عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 4  ]
قديم 2008-10-10, 3:42 PM
يمامة الوادي
عضو متميز بالمنتدى
الصورة الرمزية يمامة الوادي
رقم العضوية : 7644
تاريخ التسجيل : 19 - 6 - 2005
عدد المشاركات : 43,494

غير متواجد
 
افتراضي
(9)

إجازة صيفية.. أخيييييراً..!


وجاءت إجازة الثلاثة أشهر (الطويلة) اسماً، والتي تركض بسرعة فتنتهي قبل أن (نستوعب) أنها بدأت.!

لا يهم، المهم أننا سنتحرر من قيود الدراسة، وضغط العمل، وننطلق للسفر، والاجتماعات العائلية، والسهرات التي تمتد حتى وقت متأخر من اليوم، والنوم لساعات طويلة وبلا تقدير بطبيعة الحال.!

لن يكون هناك (ناموا بدري! عندكم مدارس) .. أو الأصوات التي ترتفع كل صباح لإيقاظ أهل السهر الطويل، والنوم الثقيل، والعيون المنتفخة..

جاءت وانطلقت فعالياتنا..

الأيام الأولى، كانت تعويضاً للنوم، الذي يمتد لساعات متأخرة من اليوم، ثم السهر بطبيعة الحال تعويضاً للحرمان السابق.!
الزيارات العائلية، والنزهات، والخروج مع الصديقات، وزيارة مدن الألعاب باختلاف أشكالها، وأماكنها أيضاً،
كان لها النصيب الأكبر، ووجبات الـ(fast food) ملح السهرات طبعاً، وساعات تصفح الإنترنت الطويلة..

كلها كانت مشاريع لإجازة سعيدة، تمتد بامتداد الإجازة نفسها، ثلاثة أشهر كاملة..

انتهى الشهر الأول، وبدأ الملل يتسرب إلى نفسي، والروتين نفسه لا يتغير..
أنام قُبيل الظهر، ثم أستيقظ السادسة مساء، أو ما بعدها، لأخرج، أو أكتشف أن (مزاجي) ليس بخير من كثرة النوم، وغياب نوم الليل براحته، وآثاره عليّ، فأفضل البقاء في المنزل بخمول عقلي وجسديّ في آن واحد!

(ملل.. طفش، زهقت!)
لم أكن وحدي أقولها، بل حتى أخواتي، وصديقتي آلاء، وأمل وسارة ووو وكثييير!
فوق هذا الملل، كانت الشحوم تبني نفسها في جسمي بسبب أرطال الزيوت، والبرجرات وأعواد البطاطا المقلية، تماماً مثل (كرة) تتدحرج ذهاباً وإياباً.!
عقلي أيضاً بدأ منسوب الذكاء، والعمل فيه يتقلص شيئاً فشيئاً، وتغيب معه الابتكارات، أو حتى التفكير بشيء مفيد..

90 يوماً.. هل سأخسرها في نوم، وأكل وكسل؟
تسعون يوماً، أي آلاف الدقائق والثواني، محسوبة من شبابي، على لاشيء!

ماذا لو أنشأتُ مشروعاً يخصني؟ أو تبنيت فكرة وسعيتُ لتنفيذها على صعيدي الشخصي، أو علاقاتي مع صديقاتي أو حتى على نطاق عائلتي الصغيرة..
ماذا لو عملتُ عملاً صيفياً، يخصّ مجالاً أحبه أو مهارة امتلكها، وكونت لنفسي خبرة صغيرة، أستفيدُ منها أولاً، قبل أن تُحسب لي كخبرة؟
سأبدعُ حتماً لأني سأقتحم مجالي، وأنافسُ فيه، حتى لو كنتُ في (مراحل مبكرة) دراسياً، فبعض الأعمال الصيفية لا يلزم فيها شهادة جامعية أو ثانوية أو حتى تجربة سابقة مع عمل، أيّا كان شكله.. وماهيّته، أعرض فيها مساعدتي وموهبتي التي يحتاجون إليها حتى لو كان عملي تطوعياً بدون مقابل..
دور تحفيظ القرآن النسائية، المراكز الصيفية، أو حتى المواقع الهادفة التي تحتاج دعماً تقنياً وبشرياً..
جميعها تحتاجُ جهدي، وأفكاري الشابّة، وفيها، يحلو العمل التطوعيّ، ويكون له لذّة الجهد الذي أحتسبُ فيه الأجر..
حتى الشركات الصغيرة، والجمعيات تتبنى الأعمال الصيفية، والتدريبُ فيها مجال مفتوح لي وسيترك لي حصيلة معرفية ثرية، لن أندم عليها..

عزمتُ أنا وصديقاتي على أن ننتقل لخطوة الأداء، حتى لا تضيع الفكرة، ويموت الحماس..

قسمنا نشاطاتنا إلى ورش عمل، كل ورشة لها مدة معينة ننجزها فيها ثم بدأنا بمرحلة الحرث..
فخصصنا بعضاً لحفظ أجزاء من القرآن، (سارة) كانت مبدعة بفنون الكمبيوتر فصارت (معلمتنا) لهذه الورشة، وتولت الأخريات الورش الأخرى من الأعمال اليدوية والفنية والمكياج، كل واحدة تعلمنا ما تتقنه، وبالطبع نكون قد حققنا متعة الالتقاء بشكل مستمر، دون اعتراض من أهلنا متى ما تكررت الزيارات وكثرت!

ولم تنسَ كل منّا عائلتها من مسابقات، وبرامج تدخل فيها الأنس والفائدة على نفوسهم،
ومفاجآت (مطبخية) تنجحُ مرات، وتخفق أخرى، ويعلوها جوّ الألفة والسعادة، ورعاية مواهبنا وتطويرها..

جميعها خلقت لي جو الترفيه والفائدة في آنٍ واحد، وأحدثت في حياتي انطلاقة شجعتني وبنت الثقة في نفسي، وتركت لي في نفوس الآخرين من حولي بصمة لا تنسى.. ولا تُمحى..

كانت إنجازاً بطعم (إجازة) !


**
مجلة حياة العدد (86) جمادي الثاني 1428هـ


--------------------------------------------------------------------------------


(10)

أمي غريبة عني !!



أمي؟ كلا كلا..
لن أخبرها بما حدث! هذا مستحيل تماماً..
تعرفين ماذا سيحدث لو علمت؟ لن تساعدني، بل ستكون مشكلةٌ أخرى أكبر حجماً من التي أصادفها الآن، ستعنفني ستخبر أخواتي وخالاتي وسيتشاركون الضحك عليّ، وسأشعر بالاختناق وبأني أريد الخروج من البيت بلا عودة، باختصار.. سأعض أصابع الندم لأني أخبرتها!

حاولتُ كثيراً أن أكسر حاجز الخوف وأحطم الصمت الذي بيننا لكن في كل مرة أخرج بنفس النتيجة، أن أمي تكبر المشكلة بدل أن تحلها، وتزيد إشعال النار بدل أن تطفئها.!

هذا جوابٌ معتاد تحصده المشرفة الاجتماعية في المدرسة، أو المستشارة كلما واجهت مشكلة ونصحت الفتاة أن تتوجه لأمها لتحلّها وإياها، أو أن تطلب من الفتاة نقل هذه المشكلة لوالدتها لتكون على إطلاع، وأظن أن الغالبية العظمى وأنتِ قد تكونين منهم يواجهون نفس الإشكالية، وغياب الفهم بينها وبين أمها، خصوصاً حين تتوجه إليها باعتراف وتتمنى أن تجد حضناً دافئاً، وصدراً رحباً وحلاً سلمياً وتقابل بالصراخ والتعنيف أو الاستهزاء، أو حين تتوجه لها بأحد الأسئلة المحرجة التي لا تجد إجاباتها فلا تلقى تجاوباً، وتضطر بالتالي أن تبحث عن هذه الإجابات بين أوراق كتاب أو مجلة، أو حتى صديقة قد تضرها أكثر مما تنفعها..

لنفترض أنك تواجهين هذه المشكلة مع أمك،
فتعالي نستنبط حلولاً صغيرة أنا وأنتِ، قد يكون لها أكبر الأثر في نفس أمك، وعلاقتك معها..

حين ترغبين في معرفة أمر يشكل عليك، جربي أن تقدمي سبب التساؤل قبل، ثم طرح السؤال، لتدرك والدتك مدى جديتك في البحث عن الإجابة، وضحي لها أنها وإن خجلت من إجابتك، أو عجزت عنها فلتوجهكِ إلى كتاب مفيد أو تنقل سؤالك إلى مختصّ، فتكون مصادر ثقة لأسئلتك، وأنك وإن تعددت بك وسائل المعرفة إلا أنكِ لازلت لا تستغنين عن معرفتها، وأنك في حاجة ماسة لها.

ماذا لو وقعتُ في مشكلة؟

حسنا.. قد تعترفين لصديقة، وقد تحتويك وتربت على كتفيك، لكن هل ستجدين عندها إجابات حكيمة، أو وزناً صحيحاً للمشكلة وحلّها؟ بعض الصديقات قد يملكن هذه الموهبة، لكن البعض وبحكم السنّ لا يفعل، فمشورتها سترضيك حتماً لأنها من ميزان واحد تتكافآن فيه، عمركما وتجاربكما في الحياة لا زالت بعدُ محدودة، والكمّ الأكبر من المشاكل الكبرى تحتاج رؤية أوسع بكثير من رؤية من لم تتنقل بين معتركات الحياة وتخوض غمارها، فحين تتوجهين لوالدتك – وقد لا ترضيك حلولها- إلا أنها أكثر حكمة، وستكون أكثر حرصاً عليك لأنك ابنتها وقطعة منها وإن بدا لك خلاف ذلك، جربي أن تتذللي بين يديها وتخبريها بوعيكِ بخطئك، وأنك معرضة للوقوع في الخطأ كأي بشر، وأنك ضعيفة تحتاجين الدعم والعون والتوجيه وترجين منها حضنا دافئاً عندما تأتينها حاملة مشكلة لتنسي ما حل بك ولتشعري معها بالأمان عندها، قولي لها بحبّ وبرّ: أمي تقبليني بشكلي الحالي، أعلم أنك تتمنين أن أكون أفضل وأجمل، ولكني ابنتك فأشعريني أنك تتقبلينني ولا تتركيني ألجأ لمن يترجم لي المشاعر ويلقي على مسامعي كلمات الحب والحنان التي أشعر أمامها بأنوثتي، وقيمتي، أمي إن كل همومي ومشاكلي ومتاعبي ستذهب عندما تشعرينني أنك معي بقلبك وإحساسك، وتشعريني بالحب الذي يسكن قلبك، ولمسات الحنان التي تنساب من يديك، وثقي بأني لن أتردد بالعودة إليك كلما حل بي مكروه أو تهتُ في حياتي..

مثل هذه العبارات، هي مفاتيح لأبواب قلبها وإن بدا لكِ موصداً- وثقي أن قلب الأم وإن بدت قاسية فإنه يحملُ الرحمة والحب لأبنائها- أمك تحتاجُ منك بالمقابل أن تشعريها بحبّك، وبقربك لتمنحكِ أكثر، فلا تبخلي عليها لئلا تبخل عليك، وتصلان معاً إلى برّ الحب والأمان، والفهم..


**
مجلة حياة العدد (87) رجب 1428هـ


--------------------------------------------------------------------------------