|
السلامؤ عليك ورحمة الله وبركاته ,
أخانا الكريم,
بارك الله لك وعليك وأكثر من أمثالك من اللذين حبب الله اليهم الايمان وزينه في قلوبهم وكره
اليهم الكفر والفسوق والعصيان ,جعلنا الله وايك من الراشدين فضلا منه ورحمه انه هو السميع
العليم.
أخي بارك الله فيك التمست من حديثك هذا صدقا واسعا وحرصا علي الخير جعلني استشعر بفضل
الله كل كلامك تقريبا واستشعر ما تمر به من ضيق فرج الله عنك وعن أمثالك وعن كل مسلم
برحمته وعونه وكرمه انه ولي ذلك والقادر عليه.
أخي في الله ان الله عز وجل بعث نبييه محمد صلي الله عليه وسلم بالهدي ودين الحق ليخرج
الناس من الظلمات الي النورباذن ربهم ويهديهم اليه صراطا مستقيما.
واختار من عباده عبادا أراد لهم الهداية فشرح صدورهم للاسلام وهداهم الي الايمان وجعلهم من
خير البرية عنده سبحانه.
ولما كان القيام بهذا الدين أمر ليس باليسير وتبليغ رسالة الله الي خلقه والدعوة اليه سبحانه ليس
بالأمر الهين - ذلك لما في النفس من ميل الي الراحة وحب للتنعم - كان من الله عزوجل ومن
فضله علي هؤلاء العباد أن قدر عليهم أمورا صعابا عظيمة الثقل علي النفس ولكنها عظيمة الأثر
في تربيتها وتأديبها وتمحيصها من كل سوء وشر وشرك مخلفة علي العبد حسن اللجوء لله وحده
واخلاص العبودية له سبحانه وطلب النفع من وحده وطلب دفع الضر منه وحده دون سواه .
فترتقي هذه النفوس التي أنعم الله عليها عن أنواع الشرك ظاهرها وباطنها وتتعلم كثيرا من
الخصال الطيبة النافعة ألا وان أحسنها " الصبر" علي هذا الضر ثم " اليقين" بالله وآيته ونصره
وتفريجه للهموم وقدرته علي ذلك سبحانه ,
فاذا أتم الله علي هذا العبد هاتين النعمتين بفضله وكرمه ورحمته سبحانه كان أهلا لحمل الأمانه
وتبليغ الرسالة , فقد قال الله عز وجل في كتابه الكريم في سورة السجدة :
"وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون " الآية 24
فمن أجل الوصول الي ذلك الفضل من الله عز وجل وهو حمل أمانة الرسالة وتبليغ أوامر الله
لخلقهه والنهي عن المنكرات والقيام بموجبات الشريعة علي أحسن وجه, كان لابد من سلوك تلك
الطرق الوعرة والتدرب علي مواجهة الصعاب والتدرب علي المرونة في مواجهة ظروف الحياة
المتقلبه بطبعها , ليتعلم العبد "أنه لله" ليس له من الأمر شيء و"أنه لله راجع" ليس له في هذه
الدنيا طويل عيش , وأنها ما هي الا أيام يغرس فيها طيب البذور حتي يحصد فيها ثم في الآخرة
أطيب الثمار . فتسمو نفسه وتعلو عن الصعاب وتعلو همته لبلوغ المراد علي أمل ويقين من توفيق
الله له الي كل خير دنيي وأخروي , فقد علم أن أمره بعدما أنعم الله عليه بالايمان قد صار كله له
خير,فقد قال رسول الله صلي الله عليه وسلم :
" عجبا للمؤمن ، لا يقضي الله له شيئا ؛ إلا كان خيرا له" . ( صحيح )
السلسلة الصحيحة المجلد الأول رقم الحديث 148 .
فياله من فضل واسع من الله علي عباده هؤلاء أن اعتني بهم تأديبا وتوجيها ونصحا,
ووضعهم بفضله علي أعتاب طريق ليس له نهاية الا الجنة باذن ربهم خالين فيها لهم ما
يشاءون فيها ولهم من ربهم المزيد لا تعلمه نفس ولاخطر علي قلب بشر.
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الله عز وجل أعددت لعبادي
الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر قال أبو هريرة ومن
بله ما قد أطلعكم الله عليه اقرءوا إن شئتم ( فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين
جزاء بما كانوا يعملون ) صحيح ابن ماجة2 رقم الحديث 3494.
جعلنا الله واياك من هؤلاء وجعلنا برحمته من الشاكرين لأنعمه المحافظين عليه.
بعد هذه المقدمة المفصلة التي أعتذر عن طولها لمن وجد فيها اطالة , ولكني أردت أن
أبشرك يا أخي الفاضل بما أنت فيه وعليه من الخير وبما هو قادم عليك باذن الله ورحمته
من الخيرات التي لاتعد ولا تحصي ومفتاح زيادتها الدائمة وبركتها هو التقوي وشكر الله
عز وجل .
فاحمد الله يأخي علي ما أنت فيه من الخير - فقد قال تعالي :
"واذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم " سورة ابراهيم الآية 7-
وأحسن الظن بربك جل وعلا :
قال الله عز وجل : عبدي ! أنا عند ظنك بي ، وأنا معك إذا ذكرتنيسلسلة الصحيحة5 ,رقم الحديث2021
واستعذ بالله من الشيطان الرحيم وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن
يحضرون.
وأكثر من الاستغفار فهو من أسباب نزول الرحمات قال الله تعالي :
"قال يا قوم لم تستعجلون بالسيئة قبل الحسنة لولا تستغفرون الله لعلكم ترحمون" سورة النمل
الآية..46
واحرص علي استحضار نيتك واخلاصها لله عز وجل قبل كل شيء حتي لو كان نوما أو مرحا
أو عملا فقد قال الله تعالي "قل ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين"
وفي الحديث الصحيح :
"...--- فقال أحدهما معاذ بن جبل أما أنا فأنام وأقوم أو أقوم وأنام وأرجو في نومتي
ما أرجو في قومتي " ( صحيح ) _ وأخرجه البخاري ومسلم .
واتق الله ما استطعت وأنت مستشعر قول الله عز وجل:
[ يقول الله عز وجل : من عمل حسنة فله عشر أمثالها أو أزيد ، ومن عمل سيئة فجزاؤها مثلها أو أغفر ، ومن عمل قراب الأرض خطيئة ، ثم لقيني لا يشرك بي شيئا ؛ جعلت له مثلها مغفرة ، ومن اقترب إلي شبرا اقتربت إليه ذراعا ، ومن اقترب إلي ذراعا اقتربت إليه باعا ، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة ] . ( صحيح ) .
السلسلة الصحيحة2-رقم581.
فأقبل علي الله وأنت واثق من اقباله عليك , وحدث نفسك بما أنعم الله به عليك في دينك
ودنياك من دفع المضرات وحصول الفوائد ,ففي هذا سبب لانشراح صدرك وذهاب همك ,
واعلم أن صبرك الآن سبب باذن الله في جمع شملك بأهلك وأحبابك وأن وراءه يسر ستقر
به عينك , واستمع لقول الله تعالي في نبييه أيوب عليه السلام في سورة الأنبياء:
" فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ"
وتأمل قول الله عز وجل في سورة يوسف:
"قَالُوا أَإِنَّكَ لأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ "
كان الله في عونك وهون عليك غربتك وءانسك في وحشتك وردك الي أهلك سالما غانما وردهم
عليك ردا تقر به عينك .
أسال الله لك التوفيق والسداد وصلي الله علي محمد وعي آله وصحبه وسلم
والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.
|