(4)
عارضتك مشكلة .. لم يسمعك أحد؟!
لا تحتاري فالحل لدي .. انتحري.!
مريم أتسمعينني
ستكونين بخير فقط فقط استرخي...
بسرررررررررعة Ventolin injection
هذا آخر ما سمعته.. أيقظتني أشعة الشمس عندما رفع عنها الستار من قبل الممرضة، تذكرت أزمة الربو التي جاءتني وفقدت على أثرها الوعي.. ابتسمت عندما شاهدت أبي يغطي جبيني بيديه الحنونة ليقرأ ما تيسر من القرآن..
الحمد لله لقد كنتِ بحال يرثى لها، علمت منه عن الأحداث التي حصلت لي.... بعدها زيارات الأهل والأصدقاء إلى أن أوشكت عقارب الساعة على بدء إعلان انتهاء وقت الزيارة... أصررت أن أبات اليوم وحدي دون مرافق فيكفيهم مشقة ليلتين من التعب والسهر، بدأ الهدوء يتسلل إلى الجناح العمومي الذي سكنت به أنا وأزمتي..
أحسست بالنوم يدغدغ أهدابي فاستسلمت له حتى جاء ما يفزعني ويهرب عني نومي!!
انتحار انتحار.. كلمات رنت في أذني..
تحكي خلود 19 سنة بجواري.. أن الحياة لحظة ينتهي وقتها بمجرد تناول جرعات زائدة من الدواء، وتصمت دقائق ثم تكمل حديثها.. يئست عندما أحسست أن الأهل لا يفهمون رغباتي.. لم أشعر بكياني أو حتى بوجودي فلماذا أنا هنا أعيش في العالم.. كنت أنتظر شارة بدء الانتهاء لعالم الآخرة وبدأت هذه الإشارة بشجار مع أخي الأكبر لسبب جدا تافه فدخلت غرفتي لأخرج منها بسيارة إسعاف!
قطعت حديثنا ممرضة من الجنسية العربية.. لإعطاء دواء مهدئ يخلد خلود إلى النوم.. شعرت تلك الممرضة بحزني وشغفي لإكمال حديث خلود.. فقالت دون أن أسألها جناح 17 مليء بقصص الانتحار انتظري ساعة وستبدأ زيارات المريضات لبعضهن حتى يتبادلن القصص والأحاديث..
ذهبت لسريري على ملامحي ابتسامة رضا.. كانت تلك الساعة التي حدثتني عنها الممرضة بطيئة بل هي البطء بمعناه.. قررت أن أتمشى بنصف الوقت المزعوم.... فلمحت فتاة أظنها لم تتجاوز الثالثة عشرة!! تتمشى وهي متمسكة بالمغذي الموضوع في الشريان بيدها..
ألقيت التحية.. فردت ببرود قاتل على تحيتي وحاولت أن تكمل مسيرها.. فحاولت جذبها لي قائلة.. سمعت أن المحقق أتى اليوم سائلاً عن الفتيات المنتحرات في هذا الجناح،
لمحت خطواتها تقف شيئاً فشيئاً، سألتني الفتاة بعد أن استوقفتها قائلة: هل قمتِ بتجربة الانتحار؟..
فناظرتها قائلة: لماذا وهل الانتحار حلال!؟
فأجابت بعدما استندت على كرسي لتجلس.. نعم الانتحار أصبح حلالاً.. هكذا تقول صديقاتي..
فرددت ولماذا انتحرتِ هل لتجربة الحلال فقط!
فأجابتني قائلة: لا بالانتحار أستطيع أن أنفذ كل رغباتي المرفوضة.. صديقتي كانت ممنوعة من كل شيء وبعدما جربت الانتحار أصبح كل شيء مسموح لها!
فقلت لها ولكن! ماذا إذا كان انتحارك صادقاً ولم يستطع أحد إنقاذك..
فابتسمت ابنة الثالثة عشرة قائلة: هناك طرق للانتحار الشكلي الأغلب يتبعها.. وهي مضمونة.. تطيح بك أرضاً لكنها لا تميتك!
ذهلت حقاً بما سمعت، وذكرت لتلك الفتاة آيات من القرآن عن الانتحار وعقابه وكيف تبعث للآخرة... أحسست أن هناك قناعة تامة في ذهنها أنه طالما كان انتحار مدبر فهو حلال.. ليس في ذهنها فقط بل في ذهن كل الفتيات من عمرها!!
وجدت أن جميع القصص هنا متشابهة.. الهدف واحد لكن تسلسل الأحداث والأبطال مختلف!!
تناسيت مرضي وألمه.. تناسيت تشعب صدري بالربو وضيقه.. أمام هذه المشكلة...!!
هل الموت أصبح لعبة نعبث بها متى نشاء!! هل الموت أصبح اليد التي توجع من نرغب حتى نفعل ما نريد!!؟
أسرار وسبل متطورة من قصص الانتحار المزعوم يملأ جناح 17، وليس فقط جناح 17 فكل جناح نسائي في المستشفى ترقد بأحد أسرته فتاة منتحرة!
أكملت رحلة شفائي وبقي في ذهني السؤال عن هذا الانتحار!
تقول شيخه الحريش أخصائية في مدرسة ثانوية: (إن قصص الانتحار في السنوات الأخيرة بدأت تتزايد.. إلى أن أصبح شيئاً شبه عادي لا نصعق عندما نسمع عنه.. ملفات الانتحار وإجازات الفتيات المرضية تملأ أرشيف مكتبي... الكل يريد أن يجرب هذه التجربة..)
وعندما سألتها عن السبب وراء هذا الانتحار قالت: (إن السبب وراء هذا الانتحار واحد! إما رغبة لم تنفذ.. أو أمر لم يُلب.. أو هم لم ينتهِ.. أو حب لم ينجح...!)
وأكملت حديثها قائلة إن الأهل أصبحوا يخافون بناتهن.. فلا يرفضون شيئاً حتى لا تصبح مثل فلانة أو فلانة..
قاطعتها قائلة: والحلقة هنا مفقودة؟؟ من المسؤول وراء ذلك الأهل أم طريقة التربية؟؟
فأجابتني: (الحوار في بعض الأسر للأسف أصبح شبه معدوم... وغياب الوازع الديني ولا تنسي أنه الحصان المنيع من ذلك المرض المتفشي بينهن ولا تنسي يا أختي أن الرفقة عامل مؤثر ومهم لا يمكن تجاهله..)
أنهيت حديثي معها بعدما أخبرتني أن كل ملف انتحار يتم معالجته بسرية وإحضار الفتاة والأهل لعدة جلسات حتى يتم معالجة الأمر.. نعم انتهيت والقضية لم تنتهِ بعد.. لا تزال صرخات الفتيات تستمر في جناح 17، والسؤال الذي يطرح نفسه.. إلى متى سيكون الانتحار حلالاً في أيديهنّ!؟
مريم العلي
**
مجلة حياة العدد (93) محرم 1429هـ
--------------------------------------------------------------------------------
(5)
هل ثمة مشاهد ( عااادية ) على جوالك؟
تشكو الكثيرات من الفتيات من الفراغ العاطفي..
أمي لا تمنحني الحنان.. أمي قاسية جداً..
أبي كذلك.. وأخوتي..
لا أسمع كلمة أحبك.. لا أسمع كلمة ثناء أو شكر أو مدح أو مودة..
أشعر بالفراغ العاطفي.. أحتاج لعاطفة..
لمن يدللني يسمعني كلمات الإطراء والحب..
أصبح من المألوف أن نرى الفتيات يتجمعن على حدة في الاجتماعات العائلية، ويبدأن في مشاهدة ما تحمله جوالاتهن من غريب ومثير من مقاطع البلوتوث. فتخرج أصوات هامسة وضحكات وموسيقى تتبعها التعليقات وطلبات الإرسال..
وحتى لا نظلم الجميع، فهناك نسبة منهن يشاهدن لقطات طريفة أو غريبة أو ذات هدف، لكن النسبة الأكبر منهن يتداولن مقاطع يعتبرنها عادية جداً ولا بأس بها.. رغم أن حدود ((العادية)) بدأت تزداد اتساعاً يوماً بعد يوم..
فأصبح من المألوف أن ترسل الفتاة لقريبتها مقطعاً عارياً لفنانة مشهورة، أو لقطة فيها تحرش أو رقص أو حركة سيئة سواء في الشارع أو داخل الغرف المغلقة..
والمشكلة الأكبر أنهن كما ذكرنا بدأن يعتبرن هذا الأمر ((عاااادي)) جداً وليس ((عيباً)) أو خطأ.. ويتداولنه دون خجل أو شعور بالذنب بل بشكل جريء جداً، وقد ترد عليك الفتاة قائلة: ما به هذا المشهد؟ لا شيء يظهر واضحاً.. إنها ترتدي المايوه.. ليست عارية!! أو إنها مجرد ( .. ) وليست ( .. ).. ومن هذه التبريرات فصاعداً..
وبهذه الطريقة أصبح من المألوف أن تريك فتاة تعرفين خلقها واتزانها مشاهد مقززة في جوالها.. وتسألك بكل عفوية إن كنت تريدين أن ترسلها لك؟!!
ليتنا نكون صادقين مع أنفسنا.. قليلاً..
ما الذي نشاهده فعلاً في جوالاتنا؟ ما هي المشاهد التي نخزنها ونسمح لأنفسنا برؤيتها؟
للأسف جوالات الكثير من الفتيات اليوم أصبحت تعج بالمشاهد التي أصبحت تزداد ((عرياً)) و((إباحية)).. و .. عاااادي!!
لذا أرجو منك الآن أن تسألي نفسك بصدق وبكل صراحة.. ما الذي أشاهده على جوالي؟
وأسألك من كل قلبي..
أن تتخيلي وأنت تشاهدين هذا المشهد ((العادي)).. هل يمكن أن تواجهي ربك به؟
إذا وقفت يوم الحساب بين يدي الله سبحانه وقد وضع الميزان وبدأت أعمالك تفضح أمام رب العالمين وأمام خلقه.. وحين يبدأ بحسابك على هذه المشاهد التي رأتها عينك.. بم ستردين عليه سبحانه؟ بم ستدافعين عن نفسك؟
هل ستقولين أنها ((عااادي)) و ((ما فيها شي))؟!
هل ستستطيعين التجرؤ بالكذب على الله سبحانه وتعالى كما تجرأت بالكذب على خلقه.. بل وعلى نفسك؟
إن هذه المشاهد.. فوق حرمتها.. مضرة لك.. فهي تلهب مشاعرك وغرائزك الكامنة.. التي يجب أن تحافظي عليها نقية طاهرة لحين زواجك..
وكم من فتاة أدمنت ممارسة العادة السيئة بسبب هذه المشاهد.. ولم تستطع الفكاك منها..
وكم من فتاة تطورت لديها عادة مشاهدة المقاطع السيئة إلى إدمان الأفلام الإباحية.. سواء على الجوال أو النت أو على السيديهات وغيره..
ولو شعرت أنك بعيدة جداً ومنزهة عن كل ذلك..
فيكفيك والله.. أنها تخدش حيائك.. حياء الفتاة الذي يشرق براءةً على وجهها وينضوي تحت انكسار عينيها.. وتفقدينه مع مشاهدة هذه المقاطع..
حياؤك الذي يجعلك أجمل وأكثر رقة من فتاة توزع المقاطع ((العادية)) لزميلاتها وقريباتها دون حرج.. لتحمل أوزارهن جميعاً يوم نبحث كلنا عن حسنة نسيناها هنا أو هناك..
أسألك مرة أخرى أن تراجعي محتويات جوالك.. وأن تبدئي في تنظيفه وتنقيته من المشاهد التي تعتقدين أنها ((عادية)).. فما جوالك إلا نسخة مصغرة من صحيفة أعمالك..
وإذا أردت أن تعرفي كيف يمكن أن تميزي الخطأ من هذه المشاهد من المسموح.. فتخيليها وهي تعرض أمامك على الله عز وجل في ميزان أعمالك.. وستعرفين حقاً هل هي عادية أم لا..
وصدقيني.. بعد تخلصك منها ستشعرين براحة عجيبة.. وطمأنينة..
لأن المعصية وزنا العين تورث ضيقاً في الصدر وشعوراً كئيباً بالذنب..
وستشعرين بالفخر بنفسك وأنك استطعت كسر حاجز قوي وانتصرت في معركة باسلة مع هواك.. لأجل ربك..
ويا له من شعور رائع.. ليتك تجربينه..
**
مجلة حياة العدد (82) صفر 1428هـ
--------------------------------------------------------------------------------