والمرسلين ،
بل كان نبينا صلى الله عليه وسلم يُعدّ له في المجلس الواحد مائة استغفار ،
كما ورد في سيرته .
ولا يكون الاستغفار صادقا إلا حين يصدر من قلب مؤمن مستحضر لجلال الرب وعظمته ،
نادم على ما كان منه من تفريط وتقصير ، عازم على التوبة والإنابة ، وإلا فهي توبة جوفاء ،
لا تنفع صاحبها .
ثم إن أعظم أسباب المغفرة وأجلّها تحقيق جوانب التوحيد ، والإتيان به على أكمل وجه ،
وقد أعلمنا ربنا بذلك في كتابه حينما قال : { الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم
بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون } ( الأنعام : 82 )
، فامتدح من كان إيمانه نقيّا خالصا من عوالق الشرك ، وبشّرهم بالسلامة من دخول النار ،
ولا عجب في ذلك ، فإن الذنوب كلها تتصاغر أمام عظمة التوحيد ،
ومن ثمّ تكفّل الله تعالى لمن لم يشرك به شيئاً أن لا يعذّبه ، كما جاء في حديث معاذ رضي الله عنه
: ( وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يُشرك به شيئاً ) رواه البخاري
من موقع اسلام ويب
تحياتي للجميع
توقيع
صاحب السمو الفكري
[IMG]http://hth575.******.com/كفاني%20عزاً.gif[/IMG]
اقتباس
صاحب السمو الفكري
مشاهدة ملفه الشخصي
البحث عن المشاركات التي كتبها صاحب السمو الفكري