نبحث عن إنسان
لا غرابة في الشعور بالغربة الذي يجتاحنا ،، لا غرابة فقد كان ولا يزال وسيظل ..
هكذا كنا وهكذا سنكون ..
كلنا يبحث عن إنسان ، وكل منا في داخله يسكن ذلك الإنسان غربة موحشة تطوقنا بكل قوتها ولا نستطيع حتى أن نتنفس الهواء خارج شرنقتها عنا نحتاج ولاشك لذلك الإنسان الذي يبدد كل تلك الغربة التي نشعر بها في داخلنا ذلك الإنسان الذي يحتوي كل آهاتنا ، بل كل أنفاسنا الحائرة .
نبحث عنه حتى داخل ذاتنا ، فنجد ملامحه وبعضا من معالم شخصيته ولا نجده ،نجده يحاول احتضاننا قبل أن نحتضنه ، يحاول مناجاتنا والهمس بداخلنا أنه موجود حتى قبل أن نحاول التقاط أنفاسنا ولكننا لا نجده ، وكلما بحثنا عنه حولنا ، في واقعنا ،، بل حتى في أحلامنا لا نجده وكلما حاولنا عبثا أن نوهم أنفسنا بوجوده ، باءت محاولاتنا بالفشل ، فنعود للبحث عنه من جديد ، ونلجأ لذاتنا نناجي ملامحه غير الواضحة ، نحتضنها ونبث لها كل آهاتنا لعلنا نرتاح ونهدأ وتستكين أنفاسنا .
وبين هذا وذاك ، نعيش الغربة المؤلمة ، وتتعثر خطواتنا بين ألم الواقع وأمل الأحلام ، فيسرقنا الوقت فتزداد الظروف قسوة والقلب وحشه والأيام ضراوة والغربة ألما .
فلكل من وجد ذلك الإنسان واقعا لا تفرط فيه ، وتجاوز عن الكثير من هفواته واحتضنه حبا وأملا واهمس له واقعا وخيالا .
ولكل من لا يزال باحثا ، غلف بالأمل بحثك وقلبك ، وعش واقعك كما هو ، واصنع حدودا فاصلة بين ما يستوطنك حلما وما يطوقك واقعا ، واكبح جماح حلمك بقيود واقعك حتى لا تخسر الاثنين ، واقع حلمك وحلم واقعك ،،
فبالأمل نعيش واقعنا وبواقعية ناضجة نحتضن أحلامنا .
وبين هذا وذاك تمضي أيامنا ويسير بنا العمر بسعادة ، فلنغلف قلوبنا بحب الحياة وبجمال الأمل فليس منا من لا يشتكي ويتألم ،، وليس منا سعيد مطلقا أو تعيس مطلقا .
فلننظر لألمنا بايجابية الأمل ، ولنقتنص من سعادتنا مشاعرا جميلة نواجه بها ألمنا إن حضر ولنوازن بين ما نريد ونتمنى وبين ما نحن عليه .
وأخيرا فلنحتضن ذلك الإنسان بداخلنا ولنعش واقعنا بأمل وأحلامنا بواقع ..
بقلم عبد الكريم المطيري