( في طريق عَودتها .. تعثرت ..
صُدمت ..
رأته أمامها ( رفيق أمانيها ) , ( حُلمها )
تَحمل في يدها اليُمنى ( أوراق نقد ) .. و يدها اليسرى سارت لـ فمها تُحاكي الصدمة ..
و هو
أمامها .. كان في طريقه لـ بيتها ..
يحمل في يد .. ( دواء ) عمّه .. و في الأخرى .. باقة ورد ..
لم تُفق من صَدمتها إلا على صوت الزجاج قد سَقط ..
و لُوِّنَتْ الأرض بدواء والدها ..
و الورد قد ذَبُل .. قبل أن يلقى مصيره على الأرض ذاتِها ..
..,,..
في غُربته ..
أهلكه الحنين ..
و أَجهده السُهاد و الأنين ..
مرت سنين ..
و الغُربة تنخر العظام ..
و تُنذرهُ بالرحيل ..
في غُربته ..
أشتاق
و
أشتاق
لكنه يخاف الاصطدام ..
يخشى أن تكون سَلت ..
و نستْ كل تلك الليالي بما فيها من هناء و صفاء ..
يخشى أن تكون كَبقية البشر ..
(( يَذكرون الأسواء دائماً .. و يُلغون الجمال .. يجحدون معاني التضحية و الوفاء .. و يرمونها للبعيد .. للـ فراغ .. ))
(( أَعترف بقسوتي .. لكنها غِيرتي .. حُنقي .. غَضبي .. ثوران عاطفتي ..
كُنت أصمّ أذني .. و أغرق .. أغرق .. أغرق ..
كانوا يرددون .. " ستُزف يوماً لأغنى شاب .. و أخيراً سيبتسم حظّها .. ستسكن القصر .. و تُنعت بالأميرة "
كُنت أسمع لأموت ألف ألف ألف مرة ..
و أضيع .. و أعاود الغرق ..
لم أَكن أقوى ..
اَخشى اَن أفقد ورْدتي الّتي أسقيتها دمي .. و جَهدي .. و مشاعري ..
سَقيتها لأمتلكها ..
سقيتها من أجلي .. من أجلها ..
لا أن أراها
تخرج من بيته .. تُرتب جِلبابها ..
وفي يدِها ( الثمن ) ..
سقيتها لتحفظني .. كما حفظتها في دمي في عروقي ..
سقيتها لأكتنفها تحت إمرتي .. )))
***
كان حينها في سفر .. يبذل الجُهد لـ يجمع مَهرها ..
و المال الّذي يرضي بهِ طمع ذويها ..
كان في سفر .. شدّ الرحال .. و قلبه يئن .. في اشتياق ..
هَجر الراحة .. و الأمن لأجلها ..
صارع الأمواج
رغم ضُعف زورقه .. و ركاكة مركبه ..
إلا أنه جاهد لأجلها ..
عاد .. في غفلة منها ..
عاد .. و هي تعلم أنه في سفر .. بعيداً عن أرضها ..
أخفى عنها السبب ..
و بقيت لا تعلم ما السبب ..!!
عاد .. و في يده .. دواء والدها .. و الأخرى باقة ورد ليهديها لها ..
عاد .. و تلاشى الحُلم .. بتلاشي الأمل ..
عاد و غاب الطموح .. و مات الحُلم الأجمل ..
/
/
***
في أَرضها ..
تتأمل قُصاصات ورق ..
..,,..
و تبتسم بشيء من ألم ..
..,,..
تمر السنين و هي في انتظار غائب ..
قد هجرها ..
و جَرحها قبل الرحيل ..
,,
ضاقت أمآلها ..
,,
و سقطت من عينها اليمنى دمعة يتيمة ..
أنسلت بهدوء من بين رموشها الكثيفة ..
لـ تموت على صفحة أُشبعت بـ حروف أسمه ..
و جُُمل مُختلفة .. ترثي بها الحُب ..
الّذي مات .. و اندثر ..
/
/
/
(( كل شيء يُنسى .. إلا غدر حبيب .. و هَجر خليل .. ))
أما هو ..
ففي نَظرها ..
أنه خان , و غَدر , و أرسل حُبهم للـ مجهول ..
أنه طَعن برغبته سنين الطفولة التي قضتها معه ..
طَعن الأمل و شوَّه أجمل صفحة في عُمرِها ..
.
.
.
مَزقت القصاصة التي تشبثت بيدها ساعات ..
و كأنها تُريد أن تَحفظها بمخيلتها .. قبل شَنقها ..
.
.
مَزقتها ..
و أنصهرت آهـ من أعَماق صَدرها .. تُشيع الأشلاء ..
..,,..
قررت أن تعيَ أن الحُلم قد قُتل بيدٍ كانت يوماً تَطمح لـ احتضانها..
و أقنعت نفسها بأن الوقوف على النَصب .. و الجثث البالية
لا يُعيد الأرواح .. و إن طال الانتظار ..
..’’..
قررت أن تَئِد كُل حُلم ..
و أن تودّع الذكرى ..
كما ودّعت ذاك المنزل ..
.
.
.
***
بين الأرصفة ..
و في شوارع المدينة المزدحمة ..
سار بلا قلب ..
سار و هو جاهل الهوية ..
متذبذب لا يعيش الواقع .. و لا يطمح لـ ع ـودة الماضي الجميل ..
كل ما هو مطبوع في ذهنه ..
(( أنه يُحبها بجنون .. و لا ينكر أنها أَحبته
لكنها عَشَقت الثـراء))
سار في كل اتجاه ..
عكس التيار .. و في مواجهته ..
بقرب البحر ..
و بين كثبان الرمال ..
,,
سافر لـ أكثر من قرية ..
إلّا قريته ..
خـشي أن يهلكه الحنين ..
و يُرْديه الأسى ..
(( لآزال يرغب في الحياة ))
و هؤلاء هُم البشر مهما طغت الأحزان .. إلا أن للـ حياة معنى ..
مرت سنين .. كـ سابقتها
إلا مزيداً منْ حـنين ..
**
هي في أرَضها ..
أحرقت الذكرى ..
بكبرياء ترفض أن تكون مُخلصة لـ رجل قد أرخصها ..
و تجاهل دمعاتها ..
.
.
تكره أن تكون عاشـقـة .. لرجـل أرتضى بُـ ع ـدها ..
/
/
اقتنعت بكلام البشر ..
و الناس حـولها ..
أن المكث على الأطلال ..
لا يـ ع ـيد ما انقضى ..
.
.
و أن من أحبت .. لقى هناك مستقبل الثراء ..
و استقر ..
و عاش بـ هناء ..
/
/
/
حـاربت فيما مضى من عُمر كل الشكوك ..
لكنه الواقع ..
انتظرت ..
حتى ملّ منها الإنتظار ..
إلى أن أُرغمت أن تُصدق كل التُهم ..
و تجد نفسها ضحية رجل غَدر ..
\
\
\
**
على قارعة الطريق ..
بقي واقفاً إلى أن سُمِح لهُ بالمرور ..
أخذ مقعده في الحافلة ..
قلّب بين يـديه أوراق .. ذكرى ..
و سرح للبعيد ..
تذكر الأيام ..
و تأمل بألم قسوة الحاضر .. الّذي أبـ ع ـده عن حُلمه و أغلى البشر ..
عاتب نفسه إن هـوَ تركها و رَحل ..
و بات يتخــيل المستقبل ..
هنا ..
عَطل كل شيء فيه ..
فهـو لا يقوى التكهُن ..
.
.
.
وَصل لـقريته في وقت متأخـر ..
تصفح أجزاءها ..
كُل شيء تغــير ..
جــرّ الخُطــأ لمـنزله ..
و هوَ بـشوق لـمنزلٍ مجـاور ..
***
خـرجت .. بوجه آخر ..
و بابتسامة لا تظهر إلا عنوةً ..
قبلّت جـبين والدها ..
و رمت بنفسها فـي أحضان أمِها ..
و قالت :
و الأعـين تُحيط بِها ..
و هي تتأمل ( الساعه الثمينة) فـي مِعصمها ..
سأعلن موافقتي على الزواج ..
قال والدها باندفاع :
غداً إذن ..
قالت بـ خ ـجل :
غداً .. غداً ..
..
تأملت الهدايا في الزوايا ..
و جمـ ع ـت حاجياتها لـ تنقلها غداً لـ قصرها ..
و من بين الأشياء .. ( العاب ) طـفلة .. كانت تُحب ابن جـيرانها ..
و تزوجت بـ سيد قصر ..
قصراً ستكون سيدته.. غــداً ..
/
/
/
لم تنم تلك الليلة ..
لـ طالما تمنت أن يشاركها من أحـبت ..
لا من أحب أهلها ..
تذكرت كل الأحداث بينها و بين الرجل الّذي رَحل و تركها
تنتظر إلى أن استسلمت ..
بكت بـ ع ـنف .. فَكُل شيء انتهى
**
هناك بَعدْ غُربته ..
على ذات الأرض الّتي تُقِلُّها ..
تَجمَّل و عاد برونق شبابه ..
لم يسأل عنها ..
لأنه لا يرغب بتلاشي آخرِ أمل ..
/
/
/
ذَهب لـ بيتها ..
طرق الباب ..
طرق ..
و
طرق ..
فُتح
سأل
(( نَقلوا من هُنا منذ زمن ))
دارى دَمـ ع ـته ..
أخــفى الأسى ..
و ابتسم ..
عـاد يجر الخطى .. و هام يبحث ..
إلى أن حلّ الظلام ..
و تلاشى النهار ..
و زُينت الطُرق .. بالأنوار ..
كان واقفاً .. يتــأمل الجمال ..
الفرح
.
.
.
و الألحان ..
أحس باختناق .. و كأن قلبه يحتضر ..
تشبثت قدماه بالمكان ..
تصل لأذنيه الكلمات ..
لكن لا يعي المـ ع ـنى ..
,
,
,
عاد لـ أهله .. أحتضن والدته .. قبَّل رأسها ..
ودّع إخــوته ..
أوصى أمه أن تُـوصل لـ (رفيقة) دربه أيام الصِبا .. و وردْته الغالية ..
هدية بسيطة ( مبلغ من المال بذل جهُده لـ ج ـمعه يوماً ) و منديل معطر مر على ذاك العطر سنين لم يتلاشَ ..
بمناسبة العزاء ..
و رَحـــل ..
.
.
.
.
.
.
انتـــهـــى
صاحبة قلم