(3)
فأين بنيت بيتك ِ ؟؟؟
نقار الخشب ,,,
ينحت في أصل الشجرة بيته ,,,,
و العصافير المتعجلة ,,,
تتخذ بيوتاً من القش على أطراف الفروع ,,,,
فثم إذا حان الخريف ,,,,
و تعرّت الأغصان و الفروع ,,,
انكشف لكلٍ منها ما أعدّ لنفسه ,,,
فيا حارسة القلعة ,,,
أين بنيت بيتكِ ,,,
أفي أصل شجرة الإيمان ساكناً مطمئناً لا تزعزعه عن يقينه الأعاصير ,,,,
أم اتخذت من قش الأوهام بيتاً لا يؤويك في مهب الريح !!!!!
( 4 )
" يا حاملة الكنز ...!
هل أهدرتِ كنزكِ ... ! ? "
.........................
( مفتتح ...)
عندما كنت صغيرة , كنت أخبئ عن عيون المتطلفين صندوق كنزي , ,
و في نهارات الشتاء المشمسة ,,,, كنت أتسلل بصندوقي الصغير الى سطح المنزل ,,
و تحت كرمة دارنا العتيقة ,, كنت أتربع الأرض وحدي ,
لأفتح .... صندوق كنزي ,
و أمرر أناملي الصغيرة بحبور على المخمل الوردي الذي يبطن أطرافه و حواشيه ,
و استعرض بكل فرحة الدنيا مقتنياتي الأثيرة ,
و التي بدت لي لدهر بعيد لا تقدر في الأرض بثمن!!
كريستالة شفافة أرفعها في عيون الشمس لتتوهج فيها ألوان ضوءها السبعة
فأتملاها ملياً باعجاب حقيقي ,
ثم أعيدها برفق الى مكانها .
و أحجار ملساء ملونة جمعتها من رحلات التنقيب الطويلة المتأنية
على شواطئ البحر الساحر و المختال بصخبه الأبدي ,
و أصداف ناعمة و محززة متدرجة الألوان بابداع متقن ,
تهمس في مسمعي بهديرها البعيد .....
كأنما استودعتها الامواج صوتها صدىً سرمدياً ....
و عقد أمي القديم ,
و قد فرطتُ لؤلؤاته البيضاء الجميلة لتنثر في صندوقي بفوضى محببة ....
ثم أساور و سلاسل ذهبية مرصعة بفصوص زرقاء سماوية و وردية ,
تتلألأ في ضوء النهار لتداعب ألق الدهشة في عيوني المبتهجة .....
و أشياء أخرى لا أذكر تفاصيلها بدقة بعدما تباعد الدهر بيني و بينها ,,,
و أنا أعرف ....أن مقتنياتي الأثيرة لم تكن لتساوي شيئا لغيري ,
لكنـــــــــي ,,,
أحببتها و اعتنيت بها كما لم أفعل بشيء آخر,
و في لحظات صفو عابرة نادرة , كنت أمنح بعض الصواحب حق الاطلاع عليها ,
فكنت أمتلأ حبورا و سعادة و أنا أبحر في أحداقهن المنبهرة بمفردات كنزي ....
و أنت تعرفين أن كنزي لم يكن يساوي في الحقيقة كثير شيء ,
لكنـــــه ..... منحني من السعادة ما لم تمنحني إياها كل ما اقتنيت من حلي و نفائس حقيقية بعد ذلك ....
...... لم تعد الأشياء..... كل الاشياء ..... قادرة على منحنا براءة السعادة العفوية الصافية التي كانت تمنحنا إياها الأصداف و الاحجار الملونة و الكريستالات المفقودة من ثريات الدار ....
"فقد حلَّ في القلب أمر .... غيّر وقع الأشياء فيه .... غيّر... في عيونه الحياه ...."
و قد دفعني ذلك لطويل تأمل ,,,
إن قيمة الأشياء الحقيقية ليست في ذواتها المادية ...
لكن .... فيما يتركه جمالها في قلوبنا من سعادة
و ما تمنحه لنا بتألقها من بهجة و حبور ,,,
إن القيمة الحقيقية لما نملك و لما نَعْبُر عنه في حياتنا
لهو ذلك الأثر الذي نجده منها في أرواحنا
و في توتر نبضات قلوبنا بتسارع محبب و خفيّ ... إحتفاءا بها ....
و من هنا فقد عدت لأبحث عن كنزي الحقيقي ...
الكنز الذي يترك في النفس نوره و في القلب بهجته و في الروح صفوه
و يتسع بها ... لتغدو أرحب من رقعة الأرض و أوسع من فسحة السماء ....
و يفيض عليها من فيوض جماله و سناه .
فلعلي قد أوشكت أن أهتدي إليه ....
فاسمعيني قليلاً ...
لأحكي لك .... عن الكنز الحقيقي ....
و عن مفردات جواهره و لآلئه و ماساته الأثيرة .....
تابعيني ,,
يا حارسة القلاع المكينة .... !!