خواطر رحلة العمرة 5
ويحكَ !
رأتْ نفسُكَ منكَ ليناً معها ، فاستأسدتْ عليك ..!
وأملتْ شروطها ، وأمرتْ ونهت ، واشتطتْ وبغتْ ، واستطالت واستعرضتْ ..!
ولو أنها علمتْ قوة عزيمتكَ معها ، وعدم انصياعكَ لها ، لأعطتكَ القيادَ ،
ولقنعتْ منك بما تجودُ به عليها من الحلال والمباح .!
**
ويحكّ كذلك !
نيرانُ الشهواتِ أمامكَ ، ومن حولكَ فتنٌ كأمثالِ الجبال ،
والموتُ من ورائكَ ، يقفُ خلفكَ ظهرك مباشرة.. !
وأنتَ بين هذا وذاك تقلب نظركَ في سماء الحيرة ..!
وليسَ لكَ من منجى ولا ملجأ ولا عاصمَ إلا الله جل في علاه..
فإن أحسنتَ الإقبال عليه ، وصدقتَ الصحبة له، جاءكَ الفرج من حيث لا تحتسب
فاهتفْ ونح ، وتضرع وناجِ : يا رب سلّم ..يا رب سلم ..!
حتى تضع قدمكَ على ساحل النجاة ..!
**
إذا استقرتْ المحبةُ في جذر القلبِ لاحت أماراتها على الجوارحِ ولابد ..
لسانٌ ذاكر، وقلب شاكر ، وبدن صابر ، وبهجة محبة تلوح في سيماء الوجه .
وإنك لن تجدَ محباً حقاً ، إلا رايتهُ مبادراً إلى كلما يرضي المحبوب ..
لا يتلكأ ، ولا يسوّف ، ولا يتردد ، ولا يؤجل ، ولا يتمحك ، ولا يعتذر ..
إن هو إلا كما قال القائل :
إذا كان رضاكمْ في سهري ** فسلام الله على وسني !!
**
ليس المرادُ أن تصبح معصوماً لا تقع في خطأ ، ولا تتعثر في هفوة ، ولا تمر بوحل.. !
فهذا ما لا يكون ولن يكون ، لغير رسول الله صلى الله عليه وسلم..
لكن المطلوبَ أن تدوم على مجاهدة نفسكَ ، ولا تيأس مهما تعثرت ..
والأهم من هذا :
أن تبقى مرابطاً على فرائض الله سبحانه ، تقبل عليها بهمة ، حتى وإن تعثرت ..
**
قسمٌ كبير من عمرك يمضي في النوم ..
وقسم آخر تتقلب فيه بين مرضٍ وهموم وغموم، وحاجات معاش ومتاعب حياة،
ونكد نفسي ، ونكد مع الأهل ،ونكد مع الدراسة أو العمل !!
وضائقة خانقة من هنا أومن هناك ، ونحو هذا وهو كثير..
وقسم يذهب في حاجات بطنك _ أكلاً وشرباً _ وخلائك _ أفراغاً وألماً ..!
وقسم يضيع في مجاملات الآخرين ، وفي مجالسهم التي يكون ضررها أكبر من نفعها ..!!
وقسم أمام التلفاز والقنوات والقراءات ،وأكثرها لا يسمن ولا يغني من جوع ..!
فماذا بقي لكَ من عمرك يا مسكين ، حتى تستعد به للآخرة ، وتحظى بسببه بجنة عرضها السماوات والأرض ، ورضوان من الله أكبر ..؟!
كتبها بو عبدالرحمن