هوس الأحلام
إيمان زغلول- الكاتبة الصُّحُفية - تقول:
"النساء أكثرُ اهتمامًا بالأحلام؛ لأن عواطفَهُنَّ تتغلَّب على تفكيرهنَّ العقلي، ومن ناحيةٍ أخرى فإن انتشار تلك الظاهرة بين الناس وخِدمة الإعلام لها مؤشّرٌ سلبيٌّ؛ لأننا - أولاً - لا نبْنِي أحكامَنا ولا مسيرةَ حياتِنا على الأحلام، حتَّى إنَّنا نطلق على من يتصوَّر أشياءَ أو يتوهمها، أو يأمل في أن تتحقَّق له أُمْنِيَّات مستحيلة - أن هذه تعتبر (أحلام يقظة).
فالأحلام هي نقيضُ الواقع، ونحن نريد أن نكون شعوبًا واقعية، وذلك أفضل من أن نجري وراء الأحلام.
ومَنْ يقومون بتدعيم مثل هذه الأشياء أَعتبرهم مثل الذين يفتحون (المَنْدَل) ويضربون الوَدَع، فمعظم ما يدور في خَلَد الإنسان وهو نائمٌ أضغاثُ أحلام، وأيضًا ما يحدِّث به نفسه أو يتمنَّاه.
أمَّا الرؤى والبشارات؛ فهذه قد تحدث لأناسٍ على درجة كبيرة من التعبُّد والطَّاعات، وهم أيضًا لا يبنون عليها أحكامًا، ولا يجب أن يتباهَوا بها؛ فهي قد تكون مِنحةً من الله، وتثبيتًا لأمرٍ يعلمه المولى - سبحانه وتعالي، أمَّا أن نُكوِّن من خلالها موقفًا، أو (نُبَرْمِج) عليها حياتنا-فهذا خطأٌ، ويجب على المرأة أن تهتمَّ أكثر بواقِعِها ومشاكِلِها بدلاً من الجَرْيِ وَرَاءَ الأوهام".
د. إيهاب سيد أحمد - إِخْصَائِيُّ الأمراض النفسية والعصبية-:
يرى أن طبيعة المرأة ومِزاجها النفسيَّ يختلف عنِ الرجل؛ فهي أكثر انفعالاً وأكثرُ عاطفيَّةً، وهذا لا يمنع أنَّ هناك نساءً لا يحلُمن، وقد تجد رجالاً أيضًا يهتمون بالأحلام.
فالأحلام - عمومًا - مسألة غير مَرَضِيَّة إطلاقًا، وهي تحدث عند درجة معينة من النوم، ومعظم الناس يحلُمون - حتى الأطفال - لكن درجة تذكُّر الحُلم هي التي تختلف من شخص لآخَر حسب مستوى وعمق النوم الذي يعيشه.
والعقل الباطن والأحْداث التي تمرُّ في الذاكرة والخيالات - كل هذه عوالم يرصدها الإنسان ويَعِي من خِلالِها وهُو نائم، والأحلام العادية التي لا تمثِّل خطورة على المِزاج النفسي والحالة العصبية للإنسان مقبولة، لكن أن تتحوَّل إلى هَوَسٍ وتوتُّر وفزعٍ بالليل؛ فهذه قد تكون مؤشِّرًا لاضطرابٍ نفسيٍّ معيَّن، يجب أن يتعامل معه الطبيب المختص".
المحاولات العلمية لضبط الأحلام
د. محمود أبو سالم - أستاذ الطب النفسي- يُعرِّف الحُلم بأنه: "نشاطٌ تفكيريٌّ يُحدث استجابةً لمنبِّه أو دافعٍ ما، وهو عِبارة عن سلسلة من الصُّور أو الأفكار أو الانفعالات التي تتمثَّل لعقل المرء أثناء النوم، وقد وصف بعضهم الأحلام بأنها مسرحيات تحدث في الذهن، وتصوِّر بعض الجوانب اللاشعورية من حياة النائم.
ومُثيرات الأحلام بعضها (سيكولوجي) وبعضها (فسيولوجي):
فأما المثيرات (السيكولوجية) فتتمثَّل في الرَّغبات الدَّفينة التي تحاول التعبير عن نفسها خلال النوم، مثل الرَّغبات العدوانِيَّة والجنسية المحرَّمة التي تُكبَت في اللاوعي.
وأما المثيرات (الفسيولوجية) فتنشأ عن أوضاع كثيرة، نذكر منها - على سبيل المثال -: تناول المرء قُبَيْل النوم عَشاءً ثقيلاً، يَعجِز جهازه الهضميُّ عن هضمه، وهو ما يؤدِّي إلى حصول أحلام أو كوابيسَ.
وقدْ عرَّف بعض الباحثين الأحلام بأنها سلسلة من الصور أوِ الأفكار أوْ الانفعالات التي تتمثَّل لِعَقْلِ المرء أثناء النوم، وقيل إنها "مسرحيات" عقلية، تصوِّر جانبًا من حياة النائم غير الواعية.
ومن الناس مَنْ يزعم أنه "لا يَرى في المنام أحلامًا"، ولكن زعمه هذا غير صحيح؛ فالواقع أنَّ الناس جميعًا يحلُمون، بَيْدَ أنَّ كثيرًا منهم يعجِزون عن تذكُّر هذه الأحلام عند اليقظة.
وقد عُنِي الناس منذ أقدم العصور بتأويل الأحلام، ولكنّ دراسة الأحلام دراسة علمية منهجية لم تبدأ إلاَّ في مطلع القرن العشرين، بعد أن أصدر (فرويد) كتابه "تأويل الأحلام" عام 1899م، وقد ذهب فيه إلى القَوْل بأنَّ الحُلم ينبع من اللاوعي أو ما دون الوعي، وأنه عبارة عن رغبة مكبوتة تُشبَع عن طريق الرؤيا، والصعوبة في تأويل الأحلام إنَّما ترجع إلى أن هذه الرغبة المكبوتة تَتَبَدَّى في صورة مقنَّعَة، ومن هنا وضع مجموعة من الرموز التي تعتبر "مفاتيح" يُستعان بها على فَهْم الحُلم.
ويعتبر (فرويد) أوَّل مَنْ وضع الأسس العلمية لتفسير الأحلام؛ حيث ذهب فيه إلى أنَّ الأحلام تنتج عن الصراع النفسي بين الرغبات اللاشعورية المكبوتة والمقاومة النفسية التي تسعى لكبت هذه الرغبات اللاشعورية، ومن ثمَّ فإنَّ الحُلم عبارة عن حلٍّ وَسَط أو محاولة للتوفيق بين هذه الرغبات المتصارعة، ويلعب الحُلم عند فرويد وظيفة "حراسة النوم"، وصدِّ أيِّ شيءٍ يؤدِّي إلى إقلاق النائم وإيقاظه، فإذا أحسَّ النائم بالعطش - مثلاً - فإنه يرى في منامه أنه يشرب الماء، وبهذا يستمرُّ نائمًا، ولا يُضطرّ للاستيقاظ لشرب الماء، ولقد وضع (فرويد) مجموعةً من الرموز يُستعان بها في فَهْم الحُلم وتفسيره.
أما (ألفريد أدلر) فقد رأى أن للحُلم وظيفةً تَوقُّعيَّةً؛ أي: إنَّ النائم يتنبَّأ من خلال الحُلم بما يمكن أن يواجهه في المستقبل.
أما (كارل يونغ) فكان يقول: "إن الحُلم ليس فقط استباقًا لما قد يحدث في المستقبل، ولكنه ناتجٌ عن نشاطات اللاوعي". وهو يرى أن الأحلام تقدِّم حلولاً لمشكلات الشخص، في محاولةٍ لإعادة التوازن إلى الشخصية.