عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 2  ]
قديم 2008-10-13, 6:19 AM
يارب الجنة يارب
عضو متميز بالمنتدى
رقم العضوية : 60684
تاريخ التسجيل : 22 - 9 - 2008
عدد المشاركات : 819

غير متواجد
 
افتراضي

وهنا تأتي المقارنة السريعة مع معالم الرؤية الاقتصادية لحزب التحرير التي استمدها من الإسلام، لكل نقطة من النقاط أعلاه، وهي مجموعة من الأحكام الشرعية التي شرّعها رب البشر وهو أعلم بما كان وبما سيكون، ولن يتسّع المجال لعرض أدلتها الشرعية وشروحاتها، ولكن ذلك كلّه متوفر في أدبيات حزب التحرير، وخصوصا في كتاب النظام الإقتصادي في الإسلام:

1. حرمة الربا قطعية في الإسلام، وأزمة الرهن العقاري تجسد عمليا بطلان محاولات الالتفاف على الأحكام الشرعية وتشريع "البنوك الإسلامية" وإباحة قروض شراء البيوت للمسلمين في الغرب التي أفتى بها البعض.

2. اعتبار نظام الذهب والفضة النظام النقدي الوحيد في الإسلام، وعودة هذه المعادن إلى نقد ثابت بدل أن تكون سلعة عرضة لتغيّر الأسعار، وهو ما يؤدي إلى استقرار النقد.

3. تقسيم الملكيات إلى ملكية خاصة وعامة وملكيّة دولة، مما يقاوم الاحتكار ويوزع الثروات.

4. عدم مشروعية الملكية الفكرية للإبداعات والاختراعات، مما يقاوم احتكار المعرفة المنتجة، ويضع حدا للزيادة الخيالية لثروات الشركات المعلوماتية.

5.اعتبار النفط وكافة متعلقات الطاقة ملكية عامة لا يجوز حصرها في الأشخاص والشركات

6. بطلان خصخصة الملكيات العامة وملكيات الدولة، والحفاظ على حقوق الناس في ثروات تنتجها الدولة وتدير عمليات تنميتها.

7. جعل الصناعة الحربية تابعة لأمير الجهاد وبالتالي للدولة، وعدم فتح المجال لوجود شركات خاصة لتصنيع السلاح، وحصر الحروب في مقاومة الاحتلال ونشر رسالة الإسلام، مما يقضي على وجود "شركات الحروب" التي صارت تبتلع الدول في ميزانياتها.

8. تحريم البيوع التي لا يتم فيها التقابض، وبالتالي زوال فكرة المضاربات والوصول إلى استقرار أسعار السلع. وأيضا تحديد أنواع الشركات التي حصرها الإسلام في وجوب وجود الجهد كطرف رئيسي مشارك، وعدم إقرار مشروعية شركات الأموال لوحدها دون الجهد، والتي فتحت المجال للمقامرة بأسواق المال.

9. سيطرة روح تقوى الله على سلوكات الأفراد، وتنفيذهم لتشريعات النظام الاقتصادي الإسلامي على أساس الفروض والواجبات والمندوبات سعيا لنيل رضوان الله، وبالتالي وجود رقابة داخلية على سلوكات الأفراد.

10.تعريف المسألة الأقتصادية بأنها توزيع الثروة وليس إنتاجها، وتشريع ما يؤدي إلى توزيع الثروة وعدم تمركزها في أيد محدودة.

هذه نقاط عشرة مستمدة من الإسلام، بلورها حزب التحرير ضمن رؤيته الإقتصادية، وخصصت حزب التحرير في العنوان (مع أنها رؤية إسلامية عامة) لأن بعض الرؤى الاقتصادية المعاصرة التي انتسبت إلى تشريعات الإسلام قد أغفلت بعضها وخالفت بعضها الآخر، ولذلك فهي رؤية إسلامية تميّز بها حزب التحرير. وسرّ تميّزه يعود إلى منهجّية الاستنباط الصحيحة المستندة إلى النصوص الشرعية دون التأثر بإفرازات النظام الرأسمالي، بينما انزلق بعض الكتّاب والباحثين في هذا المجال إلى محاولات أسلمة النظريات الإقتصادية الرأسمالية انبهارا بها وتقليدا للغرب الغالب، وصار البحث التشريعي والاجتهاد عندهم قائما على وضع النتيجة قبل الأدلة ومن ثم البحث عن تفسيرات للنصوص التشريعية توافق تلك النتيجة التي وضعوها، وضاع تميّز الإسلام بعدما انحصر في مخرجات الرأسمالية.

وحزب التحرير سيعيد صياغة النظام الإقتصادي في دولة الخلافة القادمة على أساسها، ونظامه القادم سينعكس على كافة مناطق العالم في زمن ذابت فيه الحدود والفواصل التي كانت تقيّد تفاعلات المجتمعات والكيانات في التاريخ.

وحقيق على منظري الاقتصاد من المسلمين أن تكون هذه الأزمة العالمية دافعا لهم للغوص في تفاصيل هذه النقاط، وإبرازها، وطرح النظام الإقتصادي في العالم. ومن الأكيد أن بعض الغربيين ومثقفيهم يطرح بعض هذه المعالم منهم على سبيل المثال لا الحصر ما طرحه نعمان حنيف في مقاله "الخلافة: تحدي الإسلام للنظام العالمي" والمنشور على موقع مراقبي الإعلام (media monitors)، بتاريخ 31/1/2006 حيث أبرز ما يتميّز به النظام الإقتصادي الإسلامي من الفصل بين ملكية الدولة والملكية العامة والملكية الخاصة كبديل عن نظام الخصخصة في النموذج الاقتصادي، وأبرز ميزة تشريع نظام النقد القائم على الذهب والفضة، وتعريف المشكلة الأساسية التي تواجه الاقتصاد أنها مشكلة في التوزيع وليست مشكلة في الإنتاج كما في الفكر الغربي، والتعامل مع الثروة المعدنية والتي تشمل النفط والغاز على أساس أنها "حق كل مواطن وتتولى الدولة مهمة حفظ حق التصرف بها."

إن طغيان فكرة الملكية الفردية قد جعلت الرأسمالية تشرّع الاحتكارات بينما منع الإسلام ذلك، وجعلت الرأسمالية تحوّل المعدن الذي يستخرج من باطن الأرض كالذهب والنفط إلى سلعة امتلكها الأشخاص بينما الإسلام حصر الاستخراج في الدولة، وهي أيضا جعلت الرأسمالية تسمح بامتلاك أدوات الإنتاج المرتبطة بصناعات الخامات الأساسية والاستخراجية كالمعادن والنفط بينما الإسلام منع امتلاك الأفراد والأشخاص لأدوات الانتاج تلك.

وقد ظهرت بعض الأصوات الجديدة في أوروبا للإفادة من النظام الاقتصادي الإسلامي، فقد نقل الكاتب محمد النوري، في مقال حديث (تشرين أول 2008) بعنوان "كتاب غربيون: الشريعة تنقذ اقتصاد العالم" والمنشور على موقع إسلام أون لاين، عن افتتاحية مجلة "تشالينجز" أن رئيس تحريرها، بوفيس فانسون، كتب مقالا بعنوان (البابا أم القرآن) تساءل فيه عن "أخلاقية الرأسمالية"، وقال "أظن أننا بحاجة أكثر في هذه الأزمة إلى قراءة القرآن بدلا من الإنجيل لفهم ما يحدث بنا وبمصارفنا لأنه لو حاول القائمون على مصارفنا احترام ما ورد في القرآن من تعاليم وأحكام وطبقوها ما حل بنا ما حل من كوارث وأزمات وما وصل بنا الحال إلى هذا الوضع المزري؛ لأن النقود لا تلد النقود". ونقل النوري في مقاله أيضا عن رولان لاسكين رئيس تحرير صحيفة "لوجورنال د فينانس" مطالبته بضرورة تطبيق الشريعة الإسلامية في المجال المالي والاقتصادي لوضع حد لهذه الأزمة التي تهز أسواق العالم من جراء التلاعب بقواعد التعامل والإفراط في المضاربات الوهمية غير المشروعة، ونقل أيضا عن لاسكين إدراجه لتطبيق مبادئ الشريعة الإسلامية من ضمن مقترحات وضعها للحل في مقال له بعنوان "هل تأهلت وول ستريت لاعتناق مبادئ الشريعة الإسلامية؟"

إن أمريكا على وشك الأنهيار، وخطتها المالية التي أقرتها هي من قبيل المسّكنات لا المعالجات الجوهرية كما شهد بعض المحللين، لأن السرطان قد استفحل فيها، وقد آن لعملائها أن ينقذوا أنفسهم من جحيم هاويتها، وأن لا يتعلّقوا بها وهي تهوي بهم في مكان سحيق، وإن الزمن يسعى مسرعا نحو تحقق هذه الرؤية الاقتصادية التي هي جزئية في مشروع حضاري متكامل شرّعه الإسلام واستنبطه حزب التحرير من مصادره، وهو يطرحه كنظام عالمي جديد.

لقد انقضى زمن أمريكا وانبثق زمن الإسلام.

عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في فلسطين
الناقد الاعلامي
التعديل الأخير تم بواسطة الزاهرة ; 2008-11-09 الساعة 6:57 AM. سبب آخر: يمنع وضع روابط لمنتديات أخرى .. بارك الله فيك