قوة الفكر والإيحاء :
أفكارنا ثؤثر فينا وتؤثر في الآخرين ، وأجسامنا نتاج أفكارنا ونحن ننشأ تبعا لما نريد أي تبعا لما نحمله من أفكار . والعقل والتفكير أكبر قوة في الخلق . فالانسان الذي يحمل فكر: أنا اقدر ، وأنا أستطيع ، خاضع لهذا الفكر ويتمكن بقوة واندفاع من السير بتنفيذ هذه الفكرة . والعكس في الإنسان الذي يحمل فكر لا أستطيع لا أقدر فهو أسير لهذا الفكر خاضع له بليد الخطى محبط القوة تبعا لجوهر أفكاره . تصور انك تحمل فكرة ضعيفة غير قادر لتقنع نفسك بها فكيف ستجد الوسيلة لإقناع الآخرين ؟ . والفكر النير القوي وان كان قليلا يجد له مكانا في التأثير على الآخرين . وكما يقال : قطرات الماء الساقطة على مكان واحد من شأنها أن تحفر الحجر في نهاية المطاف .
والفكر ينتج عنه الأفعال لأن الفعل نتاج أفكارنا وما نحمله من فكرة قوية أو سيئة أو جيدة أو مفيدة أو سقيمة ..الخ . وعليه فهي تؤثر أيضا في البيئة التي نعيشها وما يمت لنا بصلة .
فنحن جميع نتاج أفكارنا وانعكاس ما نحمله على أكتافنا . وهو بكل تأكيد سينعكس على مظهرنا أيضا . والبعض منا بقليل من الفراسة سيتمكن من الحكم على الأشخاص من خلال مظهرهم العام وعلى ما يبدو في القليل من أفعالهم .
والفكر المشحون بالخوف يجذب كل حالات الخوف ويتنامى معه كل ما يتوجب عليه هذا الخوف ونصبح في النهاية أسيرين لهذا الفكر ومحاطا بنا من جميع الجوانب . وكل فكرة جيدة تجذب معها فكرة جيدة والسيئة كذلك وهنا يصبح لنا مخزون هائل من الأفكار السلبية أو الإيجابية التي صنعناها بأنفسنا وأصبحت هذه الأفكار وسط بيئة نعيشها وتتسلط علينا .فالعقل المسير لهذا الجسم مشحون بمجموعة من الأحاسيس والأفكار وإذا ما تم قبولها بسب تكرارها على العقل وانشغاله فيها تترجم من خلال العقل إلى انفعالات كما تنعكس أيضا على مظهر الإنسان ومن الضروري لهذه الترجمة والانطباعات أن تظهر بشكل أفعال إيجابية أو سلبية تبعا لحالتها في الباطن ولا ننسى أن الإرادة تابعة في فعل التنفيذ لما نتوجه إليه . ولنفترض أن التلميذ في بداية الفصل أقر في داخله النشاط والتركيز والمشاركة والتفاعل للحصول على المرتبة الأولى في صفه . وهنا
تبدأ الأفكار بالانشغال بالتنفيذ وتتبعها الإرادة في التحقيق فينشط ويجتهد ويشارك في الفصل ويحصل على بداية النجاح فيصفق له من قبل زملائه ثم يحترمه أستاذه فيبدأ هذا النشاط يتزايد ويتنامى عبر الاحترام الذي يلاقيه فتزداد الفكرة يوما بعد يوم ضمن التشجيع والتصفيق والتكريم والاحترام . وفي نهاية العام الدراسي قد لا يحصل على المرتبة الأولى لكن ربما حصل على إحدى الدرجات العشر الأولى . لكن لو عكسنا الحال عند طالب محبط مهمل بليد الأفكار يائس من التحصيل سيطر على فكره وهم ضعف القدرة على التحصيل . سيلقى هذا الطالب من الإهمال المتبادل بقدر عجزه عن تحقيق وجوده كعنصر فاعل . وسيؤثر فكرة المحبط على أصحاب القرار بما أثر فيهم ، وسيعامل بعكس الطالب النشيط ويقابل بالتوبيخ والحرمان والتأنيب وبالنهاية سيلقى النتيجة الأسوأ مما كان يتصور ويتعهد به نفسه . وهذا المثال على سيطرة الفكر على الشخص وما ينتج عنه من بيئة مناسبة يعيش ويتفاعل فيها ويؤثر على الآخرين .
كيف يؤثر التنويم الإيحائي على الأشخاص من جهة الأفكار :
العديد من الناس لم يتعلم بعد كيف يستخدم هذه القوة الهائلة من الفكر ، والبعض عاش أسيرا للأفكار السلبية . والفكر فن يجب أن نتعلمه ونحسن أداءه ونعرف كيف نبنيه ونستخدمه في كل وقت ومع أنفسنا ومع الآخرين . وقبل كل ذلك يجب أن نجد آلية جيدة لتنفيذ ما نريده .
لقد وضحنا في هذا الكتاب كيف تصبح الأفكار معان وإرادة وتنفيذ وديباجة لصاحبها ، وربطنا بين الأفكار السيئة وما يتبعه من تأثير نفسي ثم تأثير عضوي يتجسد بشكل أمراض عضوية ملازمة . وبينا قوة هذه العلاقة المرتبطة بين الحامل لها وبين ثقافته العلمية ومعتقداته الدينية والوسط البيئي الذي يعيش فيه . لكن السؤال هنا هل يمكن حل هذه المعضلات وما تشكله من خطر على جسم الإنسان من خلال التنويم ؟ وما أهم الأمور التي يجب أن يركز عليها المنوم في المعالجة المثالية .
من كتاب الايحاء والنفس - زياد علي عمران - صاحب موقع الصفوة اون لاين