السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أسعد الله أوقاتكم بكل خير
هذه إحدى روائع صديقي العزيز الأستاذ راجس الخضاري
وهي بعنوان ( الحبر الأبيض المتوسط )..
.................................................. ................................
سقطت في يدي خريطة لحبر الكتابة الفكرية ...
فشاهدت ألوانها المتعددة في صفحات هذا العالم المضطرب ..
فأخذ بصري يتنقل بين أحباره وألوانه المتغايرة ..
فشاهدت في هذا العالم العجيب عجبا !!
رأيت ذلك الحبر الأسود ... فإذا هو مظلم متشائم ..
لا تعيش في أعماقه إلا الأسماك النافقة ....
فلا تستطيع الشمس النفاذ إلى أغواره السحيقة..
ورأيت ذلك الحبر الميت ... الذي لا يحرك في أرض الحروف ساكنا ..
فهو هامد جامد بلا مد ولا جزر ..
ورأيت ذلك الحبر الأحمر .. الذي تراق على جوانبه الدماء ..
وتتناثر أشلاء السفن على شطآنه وسواحله وتدفعه عاطفته لا عقله ..
ورأيت ذلك الحبر الأبيض المتوسط .. الذي ابيضت صفحاته من الشمس
الساطعة..
وتوسطته سفن العابرين حينما كان وسطا في هدير أمواجه ..
ورأيت حبر العرب ... قد جف ونضب .. حينما أراق
ماء وجهه كثيرا أمام أعين المحيط به من كل الجهات ..
ورأيت حبر الترك .. وفي أحد الروايات بدون الراء ( حب ) ..
قد سحر الأعين بجمال صوته وحسن تسلسل أمواجه
ورقة مداعبته لشواطئه فرأيت الناس صرعى أمام صورته الفضائية ..
ورأيت شطر العرب أو أظنه بدون الراء ( شط ) قد أصبح مكسور الخاطر ...
فكل من أراد فرض قوته الحبرية - آسف الحربية - فرضها على سطره ...
وذلك طمعا في ذهبه الأسود !!
ورأيت ذلك الحَبر بفتح الحاء لا كسرها ..
يفتح نفقا ضخما في أحشاء مسجد أقصاه عن أهله وأبعده خوفهم من كسر حاء شوكتهم ..
ورأيت ذلك الحبر الجاف من القيم السائل بالتحرر..
المقلم رأسه بمبراة غربية لا شرقية صار رصاصا على صفحاتنا المحجبة ..
ورأيت تلك الدوائر السوداء الملتفة حول أحرف رؤوس منحرفة ..
وقد اجتمعت تلك الدوائر لتشكل سلسلة من الغدر والخيانة ,,
ورأيت ذلك البيت الأبيض الذي بدأت تطلى جدرانه بلون الرجل
الأسود..
الذي خاض الناس في معرفة لون نواياه هل هي سوداء أم بيضاء ؟
وبعدما رأيت ... أخذت الخريطة ووضعتها في قدح من الماء ..
لعله براكينها تهدأ و تنطفئ شرارة الأحقاد ولعل لونها يصبح كالماء بلا لون !!
فلا أدري أ نحن في ( كرة أرضية ) أم ( كره أرضي ) ؟؟