عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 2  ]
قديم 2008-11-26, 2:06 AM
يمامة الوادي
عضو متميز بالمنتدى
الصورة الرمزية يمامة الوادي
رقم العضوية : 7644
تاريخ التسجيل : 19 - 6 - 2005
عدد المشاركات : 43,494

غير متواجد
 
افتراضي
( في طريق عَودتها .. تعثرت ..

صُدمت ..

رأته أمامها ( رفيق أمانيها ) , ( حُلمها )

تَحمل في يدها اليُمنى ( أوراق نقد ) .. و يدها اليسرى سارت لـ فمها تُحاكي الصدمة ..

و هو

أمامها .. كان في طريقه لـ بيتها ..

يحمل في يد .. ( دواء ) عمّه .. و في الأخرى .. باقة ورد ..

لم تُفق من صَدمتها إلا على صوت الزجاج قد سَقط ..

و لُوِّنَتْ الأرض بدواء والدها ..

و الورد قد ذَبُل .. قبل أن يلقى مصيره على الأرض ذاتِها ..

..,,..



في غُربته ..

أهلكه الحنين ..

و أَجهده السُهاد و الأنين ..

مرت سنين ..

و الغُربة تنخر العظام ..

و تُنذرهُ بالرحيل ..

في غُربته ..

أشتاق

و

أشتاق

لكنه يخاف الاصطدام ..

يخشى أن تكون سَلت ..

و نستْ كل تلك الليالي بما فيها من هناء و صفاء ..

يخشى أن تكون كَبقية البشر ..

(( يَذكرون الأسواء دائماً .. و يُلغون الجمال .. يجحدون معاني التضحية و الوفاء .. و يرمونها للبعيد .. للـ فراغ .. ))

(( أَعترف بقسوتي .. لكنها غِيرتي .. حُنقي .. غَضبي .. ثوران عاطفتي ..
كُنت أصمّ أذني .. و أغرق .. أغرق .. أغرق ..
كانوا يرددون .. " ستُزف يوماً لأغنى شاب .. و أخيراً سيبتسم حظّها .. ستسكن القصر .. و تُنعت بالأميرة "
كُنت أسمع لأموت ألف ألف ألف مرة ..
و أضيع .. و أعاود الغرق ..

لم أَكن أقوى ..


اَخشى اَن أفقد ورْدتي الّتي أسقيتها دمي .. و جَهدي .. و مشاعري ..

سَقيتها لأمتلكها ..

سقيتها من أجلي .. من أجلها ..

لا أن أراها

تخرج من بيته .. تُرتب جِلبابها ..

وفي يدِها ( الثمن ) ..

سقيتها لتحفظني .. كما حفظتها في دمي في عروقي ..

سقيتها لأكتنفها تحت إمرتي .. )))

***

كان حينها في سفر .. يبذل الجُهد لـ يجمع مَهرها ..

و المال الّذي يرضي بهِ طمع ذويها ..

كان في سفر .. شدّ الرحال .. و قلبه يئن .. في اشتياق ..

هَجر الراحة .. و الأمن لأجلها ..

صارع الأمواج

رغم ضُعف زورقه .. و ركاكة مركبه ..

إلا أنه جاهد لأجلها ..

عاد .. في غفلة منها ..

عاد .. و هي تعلم أنه في سفر .. بعيداً عن أرضها ..

أخفى عنها السبب ..

و بقيت لا تعلم ما السبب ..!!


عاد .. و في يده .. دواء والدها .. و الأخرى باقة ورد ليهديها لها ..

عاد .. و تلاشى الحُلم .. بتلاشي الأمل ..

عاد و غاب الطموح .. و مات الحُلم الأجمل ..

/
/

***


في أَرضها ..

تتأمل قُصاصات ورق ..

..,,..

و تبتسم بشيء من ألم ..

..,,..

تمر السنين و هي في انتظار غائب ..
قد هجرها ..
و جَرحها قبل الرحيل ..

,,

ضاقت أمآلها ..

,,


و سقطت من عينها اليمنى دمعة يتيمة ..
أنسلت بهدوء من بين رموشها الكثيفة ..

لـ تموت على صفحة أُشبعت بـ حروف أسمه ..

و جُُمل مُختلفة .. ترثي بها الحُب ..

الّذي مات .. و اندثر ..

/
/
/


(( كل شيء يُنسى .. إلا غدر حبيب .. و هَجر خليل .. ))

أما هو ..

ففي نَظرها ..

أنه خان , و غَدر , و أرسل حُبهم للـ مجهول ..

أنه طَعن برغبته سنين الطفولة التي قضتها معه ..

طَعن الأمل و شوَّه أجمل صفحة في عُمرِها ..

.
.
.

مَزقت القصاصة التي تشبثت بيدها ساعات ..
و كأنها تُريد أن تَحفظها بمخيلتها .. قبل شَنقها ..

.

.

مَزقتها ..
و أنصهرت آهـ من أعَماق صَدرها .. تُشيع الأشلاء ..

..,,..

قررت أن تعيَ أن الحُلم قد قُتل بيدٍ كانت يوماً تَطمح لـ احتضانها..

و أقنعت نفسها بأن الوقوف على النَصب .. و الجثث البالية
لا يُعيد الأرواح .. و إن طال الانتظار ..

..’’..

قررت أن تَئِد كُل حُلم ..
و أن تودّع الذكرى ..

كما ودّعت ذاك المنزل ..

.
.
.

***


بين الأرصفة ..

و في شوارع المدينة المزدحمة ..

سار بلا قلب ..

سار و هو جاهل الهوية ..

متذبذب لا يعيش الواقع .. و لا يطمح لـ ع ـودة الماضي الجميل ..

كل ما هو مطبوع في ذهنه ..

(( أنه يُحبها بجنون .. و لا ينكر أنها أَحبته
لكنها عَشَقت الثـراء))


سار في كل اتجاه ..

عكس التيار .. و في مواجهته ..

بقرب البحر ..

و بين كثبان الرمال ..

,,

سافر لـ أكثر من قرية ..


إلّا قريته ..

خـشي أن يهلكه الحنين ..

و يُرْديه الأسى ..

(( لآزال يرغب في الحياة ))

و هؤلاء هُم البشر مهما طغت الأحزان .. إلا أن للـ حياة معنى ..

مرت سنين .. كـ سابقتها

إلا مزيداً منْ حـنين ..

**

هي في أرَضها ..

أحرقت الذكرى ..

بكبرياء ترفض أن تكون مُخلصة لـ رجل قد أرخصها ..

و تجاهل دمعاتها ..

.
.

تكره أن تكون عاشـقـة .. لرجـل أرتضى بُـ ع ـدها ..

/
/

اقتنعت بكلام البشر ..

و الناس حـولها ..

أن المكث على الأطلال ..

لا يـ ع ـيد ما انقضى ..

.
.

و أن من أحبت .. لقى هناك مستقبل الثراء ..

و استقر ..

و عاش بـ هناء ..

/
/
/

حـاربت فيما مضى من عُمر كل الشكوك ..

لكنه الواقع ..

انتظرت ..

حتى ملّ منها الإنتظار ..

إلى أن أُرغمت أن تُصدق كل التُهم ..

و تجد نفسها ضحية رجل غَدر ..

\
\
\

**

على قارعة الطريق ..

بقي واقفاً إلى أن سُمِح لهُ بالمرور ..

أخذ مقعده في الحافلة ..

قلّب بين يـديه أوراق .. ذكرى ..

و سرح للبعيد ..

تذكر الأيام ..

و تأمل بألم قسوة الحاضر .. الّذي أبـ ع ـده عن حُلمه و أغلى البشر ..

عاتب نفسه إن هـوَ تركها و رَحل ..

و بات يتخــيل المستقبل ..

هنا ..

عَطل كل شيء فيه ..

فهـو لا يقوى التكهُن ..

.
.
.

وَصل لـقريته في وقت متأخـر ..

تصفح أجزاءها ..

كُل شيء تغــير ..

جــرّ الخُطــأ لمـنزله ..

و هوَ بـشوق لـمنزلٍ مجـاور ..


***


خـرجت .. بوجه آخر ..

و بابتسامة لا تظهر إلا عنوةً ..

قبلّت جـبين والدها ..

و رمت بنفسها فـي أحضان أمِها ..



و قالت :

و الأعـين تُحيط بِها ..

و هي تتأمل ( الساعه الثمينة) فـي مِعصمها ..

سأعلن موافقتي على الزواج ..

قال والدها باندفاع :

غداً إذن ..

قالت بـ خ ـجل :

غداً .. غداً ..

..

تأملت الهدايا في الزوايا ..

و جمـ ع ـت حاجياتها لـ تنقلها غداً لـ قصرها ..

و من بين الأشياء .. ( العاب ) طـفلة .. كانت تُحب ابن جـيرانها ..

و تزوجت بـ سيد قصر ..

قصراً ستكون سيدته.. غــداً ..

/
/
/

لم تنم تلك الليلة ..

لـ طالما تمنت أن يشاركها من أحـبت ..

لا من أحب أهلها ..

تذكرت كل الأحداث بينها و بين الرجل الّذي رَحل و تركها

تنتظر إلى أن استسلمت ..

بكت بـ ع ـنف .. فَكُل شيء انتهى



**



هناك بَعدْ غُربته ..

على ذات الأرض الّتي تُقِلُّها ..

تَجمَّل و عاد برونق شبابه ..

لم يسأل عنها ..

لأنه لا يرغب بتلاشي آخرِ أمل ..

/
/
/

ذَهب لـ بيتها ..

طرق الباب ..

طرق ..

و

طرق ..

فُتح

سأل

(( نَقلوا من هُنا منذ زمن ))

دارى دَمـ ع ـته ..

أخــفى الأسى ..

و ابتسم ..

عـاد يجر الخطى .. و هام يبحث ..

إلى أن حلّ الظلام ..

و تلاشى النهار ..

و زُينت الطُرق .. بالأنوار ..

كان واقفاً .. يتــأمل الجمال ..

الفرح

.
.
.

و الألحان ..

أحس باختناق .. و كأن قلبه يحتضر ..

تشبثت قدماه بالمكان ..

تصل لأذنيه الكلمات ..

لكن لا يعي المـ ع ـنى ..

,
,
,




عاد لـ أهله .. أحتضن والدته .. قبَّل رأسها ..
ودّع إخــوته ..

أوصى أمه أن تُـوصل لـ (رفيقة) دربه أيام الصِبا .. و وردْته الغالية ..

هدية بسيطة ( مبلغ من المال بذل جهُده لـ ج ـمعه يوماً ) و منديل معطر مر على ذاك العطر سنين لم يتلاشَ ..


بمناسبة العزاء ..

و رَحـــل ..


.
.
.
.
.
.







انتـــهـــى
صاحبة قلم