[بنت العلماء]

( 1)
وأثناء هذه المرحلة المستبشرة يستيقظ أنس – ونحن ربما بعد منتصف الليل - ليصرخ وهو يؤشر للخلف ويبكي ويصيح: سمكة ... سمكة .. سمكة..

( 2)
إن للحظات الضعف وحالات البلاء أحيانا جميل الفضل وعظيم الأثر في إيقاظ قلوبنا الغافلة وتزكية نفوسنا من غبار المعصية وران الغفلة.. تماماً مثلما تزكي النار الذهب من العوالق الرديئة.. إنها لحظات نفيسة تتبدّى فيها الدنيا على حقيقتها الزائفة وقد سقطت أقنعتها وخرجت من مساحيقها المضلّلة.. إنها لحظات نفيسة تبيّن لك كم كنت معرضاً عن الله.. وكم كنت مفرطاً في جنب الله.. وكم كنت تعمل للدنيا كأنك تخلد فيها.. وكم كنت تلهو عن الآخرة كأنك لن تبلغها..

( 3)
ولهذا قد تكون وسائل النجاة قريبة منك ولكن لا تصل لها لأي سبب.. ولهذا فإن الأسباب الماديّة تفتقر لتأثيرها إلا إذا أراد المُسبّب سبحانه وتعالى أن تعمل..

( 4)
ولقد كان من أعظم ما رافقني في تلك الظلمات هو الذكر والدعاء، وهي العبادة الرفيع شأنها الخفيف حملها، العظيم فضلها، الكبير أثرها، فبها تطمئن القلوب، وبها تُطرد الشياطين، وتحضر الملائكة، ( أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ) ..


(5)
وكان أول ما سأل عنه صاحبي عند نزوله إلى أرض الشاطئ عن اتجاه القبلة وخر لله ساجداً لله وشاكراً لفضله..

( 6)
ولله ما أجمل احتضانه لابنه الصغير وفرحته بسلامته

قال تعالى : ( هو الذي يسيركم في البر والبحر حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها جاءتها ريح عاصف وجاءهم الموج من كل مكان وظنوا أنهم أحيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين 0 فلما أنجاهم إذا هم يبغون في الأرض بغير الحق يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم متاع الحياة الدنيا ثم إلينا مرجعكم فننبؤكم بما كنتم تعملون )

وقال تعالى : ( واذا غشيهم موج كالظلل دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم الى البر فمنهم مقتصد وما يجحد بآياتنا إلا كل ختار كفور )

والله أنني عندما قرأت القصة ازدحمت في صدري مشاعر ولا تزال إلى الآن تزدحم

مشاعر فرح بسلامة الشيخ مشاعر حزن وألم مشاعر تخص الصغير أنس ومشاعر تخص الشيخ محمد تجاه ولده وتجاه أسرته وتجاه الأعمال الخيرية والمحاضرات ولمنابر التي سوف تبكي عليه مشاعر تجاه هذا الرفيق وبذله للجهد من أجل انقاذ نفسه وانقاذ الطفل والابلاغ عن الشيخ مشاعر تكاد أن تفجر صدري خنقتني عبرة وأخذت من القصة بعض العبرة إنها حياة جديدة فكأنهم ولدوا من جديد .

مواعظ منقولة من الموضوع